مجددا صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي الموافق 16 من اكتوبر الحالي (2018) لصالح فلسطين كدولة بمنحها صلاحيات إضافية لقيادة مجموعة الـ 77 + الصين عام 2019، بعدما انتخب الرئيس محمود عباس، رئيسا لها صباح يوم 27 سبتمبر الماضي وقبل إلقاء خطابه الهام أمام منبرها بوقت قصير، وصوت لصالح القرار الأممي 146 دولة، واعترضت عليه 3 دول، وامتنعت 15 دولة، وغابت 21 دولة.
وتضمن القرار منح ممثلي فلسطين: حق الإدلاء بتصريحات باسم المجموعة، التي يبلغ عدد أعضائها 134 دولة، وتشكل قطبا دوليا هاما، بالإضافة إلى حق المشاركة في صياغة المقترحات، وتقديم التعديلات المناسبة على مشاريع الإقتراحات، وحق عرض المذكرات الإجرائية ذات الصلة بعمل المجموعة. وينص القرار على، أن دولة فلسطين جزء من أدوات عديدة أبرمت برعاية هيئة الأمم المتحدة، وبأنها عضو كامل العضوية في العديد من المؤسسات وأجهزة الأمم المتحدة. وكما هو معلوم فإن المجموعة أنشئت في الأساس لدفع مصالح المجموعة الاقتصادية لمنحها قوة تفاوض مع الآخرين.
ووفقا لما تقدم، فإن القرار الجديد يعتبر انتصارا لفلسطين، ونجاحا للدبلوماسية الفلسطينية، وتعزيزا لمكانة دولة فلسطين في المحافل الأممية، وتأكيدا للحقوق الوطنية، وتمسكا بموقف السلام والشرعية الدولية، وحماية للدول والشعوب الضعيفة، وتعزيزا لدور ومكانة المجموعة كقطب دولي هام، لا يمكن تجاوزه، أو إغفال ثقله السياسي والاقتصادي والثقافي. وبذات القدر يعتبر رفضا لسياسة الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل الاستعمارية، وعزلا لها، ومحاصرة تغولها واستباحتها للهيئة الدولية، وتعزيزا للمكتسبات الإنسانية، التي تحققت طيلة العقود الماضية من عمر الأمم المتحدة.
كما أن الإنجاز الفلسطيني يعتبر إضافة كمية ونوعية للدولة الفلسطينية، والدفع بها قدما للأمام في المنبر الدولي الأهم، وتقريبها خطوة جديدة من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. ويكرس مكانة القضية الفلسطينية، كقضية أساسية من قضايا العالم، وعلى رأس الأجندة الأممية للأهمية، التي تحتلها كمحور رحى في بناء ركائز السلام العالمي، لا يمكن تجاوزها، أو القفز عنها وتجاهلها.
ولا يمكن في هذا المضمار نسيان دور الشقيقة الكبرى، مصر المحروسة، التي تبنت الاقتراح، ولا الدول التي صوتت لصالحه، وأكدت من خلاله، انها لم تعد تخشى العصا الأميركية الغليظة، ولا لغة البلطجة الترامبية، ولا ممثلته الهندية الأصل المطرودة من منصبها نتيجة فسادها وفضائحها. وهو ما يعطي مصداقية للاجتهادات السياسية لممثلي الدول المختلفة، بأن البعبع الأميركي لم يعد يخيف احدا، لا سيما أن راعي البقر تراجع دوره ومكانته الأممية. وخرجت الأقطاب الدولية عن عصا الطاعة الأميركية، وأمست شريكا ومنافسا له في التقرير بمصائر ومستقبل البشرية كلها.
اضف إلى أن القرار الأممي الجديد يعطي الأمل للفلسطينيين جميعا، بإمكانية تحقيق الأهداف الوطنية، رغم قتامة المشهد الناتج عن إنفلات السياسة الأميركية من عقالها، وتماهيها مع سياسات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وركوبها ظهر المجن في مطاردة المصالح والحقوق الوطنية المشروعة المستندة لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.