بسم الله الرحمن الرحيم

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) صدق الله العظيم .

بكل إجلال واحترام وتقدير ننحني أمام عظمة قوافل الشهداء في يوم تكريمهم والاحتفاء بهم، ومن هذه المناسبة الجليلة يتضَّوعُ عبقُ طيب ِ الدماء التي نزفت من الجراح المفتوحة، وتتجلى أسمى أيات التضحية، ونكران الذات، والتخلي عن دنيا الشهوات، والتعلُّق بطوبى الجنات.

 الشهداء أعظم منا جميعاً لأنَّ الله سبحانه وعدهم بقصور وحورعين في جنان الخلد إلى جانب الأنبياء والصديقين وحَسُن أولئك رفيقا.

إنهم صُنَّاعُ المجد، وبُناة الاوطان، وحُماة الحمية والكرامة، وكتبة ُالتاريخ بجروفِِ من دمائهم الوضَّاءة، يموتون ويرحلون أجساداََ لكنَّهم باقون عناوينَ ومناراتٍ للشجاعة، والوفاء، والعطاء والإلهام، ينتصبون حرّاساً على تراثنا، ومبادئنا، وقيمنا، وسلوكنا، يحرِّكون ضمائرنا كلَّما خفتَ صوتُها، ويضيئون بإلهامهم الطريق امامنا كلَّما أظلمت، ويفتحون لنا فسحة الامل كلَّما أغلق اليأسُ الدروب والنوافذ.

شهداؤنا الابرار ليسوا لوائح أسماء، ولا ملصقاتِِ تُعلَّقُ على الجدران، إنهم أسمى وأعظم، إنهم ضمير ُ الثورة الذي  لا ينَام لحظة، انهم سيرة كفاح ونضال ِِ وجهاد تقرأهُ الأجيال، إنهم النخبةُ التي ارتقت بعقيدتها وقناعتها، وجرأتها، ورفضها لشهوات الدنيا، وتغليب مصلحة الوطن على الأهل والأنباء، ومفارقة المحبين من أجل فلسطين.

وفي هذه الذكرى المجيدة، ونحن في حضرة الشهداء، وهم في عليائهم.

نسأل المولى عزَّ وجل أن يمنحنا القوة، والشجاعة، والايمان كي نكون أوفياء لهم ولدمائهم الزكية، وأرواحهم الطاهرة.

ونسأل المولى عزَّ  وجل أن يساعدنا كي نكون أوفياء لذويهم وعائلاتهم وأسرهم ، هؤلاء النبلاء الذين فقدوا أعزَّ ما عندهم من احبائهم، وما زالت عيونهم تفيضُ دمعاً، وقلوبهم ترشحُ حزناً وأسى ولكنَّ الصبر والسلوان مددٌ من الرحمن لأهل التقوى والايمان.

في يوم الشهيد الفلسطيني نستلهم سيَر العظماء الذين صنعوا لنا تاريخا مجيداً، وما زالوا في ذاكرتنا واعماقنا، ووجداننا.

 

نستذكر الشهيد الرمز ياسر عرفات قائد مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الذي رحل بعد حصارٍِ وصمودٍ أذهل الجميع، نستذكر الشهداء خليل الوزير، وصلاح خلف، وسعد صايل، وأبو الهول، وابو على إياد، وصبري صيدم، وكمال عدوان، وابو يوسف النجار، وفيصل الحسيني وماجد ابو شرار، وخالد الحسن، وصخر حبش، وعبدالفتاح حمود، وباقي قوافل الشهداء من حركة فتح الرائدة التي ظلت في موقعها الريادي في الساحة الفلسطينية بفضل هؤلاء الشهداء الابطال.

وفي هذا اليوم نؤكد على ضرورة إنجاز الوحدة الوطنية، واتمام المصالحة، وإنهاء الانقسام، والعمل معاً من اجل التوافق على برنامج موحَّد يحدِّد الرؤية الفلسطينية الواضحة والواقعية تجاه ما هو مطلوب على صعيد مواجهة الاحتلال الاسرائيلي الذي يمعن في الاستيطان، والتهويد، والتهجير مستفيداً من حالة الانقسام القائمة، التي تقضُّ مضاجع الشهداء، وتداعياتها على مختلف مناحي الحياة في المجتمع الفلسطيني سواء في الداخل أم الشتات. وهذه القضية هي قضية جوهرية أصبحت تشكل في حال عدم اتمامها عاملاً تدميرياً للمشروع الوطني الفلسطيني، وفي الوقت نفسه فإنَّ استمرار الانقسام والانقلاب أصبح يشكل سيفاً مسلطاً على العنق الفلسطيني من قبل الكيان الاسرائيلي ونحن اذ نحيي الشهيد ياسر عرفات رمز الثورة فاننا نحيي الشهيد الشيخ احمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، والشهيد فتحي الشقاقي، والشهداء جورج حبش، وابو علي مصطفى، وعبد الكريم حمد ابو عدنان، وعمر القاسم، والشهداء ابو العباس، وطلعت يعقوب، والدكتور سمير غوشة والحاج نقولا، كما نحيي الشهداء زهير محسن وجهاد جبريل، وعبد الرحيم احمد، والشهيد سليمان النجاب  ، والمجال لا يتسع لذكر الجميع ، لكن الجميع يعيشون في عقولنا وقلوبنا.

التحية الى الأخوة المعتقلين في معتقلات الكيان الصهيوني، ونسجِّلُ اعتزازنا بصمودهم، وصبرهم، ودورهم الفاعل داخل السجون، وندين كافة الاجراءات والقوانين الجائرة والعنصرية التي تعتمدها إسرائيل لزيادة التعقيدات الهادفة إلى زيادة معاناة الأسير الفلسطيني وأهله .

التحية إلى الاخوة الجرحى والمعاقين الذين يواصلون كفاحهم الوطني رغم أوضاعهم الصحية .

عهداً لكم يا شهداءَنا الابرار ان نكون امناء على وصاياكم .

 

وانها لثورة حتى النصر