افاد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، بأن الأسير الفلسطيني ' عبد الهادي غنيم ' أحد أبرز ' عمداء الأسرى ' وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة قد دخل اليوم عامه الـ ( 23 ) في سجون الإحتلال بشكل متواصل .

وذكر فروانة بأن الأسير ' عبد الهادي سلمان رافع غنيم ' يبلغ من العمر ( 46 عاماً ) متزوج وله ولد واحد أسماه ' ثائر ' ، وهو من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ، وكان قد اعتقل في مثل هذا اليوم  عام 1989 ، وصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد ( 16 ) مرة ، بالإضافة إلى ( 480 ) عاماً ، وبمجموعها فانه يقضي حكماً بالسجن لمدة (2064 ) سنة، بدأت عام 1989، وتنتهي رسمياً حسب سجلات المحاكم الإسرائيلية ووفقاً لأجندة الاحتلال عام ( 4053 ) .. !.

وأوضح فروانة بأن حكومة الإحتلال تُصر على استبعاد اسمه من صفقة التبادل مع مجموعة أخرى من الأسرى الذين اعتبروا رموزا للمقاومة ، وأن صحيفة يديعوت العبرية سبق وأن نشرت العام الماضي اربعين صورة لأسرى فلسطينيين ترفض ' اسرائيل ' ادراجهم بالصفقة ومن ضمنهم ' غنيم '  ، إلا أن الفصائل الآسرة لـ شاليط تصر على ادارجهم ضمن الصفقة وتُصر على أن يكون ' غنيم ' ضمن المحررين في اطار الصفقة كجزء من الوفاء من المقاومة له ولرموز المقاومة ، وعليه فانه  وحسب سجلات الشعب الفلسطيني وأجندة المقاومة الفلسطينية والفصائل الآسرة لـ ' شاليط ' ، فلربما تنتهي فترة محكوميته خلال بضعة شهور ، أو بضع سنوات .

وبين فروانة بأن حكاية ' غنيم ' هي واحدة من حكايات الأسرى التي تستحق أن تؤرخ وتنشر وتوزع ، كي يعرف العالم كم نحن على حق حينما نطالب بحرية هؤلاء ، وأن ( لا ) عودة لـ ' شاليط ' دون عودة غنيم وأمثاله من القدامى ورموز المقاومة إلى عائلاتهم وأحبتهم .

يقضي حكماً بالسجن لمدة (2064 ) سنة، وتنتهي وفقاً لأجندة الاحتلال عام ( 4053 ) فيما تصر الفصائل الفلسطينيةعلى انتهائها مع اتمام الصفقة .. !.

فالأسير ' غنيم  ' هو فلسطيني الهوية ، فتحاوي الإنتماء ، لم يقبل أن الوقوف على قارعة الطريق مكتوف الأيدي وشعبه يُذبح ، ووطنه مغتصب والقدس أسيرة . 

 كما لم يكتفِ بمجرد الإنتماء لحركة ' فتح ' ، بل اختار بجانب هذا الانتماء الإلتحاق بالعمل الفدائي النوعي والاستشهادي الرائع ، فنفذ عملية الحافلة ( 405 ) على طريق تل أبيب – القدس وذلك في السادس من تموز عام 1989 ، أي قبل 22 عاماً ، تلك العملية التي بقيت راسخة ومميزة في سفر المقاومة الفلسطينية الباسلة .. فهي عملية فدائية نوعية نفذت طواعية وارتجالية ، فلم يكن بحاجة إلى سلاح ناري ، أو حزام ناسف أو سيارة مفخخة وجيش من المساعدين ، كما لم يكن بحاجة أيضاً إلى مساعدة صديق أو قائد يخطط له ويوجهه .

 فقط اعتمد على انتمائه ودوافعه الوطنية ، وإرادته الفولاذية وإصراره العنيد الذي لا يلين ، فحقق ما أراد بامتياز ، فألحق خسائر بشرية فادحة في صفوف الاحتلال ، وهذا ما أزعج وأقلق الاحتلال ، وأعاد صياغة كل الإجراءات الأمنية داخل الحافلات العاملة في ' اسرائيل ' خشية من تكرارها . 

تفاصيل العملية ..

