إن ما جرى في مخيم اليرموك وما يجري منذ بداية نيسان 2015، من اقتحام داعش، وتغييرات في التحالفات العسكرية المعارضة كاصطفاف جبهة النصرة إلى جانب الأولى، وتخليها عن مسلحي أكناف بيت المقدس، حيث انقسمت الأخيرة لثلاث تشكيلات، واحد انضم لداعش والنصرة والثاني لقوات الدفاع السوري وفصائل التحالف الفلسطينية بقيادة أحمد جبريل، أما الثالث بقي مستقلاً بنفسه تابعاً لحركة حماس التي أعلنت تخليها عنه مؤخراً أيضاً، كل ذلك  يقحم قضية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ،ضمن دوامة ٍ جديدة، يبدو أن المقصود منها جرُّ الوضع هناك لحلٍ ما وعلى طريقة مختلفة، يصب على الأغلب في ذات الهدف الذي منع تحييد مخيم اليرموك وباقي المخيمات عن الحاصل في سوريا.
إن تقطيع مخيم اليرموك إلى رقعات عسكرية جديدة من قبل المعارضة السورية، وقد أفرغ كل الإدعاءات بالمسؤولية الإنسانية من معانيها ومن جميع الأطراف؛ حيث كان من الممكن تمرير الحل العسكري من خلال تفريغ المخيم من المدنيين بممر آمن وحتى قبل تأزم الوضع هناك على طريقة مخيم نهر البارد في لبنان.
وبات اللاجئ الفلسطيني هناك مكبلاً بأصفاد أجندات سياسية تخص أطراف الصراع، وتكيل ضربات ٍ لا ترحم والمصلوب والمقتول واحد.
علماً أن حصار مخيم اليرموك مستمر منذ قرابة السنتين، وانقطاع المياه فيه منذ أكثر من 237 يوماً.
وقد ازدادت الفاقة والجوع مع عوائق دخول المساعدات الإغاثية بسبب الاشتباكات والقصف المستمرين، ولا تغني من جوع حملات إغاثة الأونروا بألف طرد يومياً إن تيسر الظرف الميداني عن طريق البوابة الجنوبية الشرقية للمخيم نحو يلدا وببيلا وبيت سحم، كذلك مناشدات الأونروا لجمع مبلغ  30 مليون دولار لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
لكن المسؤولية التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية زادت من تحركاتها والرئيس الفلسطيني محمود عباس لإنقاذ اليرموك، وتم الإعلان الفلسطيني الرسمي عن رفض الحل العسكري لمخيم اليرموك ومحاولة إيجاد حلول أخرى، وبعد اشتداد الاشتباكات ودخول داعش للمخيم طالبت القيادة الفلسطينية بتأمين ممر آمن لخروج اللاجئين ، لكن الحلول ممنوعة من الصرف، لأن القول والفعل في الأزمة السورية خارج السيطرة بطبيعة الحالة السورية ولو كان الموقف الفلسطيني الرسمي هو الحياد.
وتواصل الأونروا متابعة التطورات الجارية هناك ، وتطالب بإيجاد سبل لضمان الخروج الآمن للمدنيين الراغبين بالخروج، كما حدث في اجتماع المفوض العام بيير كرينبول في نهاية مهام بعثته الإنسانية في دمشق مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، ضمن عمل مشترك للأمم المتحدة من أجل استئناف عمليات توزيع المساعدات للمدنيين الباقين في اليرموك بعد خروج ما يقارب 2700 لاجئ فلسطيني من المخيم في الأحداث الأخيرة .
وفي اتجاه آخر تم تدويل قضية مخيم اليرموك، سرّب بيان لمجلس الأمن إثر جلسةٍ مغلقة له، أطلق فيه خطةً لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، تناولت ثلاث نقاط وهي:
1- تقديم المساعدات للمدنيين غير القادرين على مغادرة المخيم.
2- مساعدة اللاجئين الذين يريدون انتقالاً مؤقتاً من المخيم بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني وبضمانات مناسبة تكفل لهم أمنهم وحمايتهم.
3- مساعدة السكان الفارين من مخيم اليرموك.
بالإضافة إلى  مطالبة مجلس الأمن وقف جميع الهجمات ضد المدنيين في مخيم اليرموك.
