لا نتوهَّم أنَّ ما ننشر من مقالات لنا هُنا في "الحياة الجديدة" وما تُقدِّم هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية من خطاب وطني بليغ بمهنية رفيعة، سيُغيِّر وجه التاريخ، لكنَّنا نثق أنَّه سيكون بعض وثائق التاريخ للموقف الوطني والأخلاقي في دفاعه المبدئي والشجاع عن مشروع فلسطين التحرري، وعلى نحو خاص المقالات وبرامج الحوارات التي تتصدّى لهرطقة قيادات "حماس" وناطقيها، بحكم أنّ هذه الهرطقات هي اليوم أكثر ما يُسيء لفلسطين القضية، والسيرة التاريخية المجيدة، والمسيرة النضالية البطولية، والمشروع الوطني التحرُّري المحمول على أنبل القِيَم الأخلاقية الوطنية والإنسانية، وبحكم أنّ هذه الهرطقات أيضًا ما عاد لها من غاية سوى مواصلة التآمر على الشرعية الفلسطينية، الدستورية والنضالية، والتشكيك بها، والتحريض على قائدها الرئيس أبو مازن، وَفْق ما تريد صفقة العار الأميركية الصهيونية!!

ولا يهرطق الحمساويون قيادات وناطقين رسميين، إلّا لأنّهم أدوات وتبع وعلى نحو العبد الذي لا يقوى على مواجهة سيده لو أراد، والمحزن حقًّا، أنَّ هؤلاء الهراطقة لا يُفكّرون للحظة بأية مواجهة مع "السيِّد" المموِّل أوّلاً، والمرشد العام في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ثانيًا، والطامّة الكبرى في ثالثًا حيث هو الاحتلال الإسرائيلي الذي بات يُهندِم الطاعة الحمساوية في تفاهمات "التهدئة"!!!

سيُنصفنا التاريخ في هذا الإطار في الوقت الذي سيحكم فيه على كتابات إلكترونية أغلبها، تهرّبت من التصدي لهرطقات "حماس"، بأنَّها لم تكن غير كتابات الخديعة، والتنصُّل من مواجهة الحقيقة والواقع، وتحمُّل مسؤوليات هذه المواجهة، ولغايات انتهازية فحسب، وبعضها لغايات الأستذة (!!) التي لا تريد مغادرة أبراجها العاجية على وهم أنَّها بذلك ستبقيها خارج المساءلة والمراجعة والمحاسبة التاريخية!!

اقرؤوا حتى دون تأمّل تصريحات قيادات "حماس" وناطقيها لتعرفوا مستوى هرطقتها المهول وإليكم بعض نماذجها: محمود الزهار يقول "الرئيس عبّاس يعطل المصالحة، ولا يُمكن أن يقبل بخيار الانتخابات لأنّه يدرك تمامًا أنّه سيُحقِّق صفرًا كبيرًا"، لا شيء يجعل من هذا الكلام يقينًا عند الزهار سوى الهرطقة التي تعني أيضًا الزندقة، والزندقة هي البدعة في الفقه الإسلامي، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة إلى النار.

العالم كلّه يعرف حقَّ المعرفة أنّ الانتخابات من الثوابت المبدئية عند الرئيس أبو مازن، وبتمسّكه بها طريقًا لخيارات الشعب الحُرّة، ما زال لا يرى سواها لدحر الانقسام البغيض، وما زال يقول تعالوا إلى صناديق الانتخابات ليقول الشعب كلمته ولا يقلقه ما ستكون النتيجة لأنّه مؤمن بصواب الوسيلة الديمقراطية، أمَّا أنّه سيُحقِّق صفرًا كبيرًا فيها (!!) فلأنّ الزهار ليس ابن الواقع الفلسطيني، ولا ابن الوطنية الفلسطينية، ولا هو من أصحاب التعقُّل والتفكُّر في محصّلة الأمر، فلذلك لا يرى سوى الصفر الذي لا وجود له سوى في مخيّلته المريضة، وهو يتجاهل على نحو مغلول، مشهد التأييد الشعبي العارم للرئيس أبو مازن في حملة #اخترناك والذي كانت عليه فلسطين وأينما كان الفلسطينيون في الأيام الثلاثة الماضية.

نموذج آخر من هرطقات "حماس"، تصريحات ناطقها الرسمي، الذي اسمه عبد اللطيف القانوع، وفي هرطقات قانوع هذا العجب العجاب وإليكم ما قاله: "إيهام شعبنا من قِبَل قيادات "فتح" بأنَّ رئيس السلطة الوطنية، يتعرّض لضغوط ويخوض معركة لمواجهة صفقة القرن، تدليس وكذب لا ينطلي على أحد ومحاولة لتجميل موقفه المتساوق مع صفقة القرن"!! وحقًّا (مجنون يحكي وعاقل يسمع)، لكن على خالد مشعل الذي أقرّ في تصريحات له، تنصَّلت منها "حماس"، إنَّ الرئيس أبو مازن يتعرَّض لتلك الضغوط ويحارب صفقة القرن، أن يردَّ على هذه الهرطقات، لأنَّ القانوع كان يهاجم فيها أساسًا تصريحات رئيسه السابق، بل ويتهمه بالغفلة التي جعلته يصدِّق إيهامات قيادات "فتح"!!

ليس الحصار المالي الذي تفرضه إدارة ترامب على السلطة الوطنية، والذي جسَّدت (إسرائيل) مؤخّرًا أقبح حلقاته في قرصنتها لأموال المقاصة الفلسطينية، ليس هذا الحصار في هرطقات القانوع، يعني ضغطًا على الرئيس أبو مازن ليتراجع عن موقفه الرافض لصفقة العار الأميركية الصهيونية، وليس ثبات الرئيس أبو مازن على موقفه الحاسم برفض هذه الصفقة وتحديه للحصار المالي بقراره عدم استلام أموال المقاصة الفلسطينية، إذا ما نقصت قرشًا واحدًا، لأنّ الشهداء والأسرى خط أحمر في العقيدة الوطنية الفلسطينية، ليس في هذا الثبات وهذا القرار للرئيس أبو مازن في هرطقات القانوع ما يشير إلى خوض الرئيس لمعركة التصدي لصفقة العار!!! أي وهم يتحكم بهؤلاء الهراطقة؟؟ أي غباء يقودهم إلى سقط الكلام ومهالكه؟؟؟ من أيّة حاضنة خرج هؤلاء إن لم تكن هي حاضنة العتمة والخبث والحقد والكذب، الذي تؤصله جماعة الإخوان المسلمين في حركة "حماس" تحديدًا كمنهج وحيد لها، وقُلنا ما قاله الواقع وأكّده، أنَّ متلازمة الكذب باتت حقًّا هي متلازمة "حماس"، وهذا ما سيسجّله التاريخ لنا، ونحن نضع بلا وجل وبدون تردد النقاط على حروفها بكلِّ هذا الشأن، لأنَّنا لا نريد لأحد من الكل الوطني أن يضيع البوصلة، لنسقط صفقة العار وأدواتها مرة وإلى الأبد.