عقدتاللجنة الرباعية الدولية اجتماعاً لها في واشنطن في الحادي عشر من شهر تموز الحالي،بهدف إقناع الطرف الفلسطيني والإسرائيلي بالعودة للمفاوضات لتحقيق السلام في الشرقالأوسط.

وكماهو واضح أن الاجتماع يهدف إلى احتواء التحرك الفلسطيني لعدم الذهاب إلى الأمم المتحدة،للاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران العام 1967، وإقناع الجانب الفلسطينيبالعودة لطاولة المفاوضات، ومعروف أن "الرباعية" الدولية تتشكل من مفاصلأساسية في المجتمع الدولي وهي الأمم المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الأميركية، ولذا فإن قراراتها مهمة حيث تمثل المجتمع الدولي، ويدعم في هذاالاتجاه الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، حيث تدعو أميركا إلى المفاوضاتالمباشرة حسب خطابات أوباما، على أساس حدود 4 حزيران العام 1967، وأن تقام دولة فلسطينبجانب دولة إسرائيل دولة ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة، مع أراض متبادلة على نطاقضيق يقبل بها الطرفان.

إنأوباما منذ البداية يدعو لحل الدولتين وعلى حدود 1967 مع تعديلات، وهذا يتطلب أن تلتزمإسرائيل، وخاصة نتنياهو بما ورد على لسان أوباما.

غيرأن أوباما يناقض نفسه، فهو يدعو نتنياهو إلى التفاوض وهو يعرف جيداً أنه لا يريد التفاوضإلا حسب شروطه وإذعان الفلسطينيين لهذه الشروط، وفي الوقت نفسه يقف مع إسرائيل، وتتبنىالولايات المتحدة الأميركية إسرائيل وهي حريصة عليها، ونتنياهو يعرف هذا جيداً، لهذاقال: لا لاطروحات أوباما وهو واثق أن هذا لا يشكل عليه خطراً من جانب واشنطن

ويريدالجانب الإسرائيلي أن يستفيد من لعبة المفاوضات كوسيلة لكسب الوقت وتوسيع المستوطناتوتكريس الاحتلال، وأن تبدأ المفاوضات مع الفلسطينيين من دون شروط، على أن يقبل الفلسطينيونبشروط إسرائيل وهي الاعتراف "بيهودية دولة إسرائيل"، ومنذ فترة طويلة تلجأإسرائيل لفرض حقائق على الأرض يصعب إزالتها عند أية تسوية، وأهمها بناء المستوطناتونهب الأراضي من الفلسطينيين والسيطرة على أملاك الدولة حتى لا يكون لها مطالب ولاصاحب حق فردي فيها.

وحتىتمنع الفلسطينيين من الذهاب إلى الأمم المتحدة، تهدد إسرائيل الفلسطينيين باتخاذ إجراءاتعقابية، منها مالية بمنع عائدات الضرائب والجمارك عن الفلسطينيين، بالرغم من أن هذهالأموال هي ملك للفلسطينيين ومن حقهم أن تعود إليهم، كما

يهددأفيغدور ليبرمان بإنهاء اتفاقات أوسلو وإلغائها، وهي عملياً منتهية منذ وجود شارونفي الحكم، ومنذ محاصرة الأخ أبو عمار في "المقاطعة"، غير أن الفلسطينيينلا يساومون على حقوقهم، وأن تهديدات ليبرمان باطلة.

وأكدالفلسطينيون أنهم مستعدون للتفاوض على أساس وجود المرجعية لهذه المفاوضات، وهي مرجعيةالأمم المتحدة في عدد من القرارات وأهمها قرارا (242) و(338) والأرض مقابل السلام وحقالعودة (194) والقدس الشرقية وانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتهاإسرائيل العام 1967، وهم في الوقت نفسه يرفضون أي مساومة على حقوقهم.

لكنالغريب والعجيب كيف يطالب الفلسطينيون بالتفاوض بينما الاستيطان الإسرائيلي مستمر فيالقدس الشرقية وفي الضفة الغربية؟ وكيف تتم المفاوضات في ظل لاءات نتنياهو؟ وعن ماذايتم التفاوض سوى أن تقول إن أميركا تدعم إسرائيل وان أوباما لا يمكن أن يتنصل من دعمإسرائيل.

