يُصرُّ البعض على وجهة نظره من باب (العناد) (المكابرة) ممَّا يجعله غير قادر على رؤية الحقيقة والتعامل معها حتى ولو كانت ظاهرة كالشمس، ويصرُّ البعض الآخر على رأيه من باب (المعارضة) فالمعارضة لدينا في فلسطين يجب أن ترفض وتعترض بغض النظر عما ترفضه أو ما تعترض عليه، وطبعًا تجد بعض أبطال وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوكيين) في موقع المعارضة والرفض من باب (خالف تُعرَف).

الحقائق لا تحتاج إلى (عناد) و(مكابرة) ومَن يفعل ذلك في عالم السياسة فهو مصاب بالعمى السياسي ومصيره الانكفاء والتراجع والخسارة، والحقائق كذلك لا يمكن التعامل معها بمنطق (المعارضة) الدائمة بل يجب أن نتعامل معها بمنطق الوعي لهذه الحقائق وأسباب الوصول لهـــا فلو كانت هذه الحقائق إيجابية يتم البناء عليها ولو كانت سلبية يجب معرفة الأسباب التي أدّت للوصول لها ومن ثم إيجاد أفضل الحلول للتعامل معها.

وطبعًا بات من الصعب تثبيت الحقائق والتعامل معها في ظل (ثوار الفيس بوك) و(مجاهدي توتير) الذين من الممكن أن يكونوا يساريين جدًّا أو يساريين ويمينين متقاعدين ومن الممكن أن يكونوا إسلاميين جدًّا جدًّا أو قوميين جدًّا ولكنهم بالأغلب يعانون من الفشل والإحباط وعدم القدرة على تحقيق أحلامهم، ولهذا تجدهم يعيشون في عالمهم الافتراضي الذي يمنحهم الفرصة ليكونوا أبطالاً (في عدد اللايك) وفقط من على قاعدة (خالف تُعرَف) التي لا تعترف بحقائق، فكل مواقف أبطال التواصل الاجتماعي هي لإرضاء الذات وللهروب من حالة الفشل والإحباط والعزلة على قاعدة (خالف تُعرَف).

كلُّ ما سبق لفت نظري وأنا أشاهد بعض التعليقات على النجاح الحقيقي الذي حقّقته الدبلوماسية الفلسطينية في إسقاط التصويت ضد "حمــــاس" في الأمم المتحدة.

وهنا للتوضيح...

النجاح الدبلوماسي الفلسطيني في إسقاط التصويت ضد "حمــــاس" هو نجاح حقيقي، وهو حقيقة راسخه ينكرها فقط مكابر عنيد أو مُعارض أعمى أو باحث عن بطولة على قاعدة (خالف تُعرَف).

نعم هو نجاح بل نجاح صعب جدًّا بسبب مواقف "حماس" السياسية والإعلامية غير المقبولة دوليًّا وإقليميًّا وبسبب تحالفات "حماس" السياسية وانحيازها غير المسؤول في الكثير من المواقف والملفات.

ومن المهم التذكير أنَّ وجود "حمـــاس" خارج منظمة التحرير الفلسطينية الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وعلاقة "حماس" بجماعة الإخوان المسلمين أضرّت بـ"حمــاس" وجعلت التصويت صعبًا جدًّا على العديد من الأصدقاء والحلفاء.

ولا يجب أن ننسى دور (إسرائيل) الذي مارسته لتشويه (حماس) ولتشويه حق شعبنا في الدفاع عن نفسه ممَّا أثّر على قدرة العديد من الأصدقاء للوقوف معنا.

بالمحصلة مع صعوبة التصويت واشتباه الموقف إلّا أن الدبلوماسية الفلسطينية مدعومةً بالعديد من الدول الشقيقة وبالعديد من الأصدقاء في العالم نجحت في إسقاط التصويت ضدّ "حماس".

بالنسبة لي ما قامت به الدبلوماسية الفلسطينية هو واجبٌ وطنيٌّ لأنّ فلسطين أكبر من أي تنظيم ولأنَّ الخلاف السياسي مقبول في الإطار الوطني وعلى "حماس" أن تتعلّم من الدرس بعيدًا عن التكبّر والعناد.