خاص/ مفوضية الاعلام والثقافة - لبنان

حوار/ امل خليفة - رام الله - فلسطين

 

ما هي الإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة لضمان تقديم الخدمات الصحية للمواطن في ظل الإضراب الذي تواصل لمدة 76 يوماً من الفترة الماضية؟

حسب القانون الأساسي الفلسطيني، الإضراب حق ومن حق أية جهة تعمل في مؤسسة سواء كانت حكومية أو غير حكومية إذا شعرت بأن لها مطالب عادلة ومحقة أن تقوم بالإضراب. ولكن حتى الإضراب له أصول، فلا يستطيع أحد أن يقوم بالامتناع عن العمل والإضراب دون توجيه المطالبة بشكل رسمي للجهة صاحبة العلاقة ومن دون الدخول في حوار مع الجهة المشغلة،  وأيضا دون إعطاء مهلة للجهات المختصة لتحقيق المطالبات ضمن الأصول والمتاح. وهذا هو سبب الخلاف بيننا كحكومة وبين النقابات وخاصة نقابة الأطباء، ونحن قمنا بممارسة ديمقراطية راقية أن توجهنا إلى محكمة العدل العليا الفلسطينية مطالبين بوقف الإضراب لعدم قانونيته وذلك حسب القانون الأساسي الفلسطيني. وقد أنصفت محكمة العدل العليا الحكومة في هذه القضية في حين أننا كحكومة قد خسرنا عدة قضايا من نفس المحكمة تتعلق بأمور أخرى والتزمنا في وقتها بقرارات المحكمة. ولكن للأسف لم تلتزم نقابة الأطباء بقرار المحكمة واستمرت بالإضراب وهذه مخالفة إضافية، وكنا نتمنى أن تلتزم النقابة بالحكم في حينه حتى نعزز العمل المؤسسي.

 وكما تعلمون نحن كحكومة نعمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية العتيدة وذلك ضمن رؤية سيادة الرئيس الأخ محمود عباس وضمن الجهد المبذول من قبل سيادته لاستقطاب الجهد الدولي في الأمم المتحدة لانتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران للعام 1967. وكذلك ضمن جهود الحكومة في وثيقة الاستقلال وإقامة الدولة بأن نكون جاهزين في مؤسساتنا لهذه الدولة، (لذا نحن نصر على أن تكون الدولة ديمقراطية) وتحترم حق المواطن في التعبير وإلا فما الهدف من قيام الدولة المستقلة إذا كان المواطن الفلسطيني الذي ناضل من أجل حريته أن يعيش في دولة غير ديمقراطية يجب أن تكفل الدولة له الحق في الحرية والخدمات وخصوصا الخدمات الصحية وأن تكون ذات جودة عالية وآمنة.

 

تم تعليق الإضراب لمدة شهر بعد لقاء السيد الرئيس بنقابة الأطباء، ماذا ستقدم وزارة الصحة والحكومة للنقابة لضمان عودتهم للعمل وإنهاء الإضراب؟

علّق الإضراب بناء على طلب من السيد الرئيس والتزمت نقابة الأطباء بذلك وبعد ذلك تم عقد اجتماع للنقابة ودولة رئيس الوزراء وتم طرح المطالب بشكل أكثر تحديدا وتم تنشيط لجنة الحوار مع النقابة من قبل مجلس الوزراء والتي تم تشكيلها في السابق برئاسة وزير العمل لأن ما ينطبق على النقابات هو قانون العمل والعمال. وبالتالي الجهة المخولة بمتابعة القضايا المطلبية للأطباء هي وزارة العمل.

