"حركة فتح مجموعة مرتزقة، وهي حركة بلا برنامج و السلطة دمرت فتح، وأبو مازن حصان خاسر، والحصان الهرِم يتم التخلص منه بالقتل"... هذا مما قاله صلاح البردويل من قيادة "حماس" في غزة، وهذه ليست المرة الأولى، وإنما يتحدث بمثل هذا الخطاب للمرة الأربعين على الأقل، و لكن هذه المضامين بالنص جاءت في لقاء له على فضائية التحريض التابعة لحماس الباثة من غزة يوم 16/06/2015 هكذا افتتحت كلمتي بالمجلس الثوري لحركة فتح لابراز مستوى الخطاب الذي وصل اليه البعض في "حماس" الرافض للوحدة الوطنية، ولا أريد أن أصفه فهو لا يحتاج لتوصيف، وكي لا أخرج عن الرزانة.
كان مبرر حديثي في الموضوع هو ضرورة التفريق بين الحب والتسامح وأدب الخطاب من جهة، وبين التهاون والإهمال، فتهاون حركة فتح في كثير من الأمور الداخلية أو في الإطار الوطني بالعلاقة مع المخالفين أوصلنا لحالة صعبة من الفوضى.
ألم يكن من الأجدر أن يتم الرد على عشرات التُهم وطرائق التحريض المباشر التي تصل لحد التحريض على القتل بشكل علمي وبشكل قانوني؟
بمعنى أن لا يقتصر الرد على رد سياسي أو إعلامي فقط، وألا يتجه قطعا نحو الشتم والردح والاسفاف المماثل كما هو حاصل من بعض نواطق "حماس" فالرد الواجب قانونيا هو مخاطبة إدارة "القمر الصناعي" بوقف مثل هذه النشاطات، أو اللجوء للقضاء، ومخاطبة المحطة، ومخاطبة المتحدث.
إن منطق إثارة الكراهية والحقد بتأليب الشعب ضد بعضه "غزة مقابل ضفة، ونحن مقابل هم أي حق وباطل، والمقاومة مقابل المستسلمين أو الخونة، والمؤمنين مقابل المرتدين....الخ"  وكثير من ألفاظ التحريض على البغضاء وعلى الفتنة الداخلية والعنف والقتل هذا المنطق في الإطار الوطني يجب التعامل معه بحزم، وألا وجدنا أنفسنا نعيش على جانبي حاجز نفسي ضخم، وهو ما يجب مقاومته بقوة سياسيا وفكريا وإعلاميا وأيضا قانونيا.
لم لا تُرفع قضايا قانونية ضد الأشخاص، وضد المحطة أوالمحطات الفضائية، وضد القمر المضيف لها إن لم يستجِب لشروط البث المفترض أنه ملتزم بها، لا سيما أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان والشِرعة الدولية لحقوق الانسان تحرّم التحريض على العنصرية والحقد و العنف بوضوح، هذا أولا كما أن مبادئ البث الفضائي المرتبطة بالأقمار الصناعية ملتزمة بمواثيق تحرم ذلك، ولنا عديد الأمثلة التي أُغلقت عشرات الفضائيات بسببها كما حصل في فرنسا، وعبر قمر (يوتيل سات) وفي مصر عبر قمر (نايلسات)، حيث أغلقت فرنسا أحدى الفضائيات من على القمر الفرنسي لسبب التحريض ضد ديانة أخرى، وأغلقت فضائيات السحر والشعوذة على (نايل سات) كما فضائيات الشحن الطائفي.
إن الخصومة و حق الاختلاف لا يعطي أي شخص حقا بأن يشتم الآخر أو يطعن به، أو يجرد الحسام لاتهامه في شرفه أو دينه أووطنيته، فما بالك و التهمة تطال تنظيماً كاملاً، فان لم يكن فيما بيننا تعامل أخوي نحترم فيه اختلافاتنا ونحترم اتفاقاتنا فنحن في حرب لا أخلاقية، وهو ما نراه يوميا من هذه الفضائية (او تلك) التي تعتمد سياسة التحريض على العنف والقتل الفلسطيني الآخر كما سياسة المناطقية (بين غزة والضفة) وسياسة بث الأحقاد والتمييزوالتشهير ما لا يصح السكوت عليه.
 لقد كان في سكوت حركة فتح على مؤشرات الفتنة في خطاب متطرفي"حماس" أن أصبح الانقلاب لعام 2007 شرعيا في غزة، وله من المنابر ما أسقطت القانون والضمير والدين تحت أقدام التغطي الموهوم بالقداسة أو المقاومة.  
إن مقاضاة المخطئ واجب، ولا يغفرللمخطيء أن صلىّ و صام وقام فأداء حقوق الناس واجب، كما لا تغفر له البندقية التي يجب ان تحتفظ بشرفها في كل نِزال.
إن حركة فتح المحبة الغامرة المعتمدة على الأدب في التعامل التي تساهلت وتراخت الى حد التسيب مع مؤشرات الفتنة قديما و حديثا لا يمكنها أن تظل كذلك اليوم، وعليها التحرك ولحراكها صدى لأن الشعب الفلسطيني محترم ومتسامح ويرفض الإساءات، ولأن في "حماس" من العقلاء عدداً يرفض مثل هذا الخطاب الدموي التحريضي التفريقي، وهم من يجب العمل معهم، وفي نفس الإطار لا بد لاستخدام الحجة مقابل الحجة دون إسفاف أو تهكم أوكذب، ولا بد من الاحتكام للقانون.
قال العلامة هاني فحص رحمه الله (أنا أحب فتح لأنها بنت فلسطين، وأحبها لأنها أم فلسطين وأحبها لأنها تشبه فلسطين، ولا أقبل أن يختلط الشبه بالشبهات)، وهو رجل الدين المعمّم، العلوي النسب المعتز بنسبه، الذي لم تعامله الحركة بتميّز عن غيره رغم ذلك، ولم يتكدر أبدا، لأنها منحته الحب والعشق والاحترام والأدب بالتعامل الذي ظل يذكره طوال حياته.