سبعون عاماً، والرايات مرفوعة، والأصبع على الزناد، نودّعُ الشهداء، ونستقبل الأسرى، والقرار حرٌّ فلسطينيٌّ.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات...

يا شعب الجبارين الذي لا يهدأ ولا يستكين رغم إرهاب الصهاينة المجرمين.

سبعون سنة مرت على نكبة شعبنا وتشريده بقرار استعماري صهيوني على مرأى ومسمع العالم بأسره، وخاصة الأمتين الإسلامية والعربية. على مدار سبعين عاماً لم نرفع الرايةَ البيضاء، وإنما حافظنا على أعلامنا وراياتنا شامخةً مرفوعة، وظلَّ الأصبعُ على الزناد، والجباهُ مرفوعة، نودِّعُ الشهداء قافلةً إثر قافلة، ونستقبل الأسرى بعد عقودٍ من التعذيب والمعاناة والآلام بعيداً عن أهلهم وأُسرهم، على أمل اللقاء هناك على قمم الجبال، ومروج الوطن الخضراء، والتلال والهضاب.

يا جماهير شعبنا لقد صمدتم، وضحيتم، وقاومتم بكل اعتزاز وفخر وكبرياء، وظل شعار ثورة حتى النصر هو القمرُ المضيء في سماء ثورتنا. واليوم الشعبُ الفلسطيني ومعه أحرار الأمة العربية والإسلامية، وشعوب العالم التي عايشت ثورتنا الرائدة أمام محطة صعبة ومعقدة هي محطة الحقد الدفين الصهيوني والامبريالي، والتي سميت من قبل صانعيها الملطَّخة أيديهم بدماء الشعوب والأبرياء، بصفقة القرن، وهي في الواقع صفقة لخدمة مصالح العدو الصهيوني، ومطامع الأخطبوط الأميركي صاحب التطلعات الاستراتيجية الاقتصادية والعسكرية والأمنية. والمُستهدف في هذه الصفقة المدمِّرة هي القضية الفلسطينية بكل مكوناتها إبتداء من التراب الفلسطيني، وصولاً إلى وحدة وصلابة الشعب الفلسطيني، وتدمير الثوابت الوطنية الفلسطينية، والقضاء على أي حل يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية. وأبواب هذه المؤامرة مفتوحة على الاستيطان المكثَّف والواسع، والسيطرة على المناطق الاستراتيجية تمهيداً لابتلاع الضفة الغربية، واستيطانها.

يا جماهير شعبنا في الضفة، والقدس، وقطاع غزة، وأراضي الثمانية والأربعين، وفي كل الشتات...

نحن اليوم أمام تصعيد أميركي صهيوني مكمَّلٍ لكل ما سبق ذكره من أجل إحكام السيطرة، وشدِّ الخناق على العنق الفلسطيني تمهيداً لفرض شروط الاستسلام على القيادة الفلسطينية في ظل الصمت المهيمن على المنطقة، وفي ظل كابوس الرعب والارهاب الصهيوني الأميركي على دول المنطقة.

وما نقصده هنا هو مجموعة القرارات العنصرية السوداء التي اتخذها الكنيست الإسرائيلي بدعم أميركي لإرباك القيادة الفلسطينية ودفعها إلى الاستسلام. وآخر هذه القرارات كان المصادقة على قانون خصم مخصصات الشهداء والأسرى من المقاصة (الضرائب الجمركية) الفلسطينية.

وهذا ما رفضته القيادة الفلسطينية، وخاصة ما أعلنه الرئيس أبو مازن منذ بداية هذا الطرح العنصري الإسرائيلي حيث قال: "لو لم يكن معنا سوى دولارين سنعطي دولاراً لعائلات الشهداء والأسرى، والدولار الآخر لشعبنا"، هذا الإصرار من الرئيس أبو مازن على اتخاذ المواقف المبدئية والمقدسة عند الشعب الفلسطيني، هو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة، وربيبتها إسرائيل اللتين تخططان لإيجاد الهوَّة بين القيادة وشعبها، خاصة أهالي الشهداء وأهالي الأسرى، ولكن الرئيس أبو مازن رفض المخطط الصهيوني حتى لو كان فيه مزيد من التجويع، والأزمات المالية والاقتصادية، وقرر الرئيس ومعه القيادة، والسلطة وحكومتها إعطاء الأولوية للحفاظ على رواتب الذين هم أكرم منَّا جميعاً أُسر الشهداء والأسرى، خاصة أن هذه المبالغ سرقها الإسرائيليون ومارسوا القرصنة على الأموال الفلسطينية لإرغام السلطة على أن تدفع الرواتب.

أولاً: إنَّ مثل هذا الموقف المبدئي من القيادة الفلسطينية يتطلب من أبناء شعبنا التضامن والتماسك والإلتفاف حول القيادة الفلسطينية، والإصرار على مواجهة كافة التحديات القائمة، ورفض ما يسمى بصفقة القرن وكل تداعياتها، لأنها صفقة صهيونية أميركيا لاستبعاد المنطقة العربية، والسيطرة إقتصادياً، وسياسياً وأمنياً. وبصمودنا وتماسكنا نفرض شروطنا، ورؤيتنا، ونصلِّب الموقف العربي إلى جانبنا.

ثانياً: ندعو الأطراف الفلسطينية إلى إنهاء الانقسام بما يضمن المصالحة الحقيقية، على أرض وطنٍ واحد، هذا إذا أردنا مواجهة صفعة القرن وأقطابها، وصنَّاعها، من أجل الحفاظ على الحقوق والثوابت الفلسطينية.

ثالثاً: نأمل من الدول الصديقة والعربية والإسلامية وشعوبها الحرة أن تأخذ قرارها الجريء، والعلني بمواجهة هذا المشروع الجهنَّمي الذي يستهدف شعبنا أولاً، وشعوب المنطقة ثانياً، وتمكين الاحتلال الصهيوني من إستعباد المنطقة، نأمل من كل هذه الأطراف أن تسارع إلى سدِّ الثغرات، والتعويض عن كل الخسائر المالية، والاقتصادية والحياتية والقانونية التي تسببها الإجراءات الإسرائيلية بهدف تركيع شعبنا.

ونحن نقولها بكل مصداقية إنَّ الذين ربطوا مصيرهم بمصير الشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، عليهم أن يقدِّموا للشعب الفلسطيني وشهدائه وأسراه ما يحتاجونه من دعم مالي ومعنوي، حتى لا نكون في لحظة من اللحظات تحت سطوة الجلاد. نذكِّر أبناء أمتنا بأننا كنا في مخيمات لبنان ونحن طلاب في المدرسة الابتدائية أو التكميلية، نتبرع بمصروفنا اليومي للثورة الجزائرية، وانتصرت الثورة الجزائرية، فهل سنرى أمتنا وشعبنا يأخذون المبادرة لدعم الثورة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، عندها سيكون النصر قريباً لأننا جزءٌ من أمتنا.

المجد للشهداء في جنان الخلد... والحرية للأسرى البواسل... والشفاء للجرحى... والنصر لشعبنا في بناء مستقبله على أرضه...

 

وإنها لثورة حتى النصر

 

حركة فتح – الإعلام المركزي– لبنان

2018/7/4