خاص/ مفوضية الاعلام والثقافة-لبنان

عندما تتخذ اللجنة المركزية لحركة فتح أو الإطار الأعلى عامة قرارا يخص عضواً من أعضائها، وبغض النظر هنا عن دقة أو طبيعة القرار من حيث الحيثيات أو الإجراءات القانونية أو التوافق مع النظام،هل يجوز لأي إطار تنظيمي أو كادر تنظيمي من غير المعنيين بالقرار مباشرة أي من غير اللجنة المركزية أوالمجلس الثوري في هذه الحالة، هل يجوز له كشخص أو إطار أن يحدد موقفاً؟ أو يعلن موافقة أو اعتراضا علنيا؟!

 واجهني هذا السؤال من عدد من الأخوة سواء أولئك الموافقين أو المعترضين أوالمنتظرين فيما يتعلق بالقرار المتخذ بشأن الأخ محمد دحلان ، ولأن السؤال تنظيمي وهام جدا ويدل على وعي فكري تنظيمي يتكامل داخل حركة فتح التي نشطت مؤخراً باتجاه المؤسسة من جهة وباتجاه المحاسبة والرقابة والشفافية من جهة أخرى، وباتجاه دمقرطة الحركة ثالثاً فاننا سنتعرض له من هذه الزاوية.

وللإجابة على مثل هذا السؤال لابد من الاستنارة بالأدبيات والفكر التنظيمي الديمقراطي في حركة فتح التي اعتبرت (الديمقراطية هي الأساس عند البحث والنقاش واتخاذ القرارات ) كما هو مدون في المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها النظام مضيفة (أن المركزية الديمقراطية هي الأساس في ممارسة المسؤوليات...) متيحة الباب للحرية والنقد والنقد الذاتي في إطار التزام الاكثرية برأي الاقلية والمراتب الأدنى بالأعلى على أساس تحقيق الانضباط.

لقد قام الفكر التنظيمي في الحركة على 5 قواعد رئيسية هي الالتزام والانضباط والمركزية الديمقراطية والسرية والنقد والنقد الذاتي ، ومن الواضح أنها تغلب ممارسة (الضبط) والالتزام على التسيب والفوضى أوتسطيح الأطر وتداخلها، بحيث لا تفهم الحرية أو الديمقراطية حقا  لكل عضو أو اطار أن يقول ما يشاء متى يشاء وفي أي مكان يشاء وجهراً أو سراً.

إن حق العضو بالنقاش مكفول ومتاح أن يقوله علناً بما يتعلق بفكر وسياسات وقرارات وتوجهات ومواقف الحركة الرسمية بمعنى ان يعبر عن التزامه وانضباطه السياسي والتنظيمي وفي مفهومه التعبوي، وهنا لا يجوز لكادر الحركة ان يقف متفرجاً عندما تتم الإساءة للحركة أو اتهامها حيث المطلوب منه تحري الحقيقة عبر القنوات الرسمية، وممارسة الدعاية والتنظير والتعبئة والدفاع عن مواقف الحركة في كافة الأطر العلنية وعبر اللقاءات الجماهيرية والتواصل الاجتماعي والاعلامي.

لايفهم ان تصدر لجنة إقليم أو مجموعة من الكادر أو قيادي ما بعيداً عن إطاره غير المختص بالقضية التنظيمية المطروحة... لا يفهم كيف يصدر بياناً أو تصريحاً إعلاميا يخالف رأي الحركة وموجهاً للإعلام.

وان فهم اعتراضه وهذا حقه بأن يعترض فيجب أن يفهم أن القضايا الداخلية عامة، وخاصة للإطار غير المعني بالقضية لا تناقش على الفضائيات أوالصحف أو في الصالونات أو عبر البيانات لأن (حرية المناقشة وحق المشاركة في اتخاذ القرار ضمن الأطر التنظيمية)، ولأن (مناقشة القضايا الداخلية في الجلسات التنظيمية ) كما يقول النظام الداخلي.

 بمعنى أن اعتراض أو قبول، ترحيب أو نقد أي أطار هو حق مكفول له، ولكنه يأتي عبر التسلسل التنظيمي من الإطار المحدد وصولاً بالتدرج للجنة المركزية وهذا معنى(الالتزام بالتسلسل التنظيمي) حسب النظام الداخلي واقتباساتنا منه هنا بين قوسين.

 لا يجوز لأي إطار تنظيمي أن يتدخل بعمل اطار آخر أفقياً أو رأسياً بمعنى أن لجنة الإقليم (س) لا يحق لها الاعتراض على عمل لجنة الإقليم (ص) كما لايحق لها ذلك لأطر تحت مسؤولية هذا أو ذاك الإقليم وإلا شاعت الفوضى ، وفقدت البوصلة وتداخلت الصلاحيات المنصوص عليها في النظام لكل إطار جغرافياً وفئة ( إقليم /منطقة... مكتب حركي ).

 وفي ذات الوقت لايجوز رأسياً أن يتدخل المجلس الثوري مثلاً في عمل لجنة إقليم أولجنة منطقة ما حيث الولاية لمفوضية التعبئة والتنظيم التي يرأسها عضو لجنة مركزية، وبالاتجاه المعاكس لن يفهم أن يرفض إطار أدنى قرار إطار أعلى خاصة إذا كان لايخص ولايدخل ضمن صلاحيات هذا الإطار الأدنى الا في حدود الحرية المكفولة والنقاش المسموح ضمن الجلسات التنظيمية.

 لذا فإننا نوضح هنا أن الحياة التنظيمية (الديمقراطية)لا تمارس على الإعلام ولا على صفحات (الفيسبوك) أو المواقع الالكترونية وإنما تمارس بجدية وفعالية من خلال الجلسات لكل إطار.

 وقد يقول قائل هنا أننا قد نضطر لذلك (أي للنقد والحديث) لافتقاد الإطار، وهنا تكمن المشكلة ليس فقط في الإطار القيادي مهما علا وإنما أيضا في الكادر ذاته الذي يجب أن يكتشف مساحته المتاحة ويمارس فيها حقه الطبيعي في الحرية والديمقراطية والنقاش حيث يُعتبر النقد هنا والاعتراض مهما كان حاداً واجب الاستماع إليه حتى لو رُفع عبر تقرير أو محضر جلسة أو كتاب محدد لان (ممارسة القيادة الجماعية عن طريق عمل اللجان) وعلى أساسها أنها (مرتبة متعاونة متكاملة تتحمل مسؤوليتها بالتضامن والمشاركة وحيث يجب مناقشة كل القضايا من الخلايا واللجان مناقشة واعية ....).