 وبالنسبة لتحقيق المطالب أريد أن أوضح أمرين وهما أن المطالب من جزءين فهناك مطالب ممكن تلبيتها إذا توفرت الإمكانات المادية للسلطة. وهناك مطالب يحتاج تلبيتها إلى تغيير أو تعديل على قانون الخدمة المدنية، مثل رفع الراتب الأساسي وزيادة علاوة المخاطرة الذي يرتبط بتعديل القانون وبالتالي وفي ظل تعطل أعمال المجلس التشريعي الفلسطيني لا نستطيع أن نتقدم بمشاريع قوانين لهذا المجلس، وعادة القوانين التي تصدر عن الرئيس بقرار قانون أو بمرسوم هي القضايا التي تحمل صفة الاستعجال. وأعتقد أن تعديل قانون الخدمة المدنية هو أمر يحتاج إلى الوقت الكافي والى الدراسة المعمقة  لتعديله لأنه يتعلق بكافة العاملين في كافة القطاعات والموضوع لا يقتصر على الأطباء وحدهم.

لذا أعتقد أن مهلة الشهر لن تكون كافية لتعديل أو تغيير القانون ولكن القضايا المطلبية الأخرى ممكن التعامل معها وهذا يعتمد على الحوار ما بين النقابة واللجنة المختصة من قبل مجلس الوزراء.

 

ما بين حق النقابة في الإضراب وما بين حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية كيف ستتصرف وزارة الصحة؟

نحن نأمل أن ينجح الحوار وأن لا نضطر للوصول إلى مواجهة مع النقابة. فالعاملون في المشافي هم أبناؤنا وأخوتنا وسنقوم نحن كوزارة بتقديم مشاريع من أجل تحسين ظروف العاملين في القطاع الصحي، سواء برفع الرواتب أو بوضع نظام للحوافز لهؤلاء الأطباء بما يحقق رغبتهم وحاجاتهم وبما يضمن قدرة الحكومة على الدفع.

فأنا لا أستطيع إعطاء وعد بمضاعفة الراتب وأنا أعلم إمكانات الحكومة، فنحن كحكومة فلسطينية لدينا عجز في موازنة العام الحالي يبلغ المليار دولار فهل نستطيع ضمن هذا العجز دفع زيادة على الرواتب ... الجواب حتما لا!! لكن سنصل بإذن الله إلى توافق لأن من حق المواطن أن يحصل على خدمة صحية ذات جودة عالية، ولكن هناك في النقابة من يحاول التعطيل وهو من اتهمني بالتهجم على الأطباء في إحدى ورش العمل ووصفي الأطباء بالقتلة هذا غير صحيح. وأريد هنا أن أذكر ما حصل بالحرف الواحد، أنا طبيب قبل أن أكون وزيرا للصحة، فلا يمكن أن أتـهم الأطباء بتهمة جائرة وغير صحيحة، وما قلته في ورشة عمل أقمناها مع الجامعات وكليات التمريض والقبالة وكنا نتباحث في كيفية توحيد المناهج في القبالة والتمريض وقلت بالحرف الواحد أن "مهنة الطب هي ترقى إلى درجة الرسالة لأننا نتعامل مع حياة الناس وموتهم ونتعامل بالمرض والصحة وإضافة لكوننا عاملين في القطاع الصحي ليؤمن لنا حياة لائقة وهذا حق ولكن في نفس الوقت نحن نقدم خدمة نوعية تختلف عن النوعيات الأخرى وبرأيي أن الامتناع عن تقديم الخدمة لمواطن في حالة طارئة وأدى ذلك لوفاة هو يرقى لدرجة الشروع في القتل". وهذا تعبير أعتقد أنه متفق عليه عالميا، وأنا كنت أعمل في منظمة الصحة العالمية وأفهم بالقوانين وأحترمها وأعتبر أن هذه المنظمة تقدم أفكارا ومشاريع وتوجهات هي حصيلة التجارب لكل دول العالم. وأعتقد أن الإضراب في كل دول العالم له مواصفات خاصة بالقطاع الصحي وله إجراءات لا يستطيع الطبيب أن يضرب كأي موظف آخر في أي دائرة أخرى، وهناك مهن يحظر فيها الإضراب المطلق والامتناع المطلق عن الخدمة. أتمنى أن يتحلى الجميع بروح المسؤولية وأن نصل بالحوار إلى حلول ترضي الجميع ولو بالحد الأدنى من المطالب