في سابقة خطيرة يدعو الحزب الجمهوري الأميركي، رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو قبل اسبوعين تقريبا (3 آذار المقبل) من الانتخابات الاسرائيلية لالقاء خطاب امام الكونغرس الاميركي دون التنسيق مع إدارة اوباما، ما آثار ردود فعل واستياء كبيرين لدى الرئيس الديمقراطي واركان إدارته. واعتبرت الدعوة مسا بالبروتوكول الدبلوماسي، وخروجا فظا على العلاقات الناظمة فيما بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية، والتفافا على الرئاسة. 
رئيس الاغلبية الجمهوري، جون باينر بادر بتوجيه الدعوة لزعيم الليكود، الذي يعاني من هبوط كبير في شعبيته، لالقاء خطاب حول المسألة الايرانية امام الكونغرس دون إبلاغ الرئيس باراك اوباما او التنسيق معه. ووفق المعلومات الاميركية الرسمية المعلنة، فإن سفير إسرائيل رون دريمر في الولايات المتحدة، هو من قام بالاتصال مع مكتب باينر وميتش مكونل الجمهوريين لترتيب الدعوة لنتنياهو. الامر الذي شكل حالة غضب واسعة وعالية في اوساط الادارة، ما استدعى المتحدث باسم البيت الابيض، جورج أرنست اعتبار" سلوك باينر ونتنياهو خرقاً فاضحاً للبروتوكول الدبلوماسي". لاسيما ان مثل هكذا دعوات تتم عبر الوسائل الدبلوماسية. 
وهذه المرة الثانية، التي يمارس فيها رئيس الحكومة الاسرائيلية تدخلا في الشؤون الداخلية الاميركية. المرة الاولى عندما تدخل في الانتخابات الرئاسية الاميركية الاخيرة لصالح المرشح الجمهوري، ميت دومني؛ وهذه المرة، عندما تجاوز السلوك الدبلوماسي المعتمد دوليا بين الدول، وقام عبر سفيره دريمر (عمل سابقا مستشارا خاصا لنتنياهو) بالتنسيق مع الاغلبية الجمهورية لافساح المجال له لالقاء خطاب امام الكونغرس. وهو تحد واضح لدور ومكانة الرئيس اوباما وادارته. ما حدا بالبيت الابيض الاعلان، ان الرئيس الاميركي لن يلتقي نتنياهو. كما اعلن كل من نائب الرئيس جو بايدن، ووزير الخارجية جون كيري عدم اللقاء برئيس الحكومة الاسرائيلية. 
وفي السياق، اعتبرت المعارضة الاسرائيلية بكل مكوناتها، بأن الدعوة الاميركية لنتنياهو تدخلا مباشرا في الانتخابات الاسرائيلية. وتجاوبا مع ردة فعل المعارضة دعا مارتين انديك، السفير الاميركي السابق في إسرائيل الحزب الديمقراطي لدعوة يتسحاق هرتسوغ، رئيس المعارضة الاسرائيلية لالقاء خطاب امام الكونغرس. الامر الدي يشير إلى ان الساحة الاميركية باتت منبرا للانتخابات والتجاذبات الاسرائيلية، وتترك بصمات سوداء على الزعامة الديمقراطية في الولايات المتحدة. 
ومن مساوئ الخطاب النتنياهوي امام الكونغرس، انه يأتي متناقضا مع توجهات الرئيس اوباما حول المسألة الايرانية، وتساوقا مع وجهة نظر الجمهوريين. ما يعتبر تدخلا اضافيا لزعيم الليكود في الشأن الداخلي الاميركي. وسيعمق التناقضات ليس فقط مع الحزب الديمقراطي، بل مع قطاعات اخرى في اميركا بما في ذلك بعض الحزب الجمهوري. 
العلاقات الاميركية الاسرائيلية، استراتيجية ومتميزة، لكن خصوصيتها الاستراتيجية لا تجيز لفريق أميركي الاستقواء باغلبيته في الكونغرس بتجاوز وتخطي البروتوكول الدبلوماسي، والاستهتار بالسلطة التنفيذية اي كان الحزب الحاكم. إلا إن شاء الحزب الجمهوري التأكيد على ان دولة إسرائيل، هي الولاية الواحدة والخمسين الاميركية. عندئذ على إسرائيل ان تتخلى عن عضويتها في الامم المتحدة، وتلتزم بالانظمة واللوائح والدستور الاميركي. كما على الولايات المتحدة منح جنسيتها للاسرائيليين، والزامهم بتداعيات ذلك في الشأنين الداخلي والخارجي. وان لم يكن الامر كذلك، على الاغلبية الجمهورية التدقيق في سلوكها الارعن، والكف عن دعم اليمين الاسرائيلي المتطرف، ودعم خيار السلام وإحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية. 
دعوة نتنياهو لالقاء خطاب امام الكونغرس دون المرور بالآليات الدبلوماسية تعتبر فضيحة اميركية كبيرة، تستدعي من الادارة اتخاذ إجراءات مناسبة وفقا للدستور الاميركي ومنظومة العلاقات الداخلية بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية لاعادة الاعتبار للنظام السياسي الاميركي، ولحماية الزعامة الديمقراطية.