خاص/ مجلة القدس

تحقيق/ دلال المغربي- غزة - فلسطين

مات والده حسرة عليه هو وأخوه، أحمد يمضي 9 سنوات في سجون الاحتلال والثاني زكي منذ ثلاث سنوات يقبع في سجون مليشيا "حماس"، دون محاكمة ودون وجه حق.

الاسم زكي رشاد الزين السكني (أبو رشاد) في أوائل الثلاثينات من العمر، من كبار المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة قتل عقيد إسرائيلي وإصابة ثلاثة جنود في إحدى العمليات الصاروخية لكتائب شهداء الأقصى. تعرض لعدة محاولات تصفية واغتيال من قبل "إسرائيل"، إلّا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، وها هي "حماس" تحقق حلم "إسرائيل" وتعتقله ظلماً وعدواناً وتحاول أن تقتل روحه قبل جسده.

 

الكلام السابق لوالدة زكي السكني أحد قيادات كتائب شهداء الأقصى، الذي يعرفه الصغير والكبير في قطاع غزة، وتحبه وتطلب معونته جميع أذرع المقاومة بما فيها كتائب عز الدين القسام  تطلق عليه الكتائب لقب "مهندس العبوات" بسبب خبرته الكبيرة في صناعة وتركيب المتفجرات. واعتقلته "حماس" بتهمة  تفجيرات الشاطئ  التي أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، وبقضايا تفجيرية أخرى،  بحجّة خبرته في صناعة المتفجرات، على الرغم من أن القاصي والداني يعرف أن هذه التفجيرات خلافات داخلية في صفوف "حماس"، وصلت إلى حد تصفية الحسابات بالدم، ولا علاقة للسكني أو لأحد من "فتح" بها.

وتابعت الوالدة: "حماس" اختطفته من داخل غرفة العناية المركزة بالمستشفى، بتاريخ 2/8/2008 أثناء أحداث حي الشجاعية المعروفة بين "حماس" وعائلة حلس، وكان قد أصيب إصابة بالغة الخطورة في الأحداث، وحين سألناها ما علاقة زكي بأحداث الشجاعية ، قالت أن ابنها مطلوب لقوات الاحتلال ولا يبيت في بيته إطلاقا خوفاً من أن تستهدفه طائرات الاحتلال، فكل ليلة يكون في مكان مختلف وله أصدقاء في الشجاعية كان يبيت عندهم أغلب الأيام، وعندما حدثت الاعتداءات على عائلة حلس من قبل حماس كان زكي هناك وتمت محاصرته في الحي مع الآخرين".

وأضافت والدة السكني "اختطفوه من المستشفى وبقينا مائة يوم لا نعرف عنه أو عن مكانه شيئاً، قلوبنا احترقت ونحن ننتظر أي خبر أو أي معلومة عنه ولكن دون فائدة، إلى أن علمنا أنهم يحتجزونه في سجن السرايا تحت اسم آخر هو محمد أبو جزر حتى لا  يعرف أحد انه عندهم، فكلما كنا نذهب للسؤال عنه ونذكر اسمه يجيب السجانون انه غير موجود لأن لديهم اسماً آخر له إلى أن عرفه ذات مرة أحد المفرج عنهم من سجون "حماس" وكان يعرف شخصيته فأبلغ أهله بمكانه وبإسمه الذي يطلقونه عليه هناك".

وأكدت أن إدارة سجون "حماس" رفضت رفضا قاطعاً أن تسمح له بالخروج عدة دقائق ليودع والده وهو يحتضر على الرغم من أنها تسمح للعملاء والجنائيين بالخروج إلى بيوتهم يوماً في الأسبوع ليبيتوا بين أهلهم ولكنهم لا يسمحون للمناضلين الشرفاء بمجرد زيارة.

وتابعت الأم بلهجتها السورية "كل ما بعبر من عند سجن الكتيبة مكان حبسه بنقهر ولا أنسى اقتحام مليشيا حماس للبيت يوم جاؤوا للتفتيش عن زكي، بنص الليل يدقوا الباب ما انتظروا نتستر أنا والبنات، دخلوا متل الهمج يفتشوا البيت، فتشوا بالثلاجة والفريزر الغسالة وكسروا  الكنب وسرقوا أشياء كثيرة، ومن ضمن إللي سرقوه  الجعبة تبعته اللي كان يستعملها لما كان بالأمن الوطني، وكنت محتفظة فيها تذكار من ريحته  سرقوها واللي سرقها كان سجيناً مع ابني إللي بسجون إسرائيل، ما خجل مني وما وافق يتركها لما ترجيته، حماس عملت فينا أكتر من اليهود، ابني مظلوم، ورفضوا يخلوني أودعه لما سافرت للحج، بيسمحولنا بالزيارة كل 3 شهور فقط ".