ويقولالمسؤولون الإسرائيليون إن إسرائيل ستتنازل للفلسطينيين إذا عادوا للمفاوضات المباشرةمع موافقتهم على طلبات نتنياهو، ويعتبرون أن هذه التنازلات مهمة لكن مقابل ماذا؟

الاعترافبيهودية الدولة وهذا يعني أن الفلسطينيين وعددهم أكثر من مليون وخمسمائة الف فلسطينييعيشون داخل الـ 1948، وان هذا الاعتراف يقود إسرائيل إلى تهجيرهم، كما يعني الاعترافبيهودية الدولة بعدم عودة أي عائد فلسطيني إلى إسرائيل.

عدمعودة اللاجئين إلى فلسطين الـ 1948، وهذا معناه إلغاء حق العودة (194) الذي كفلت الأممالمتحدة بتنفيذه حيث هناك حوالي ستة ملايين لاجئ فلسطيني موزعين بين فلسطينيي الـ1948، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وفي قطاع غزة وفي دول الشتات، وبالذاتالأردن وسورية ولبنان، على أن يعود هؤلاء اللاجئون إلى ما تبقى من الأرض الفلسطينيةفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يعني نقضاً لقرار الأمم المتحدة وإلغاء له.

عدموجود دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، لأن نتنياهو لا يعترف بوجود دولة فلسطينية،وإنما "كانتونات" منفصلة عن بعضها بعضاً، وتجزئة ما تبقى من الضفة الغربية.

القدسبشطريها الشرقي والغربي تبقى موحدة وعاصمة لإسرائيل، والقدس الشرقية تتبع لها الضواحي،مثل: بيت حنينا الجديدة وشعفاط والمالحة وسلوان وجبل المكبر وغيرها، وتعمل إسرائيلمنذ احتلالها العام 1967، على تهويدها، وتغيير أسمائها العربية بأسماء عبرية مثل أسماءالشوارع والحارات والبوابات والأسوار، ومنطقة البراق وباب المغاربة ومحاولة بناء"الهيكل" محل المسجد الأقصى، والأماكن المقدسة الأخرى، ومحاولة التضييق علىسكان القدس الشرقية كخطوة لتهجيرهم وإخلائهم منها، ونقلهم خارج "الجدار الفاصل"،وتهويد المناطق العربية داخل جدار العزل العنصري.

عدمالمساس بالمستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية أو المقامة على أراضي الضفة الغربية،سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بالإضافة إلى بقاء جدار الفصل العنصري.

عدمالانسحاب من مناطق في الضفة الغربية (المناطق في غور الأردن المحاذية للأردن وللبحرالميت والمحاذية للحدود الإسرائيلية من الغرب أو الجنوب)، وضم هذه المناطق إلى إسرائيل،وبعضها يبقى تحت السيطرة الإسرائيلية.

المياه،أن تأخذ المستوطنات ما يكفيها من المياه وكذلك إسرائيل، كل ذلك على حساب الفلسطينيينبحيث تأخذ إسرائيل أكثر من 50% مع العلم أنها تأخذ حالياً من المياه الجوفية والسطحيةحوالي 85%.

وهذهأمور لا تقبل بها أية سلطة فلسطينية، لأنها انتقاص واضح من الحقوق الفلسطينية ونسفللثوابت الفلسطينية المتمثلة بحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقيةعلى حدود العام 1967، ومخالفة واضحة لقرارات الشرع

الدوليةولمبادئ الأمم المتحدة وقرارات مؤتمر جنيف، فالشعب الفلسطيني متمسك بقرارات الشرعيةالدولية التي تدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة العام1967.

كلهذه الأمور تدفع الجانب الفلسطيني للذهاب للأمم المتحدة في أيلول القادم لنيل الاعترافالدولي بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، حيث أن هناك حتى الآن (117) دولةتعترف بالدولة الفلسطينية، ويطمح الجانب الفلسطيني إلى زيادة عدد الدول المعترفة بدولةفلسطين إلى 129 دولة في أيلول القادم عند التصويت، ولا يوجد طريق آخر غير ذلك.