كيف لنا الحديث عن حماية المشروع الوطني فيما شوارع الصمود والثبات والمقاومة الشعبية السلمية ليست سالكة كما يجب؟! فكما أنّ الفكرة تحتاج من يحميها لتمضي إلى وعي الناس بسهولة ويسر، فإنَّ تبنّي الناس للفكرة والوصول إلى محطّة التجسيم لا يتحقق إلّا بالطرق السليمة شكلاً ومضمونًا.

متى سيستجيب رؤساء البلديات والمدراء كلٌّ حسب اختصاصه لنداءاتنا كمواطنين في الخروج من ديكورات مكاتبهم إلى الميادين؟! لا نريد منهم الاشتباك مع جنود الاحتلال كما يفعل الشباب، وإنَّما لخوض معركة مواجهة مباشرة مع الشوارع الرئيسة والفرعية المرصوفة الشهيرة بالحفر، وشقيقاتها الصغرى اللا مرصوفة التي لا يصح تسميتها إلا بالصخرية نظرا لوعورتها، رغم أنا أصبحت منافذ أمان للمواطنين كلما خطر ببال عسكر الاحتلال الإسرائيلي التحكم بمفاصل شوارعنا الرئيسة خارج المدن وشوارعها الداخلية .

المعاينات الميدانية والزيارات المفاجئة في أوقات الذروة ليست من اختصاص الوزراء وحسب وإنَّما مسؤولية الوكلاء والمدراء العامون ومدراء الدوائر، فهذا الأمر خير سبيل لمعرفة الاحتياجات الواقعية على الأرض، فأوضاعنا لا تحتمل ترف الرؤى والنظريات والمخططات غير القابلة للتطبيق إلّا إذا توفّرت السيولة بعشرات الملايين لتنفيذها، خاصّةً إذا أدركنا استحالة تجسيم بعضها بسبب واقع الاحتلال وسيطرته على مفاصل ومراكز الجغرافيا الطبيعية.

نحنُ نحتاج إلى مشاريع عملية صغيرة تُنفّذ بسرعة لكن تأثيرها الإيجابي كبير وناجع ومجد على حيواة وحُريّة حركة المواطنين، فالمحافظات والبلديات بإمكانها حصر كلّ الشوارع الفرعية التي تمكن المواطن من الالتفاف على حواجز الاحتلال والوصول إلى مكان عمله والعودة إلى موطنه وبيته، وإطلاق ورشات عمل وطنية يمكن للجميع المساهمة فيها كل حسب قدراته وإمكانياته، فالعمل الوطني يتجلى بالتضامن والتكامل.

نعتقدُ أنّ خطة وطنية شاملة تنظمها المحافظات والبلديات بالشراكة مع شركات وطنية كبرى للإنشاءات كفيلة بأقل التكاليف المساهمة في برنامج المقاومة الشعبية السلمية، عبر تسخير مقدرات معينة لصالح خدمة الجمهور في مواقع وأماكن حساسة في الوطن، هي في الواقع مفاصل رئيسة وهامة لديمومة الحركة اليومية للمواطنين، وكسب عيشهم وأقوات أيامهم، لأنّنا نعيش منهج مقاومة سلمية يتطلب استمرار دوران عجلة الحياة، مع تحمل تبعات رد فعل الاحتلال دون انعكاس ذلك سلبيًّا وكليًّا على المواطن!

عندما يُغلق الاحتلال الشارع المحاذي لمستعمرة وثكنة (بيت إيل) مثلاً، يتّخذ المواطنون سبلاً أخرى للوصول إلى مراكز أعمالهم، لكنّ الكثير منهم يتحاشى الوقوع في حقل ألغام الازدحام في الشوارع الثانوية، أو المجازفة في السير على الصخور والسقوط في الحفر، فكيف إذا كانت المنخفضات الجوية عاملاً معيقًا ومعرقلاً تمامًا كما تفعل الغارات الوهمية في نفوس الناس، أو قل كما يحدث عند حصول قصف مدفعي أو جوي غير دقيق.

الشوارع الفرعية التي علَّمتها عجلات سيارات المواطنين الباحثين عن اقصر الطرق للوصول إلى أعمالهم تحتاج إلى نظرة شاملة، وخطة عملية سريعة لتحسين وضعها في الحد المعقول الذي يسمح للمواطن من التنقّل عبرها حال تضاعفت جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ومخالفاته للقانون الدولي في فرض الحصار الجماعي على المواطنين، ومنعهم من التنقل بحرية في وطنهم ليس عند كل حدث أمني، بل كلّما خطر على بال قائد منطقة أو وحدة عسكرية أو ضابط التشفي بالمواطنين والانتقام منهم وفرض سلطته بسطوته العنصرية العميقة.

قد يتمكَّن مسئول أو رجل ميسور يملك عربة رباعية الدفع من قطع الوديان والتلال، لكن المواطن دافع الضرائب يحتاج إلى شارع ولو ترابي ولكن مستوٍ على الأقل.