أما محمد السكني الشقيق الثالث لزكي ، فقد أشار لموضوع تفجيرات الشاطئ من الزاوية الخطيرة التي يخشاها كل أهالي قطاع غزة، وهي الثأر العائلي، قال إن "حماس" تحاول أن تشبك العائلات مع بعضها في القطاع، فإذا كان أخي زكي هو المسؤول عن تفجيرات الشاطئ التي راح ضحيتها خمسة أشخاص والعديد من الإصابات فهذا يعني مشاكل مع كل أهالي الضحايا الذين سيطالبون بثأرهم منا ومنه".

وتابع "إذا كانت حماس فاشلة أمنياً فلا تحملنا مسؤولية فشلها فزكي لديه ما يكفيه من مشكلات صحية إضافة لتشرده عن زوجته وأبنائه بسبب مطاردة الاحتلال له وتعرضه للاغتيال أكثر من مرة".

وقال محمد السكني الذي كان ينتمي إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، ولكنه انشق عنهم إبان الانقلاب بسبب أعمال القتل التي قاموا بها ورفض أن يورطوه فيها قال "قتل إخوتنا من أبناء الشعب الفلسطيني لا يناسبنا فنحن عائلة مناضلة ربّنا والدي على مبادئ وقيم ودين ولا يمكننا تجاوز كل ذلك لأجل مصلحة أي حزب، فنحن ندافع عن فلسطين بدمنا وأرواحنا فزكي ينتمي إلى كتائب شهداء الأقصى وأخي أحمد المسجون لدى الاحتلال ينتمي للجهاد الإسلامي".

وتناولت والدته دفة الحديث مرة أخرى لتعقب "طلبت وساطة الجهاد الإسلامي لدى حماس بصفتي والدة أحد أبناء الجهاد، لكن الجهاد رفضوا التوسط ، يقاطعها الابن "أنا كنت بالقسام وتركتهم لا تشرفني أعمالهم".

أما زوجة زكي فقالت "بعد إضرابهم الشهير عن الطعام هو وخمسة من رفاقه، بعد ذلك بشهرين زرناه، وكانوا قد وضعوه بالعزل الانفرادي، كان مريضاً جداً وصحته متدهورة، ويحتاج عمليات وعلاج صحي خاص،  فقد أصابته جلطة في ساقه، وبطنه مفتوح وفيه شظايا من القذيفة التي أطلقتها مليشيا حماس عليه لاصطياده  كل ذلك إضافة إلى رصاصة بجانب عموده الفقري أصيب بها أثناء مواجهات سابقة مع الاحتلال"، لافتة إلى أن إدارة السجن تقول لهم في كل زيارة أن زكي لن يخرج إلا إذا حصل حل سياسي ولا "نعرف لماذا يربطون مصيره بمصير الحل السياسي الذي لا نعرف متى يكون".

وتابعت "زكي مصاب أيضا بيده برصاص الاحتلال ويكره البحر ويوم تفجيرات الشاطئ لم يغادر المنزل أبداً".

أما رشاد الابن الأكبر لزكي قال وهو يبكي "في كل لحظة أحتاج إلى أبي وأخاف عليه جداً حيث تقصف إسرائيل أي مكان فأتخيل أنه موجود في المكان المقصوف وهو مقيد اليدين والرجلين، وفي الزيارة الأخيرة أعطيته شهادتي ليصنع لها بروازاً وفرح جداً لدرجاتي العالية"، معلّقاً  "أنا وأخواتي الثلاثة دائماً في حالة انتظار لأبي، وكلما دق جرس الباب نركض جميعنا نحوه ربما يكون أبي قد عاد".

لائحة اتهام ظالمة من ثلاث صفحات أصدرتها نيابة "حماس" العسكرية بحق خمسة من أبناء حركة "فتح" ومن بينهم زكي السكني الذي يبدو أنها تلقت أوامر إسرائيلية للتخلص منه.

وتتلخص اللائحة بالتالي: تشكيل مجموعات إرهابية للقيام بأعمال تخريبية داخل القطاع وصناعة ووضع عبوات ناسفة وتفجيرها في أماكن مختلفة من محال ومنازل ومقار شرطة والاشتراك بتفجيرات الشاطئ، وكلها ادعاءات باطلة وزائفة بحسب قول والدته.

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان التي تابعت مع العائلة القضية منذ بدايتها، كانت قد منعت من زيارته أو الالتقاء به، قد عبرت عن استنكارها لاختطاف السكني أكثر من مرة وطالبت "حماس" بالإفراج الفوري عنه، ولكن دون جدوى.

خيوط اللعبة  لدى "حماس" واضحة، ومسرحيتها في اختطاف وتعذيب أبناء حركة "فتح"- ساذجة ومكشوفة للجمهور فهي تحاول استنساخ التجربة الإسرائيلية، وحتى تلك لم تنجح فيها. فكما قالت والدة السكني "أزور ابني أحمد منذ تسع سنوات في سجون الاحتلال، إسرائيل تحترمنا وتعاملنا ببعض الإنسانية أما حماس في معاملتها لنا ولأبنائنا فهي لا تمت للإنسانية بصلة