 

وعن تفاصيل العملية يقول فروانة : في صبيحة يوم السادس من يوليو/ تموز عام 1989 ، توجه ' غنيم ' إلى محطة الحافلات المركزية في ' تل أبيب ' وصعد للحافلة رقم ' 405 ' المتجهة إلى مدينة القدس المحتلة  ، وجلس في المقاعد الأمامية .

وحينما اقتربت الحافلة من منطقة أبو غوش وبالتحديد فوق منطقة واد سحيق ، صرخ مكبراً ' الله أكبر ' ، وانقض بقوة نحو السائق ومسك بمقود الحافلة بقوة لم يعتد عليها من قبل ، ولم يستطع السائق ومن حوله منعه من تنفيذ ما أراد تنفيذه ، فانتصر بقوة الانتقام والثأر وحرف مسار الحافلة لتسقط هاوية بمن فيها من ركاب عشرات الأمتار ، وتستقر في أسفل قاع الواد  ، متحطمة ، متفحمة ، متناثرة إرباً إرباً ، وجثث وأشلاء عشرات الإسرائيليين والجنود هي الأخرى متناثرة ، والحصيلة النهائية مقتل ستة عشر إسرائيلياً ، وإصابة 24 شخصاً آخرين جروحهم مختلفة ، وبعضهم فقدوا أطرافاً  من أجسادهم . 

أما الثائر ' أبو الثائر' لم ينل الشهادة كما كان يتمنى ، وقُدِّر له أن يبقى على قيد الحياة ، رغم إصابته في الرأس والساق والحوض ، ليتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب رغم جروحه وإصابته ودمه النازف ، وحاولوا إذلاله والانتقام منه ، فكان أقوى منهم وتفولذ في أقبية التحقيق ، وتعملق على جلاديه ، وانتصر على سجانيه ، فبقىّ وسيبقى شامخاً فخوراً بما قام به ، رغم مرور 22 عاما على اعتقاله ورغم اصرار ' اسرائيل ' على استبعاده من صفقة التبادل ، إلا أنه متمسك بالأمل ويتمتع بارادة صلبة لا تلين ومعنويات عالية رغم القيد وقسوة السجان. 

لم يرَ طفله خشية من التأثير على قراره

 

وواشار فروانة الى بعض المواقف المؤلمة والمؤثرة في حياة الأسير ' غنيم ' حيث أن والده توفى حينما كان في عمر الورود ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره ، فيما والدته توفيت وهو في الأسر قبل حوالي ثلاث سنوات ،  دون أن يتمكن من رؤيتها أو تقبيلها قبلة الوداع الأخير أو المشاركة في تشييع جثمانها إلى مثواها الأخير ، ولم يرَ زوجته وابنه الوحيد منذ سنوات طوال ، فيما لم يرَ إخوانه وأحبته أو أصدقائه وجيرانه منذ اعتقاله .

ومن المواقف التي تسجل قبل اعتقاله ، بأنه رفض رؤية ابنه الوحيد بعد ولادته بتاريخ 5-7-1989 ، أي قبل تنفيذ عمليته بيوم واحد ، والسبب في ذلك كما قال الأسير فيما بعد ( بأنه كان يخشى من أن يتأثر من رؤية ابنه وان يتغير موقفه ويتراجع عن تنفيذ العملية ، فاختار الإصرار على تنفيذ العملية انتقاماً لدماء الشهداء واللحاق بكوكبة الشهداء ، على أن يرى طفله وان يبقى بجانبه ، وها هو طفله يكبر بعيداً عنه محروماً من رؤيته ورعايته وحنانه ، لينهي دراسته الثانوية بتفوق ، وليلتحق بالجامعة ويسير بنجاح صوب التخرج والحصول على شهادة البكالوريوس . 

ويبقى من حقه أن يأمل بالعودة لمخيم النصيرات .. ومن حق ابنه ثائر أن يحلم بعودة أبيه إلى بيته ورؤيته واحتضانه بلا قضبان بعد  22 عاماً من الأسر و الحرمان والألم والمعاناة ، ومن حق زوجته وعائلته وأحبته أن يجددوا دوماً مطالبتهم للفصائل الآسرة بالتمسك بمطالبهم وعدم الخضوع للاملاءات والشروط الإسرائيلية .

فالرفض الإسرائيلي يجب ان يقابله  تمسك فلسطيني بالقائمة وإصرار على إطلاق سراح الأسرى القدامى ورموز المقاومة ومن ضمنهم الأسير ' عبد الهادي غنيم '