إن الوضع الصحي مأساويٌ هناك، حيث أطلق كوادر ومتطوعو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني المتبقون في مشفى فلسطين في اليرموك نداء ً عاجلاً لتأمين المواد الطبية والمعدات والأدوية التي تم فقدانها جراء الحصار والقصف الأخير، لتمكنوا من تقديم المساعدات اللازمة للجرحى والمرضى.
كذلك طالب الصليب الأحمر الدولي جميع الأطراف المتصارعة للسماح لهم بدخول المخيم فوراً لإخراج المدنيين.
وإن إطلاق حملات التبرع للاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك هي جزء من إيقاف الحل العسكري ولو جزئياً، والمتضرر منه هم المدنيون المحاصرون، حيث أن الإسراع بتنفيذه وإرسال ما تم جمعه ، وإدخال المساعدات سوف يؤدي لإيقاف الاشتباكات والقصف، وإيجاد فرص أكثر لخلق ممرات آمنة وآنية في حال اشتدت الأمور أكثر.
وفي هذا السياق أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية في فلسطين عن حملة تبرعات مفتوحة لمن يريد المساعدة بها من أبناء الوطن، بالإضافة إلى اقتطاع أجرة يوم من الموظفين الفلسطينيين لصالح اللاجئين المنكوبين في مخيم اليرموك، أيضاً أعلن المجلس الوطني الفلسطيني عن حملةً مشابهة لذات الهدف.
كذلك خصصت إيطاليا 1,5 مليون يورو لأطفال اليرموك عبر منظمة اليونيسيف والأمم المتحدة.
إن الأخبار الواردة من دمشق والتي تفيد بتقدم المعارضة السورية المسلحة في ريف دمشق وفي جوبر ودوما، تؤدي إلى تخفيف الضغط على مجموعات داعش في جنوب مخيم اليرموك والمعارضة المسلحة التي تساندها، مما يخشى من وقوع اليرموك بين أمرين أحلاهما مرُّ، الأول هو ما آلت إليه الأمور مؤخراً هناك من دخول داعش وبدء اشتباكات جديد ة وقصف شديدين من قبل طرفي الصراع وتدمير مزيد من المنازل وحصد أرواح إضافية، والثاني هو أن يؤدي هذا الهدوء المتوقع ، إلى ممارسة داعش ومن يساندها إجراءات تعسفية إضافية كالتي تفرضها في كل مكان تحل به ، خاصةً أن المدنيين المحاصرين يخشون مما تنشره بعض مواقع التواصل الاجتماعي من نية داعش بافتتاح مدارس خاصة دينية متطرفة تجبر فيها أطفال المخيم على الذهاب إليها تحت تهديد السلاح، ومصادرة كل آلات التصوير التي يمكن أن توثق أو تنقل الحقيقة من داخل المخيم، ويزداد التخوف خاصةً بعد البدء باقتحام مسلحي داعش مدرسة في وسط المخيم وتحطيم آلاتٍ موسيقية كان الاطفال الفلسطينيون يتعلمون عليها.
إن الوضع المأساوي لليرموك يرافقه وضع خمسة مخيمات فلسطينية في سوريا، خلت من تواجد اللاجئين الفلسطينيين بسبب الحرب، كمخيمات سبينة والسيدة زينب والحسينية التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية ولا يزال منع الأهالي من العودة لسكناهم فيها مستمراً، كذلك مخيم درعا الذي دمر معظمه ومخيم حندرات قضاء حلب، والمدمَّر عن بكرة أبيه والمسيطر عليه حالياً المعارضة السورية المسلحة.
هناك آراء لبعض المراقبين للوضع، تجد أن هناك فسحة أملٍ لإمكانية إخلاء المخيم وإخراج ما تبقى من اللاجئين هناك، حتى يتم إيجاد الحل الجذري له ولباقي المخيمات، ويبدو أن الضبابية تلف هذا الملف بخصوصية القضية الفلسطينية نفسها، خاصةً، أن أوراقها باتت مرتبطة بشكلً وثيق بالجغرافيا السياسية، وإن طار بها هبوب الريح  وحملها نحو جغرافيا الأماكن.