المقدمة

   شكلت مأساة الفلسطينيين التعبير الصارخ عن المعاناة التي لحقت بأعداد هائلة من اللاجئين الفلسطينيين، نتيجة فقدانهم  ممتلكاتهم ومنازلهم التي تم الاستيلاء عليها من قبل العصابات الصهيونية. وفيما بعد استهدفت تلك العصابات اعتداتها وتدميرها للمخيمات في لبنان بحيث تعرض مخيم برج الشمالي الى قصف بالطيران الحربي ومدفعية الميدان بين عام 1972 و1982 ليتم تدمير 70% من منازلة اثناء الاحتلال الاسرائيلي للبنان ومخيمات الجنوب.

  من عام 1986، وبعد الانسحاب الاسرائيلي وتوقيق اتفاق المصالحة بين حركتي" فتح وامل"، شهدت مخيمات منطقة صور نهضة بنيانية ، ساهمت في حل الكثير من الصعوبات التي ميزت فترة الاحتلال، والقصف الاسرائيلي على مساكن اللاجئين وإن كانت هذه النهضة لم توفر حلولاً واسعة لمشاكل الإسكان، خاصة للاجئين وللأزواج الشابة.

 

مضمون الحق في السكن الملائم

يتجاوز مفهوم الحق في السكن الملائم الغرفة ذات الجدران الأربعة، والسقف الذي يغطيها لحماية قاطنها، إلى مضمون أوسع وأشمل، وهو مرتبط أساسًا بالكائن البشري، باعتباره أحد العناصر الرئيسية لكرامة الإنسان. ولا يمكن، بالتالي، أن نفهم هذا الحق باقتصاره على توفر الجدران الأربعة للغرفة والسقف  لتحل مشكلة السكن . ورغم الأهمية الحيوية لهذه الجوانب غير أن الحق في السكن الملائم يأخذ أبعادًا أخرى مختلفة، وتتجاوز كثيرًا النظرة التقليدية.  فالمسكن هو المكان الأكثر الذي يقضي فيه الإنسان وقته، ومنه ينطلق للعالم وللبيئة المحيطة يؤثر فيهما ويتأثر منهما، وبقدر ما يكون ملائما بقدر ما يكون الإنسان مبدعًا وفاعلا وخلاقًا .وعليه ينبغي أن يوضع الحق في السكن الملائم في إطاره الصحيح، على أساس أنه حق عالمي وجزء أساسي في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد تم تفسيره وتحديد أبعاده، كونه حق كل إنسان في مكان يضمن له العيش بكرامة وأمان، وبما يضمن له خصوصيته وبناء علاقات عائلية واجتماعية، والتأثير على ما حوله اجتماعيا وسياسيا وثقافيا . وهو المكان الذي يعطي الفرصة لقاطنيه للمساهمة النشطة والواعية والخلق والإبداع في إطار الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي يعيشوﻧﻬا.

ويعرف السكن الملائم بأنه ذلك السكن الذي يتضمن قدرا مناسبا من الخصوصية والمساحة الكافية والأمان والإضاءة والتهوية والبنية التحتية الأساسية ، والحماية الكافية من كل ما يمكن أن يهدد سلامة السكان مثل البرد والمطر والصواعق والحرارةوالرياح والرطوبة والحرائق وما  إلي ذلك.
السكن وهو المكان الذي ينعم فيه الفرد
بالراحة والخصوصية ويشعر فيه بالأمان, وهو المكان الذي يسعد فيه, وهو المكان الذي يحفظ الثقافات الأساسية ومكونات العادات واللغة والتقاليد، وهو المكان الذي يشعر فيه الفرد بإحترام الآخرين والوفاء والإخلاص والأمانة وأشياء أخرى يشعر ويتمتع بها الفرد. المسكن أيضاَ مصدر للعطاء والوفاء والاستمرار في الدفاع عن الحق حق المشردين من وطنهم للعودة لديارهم ومكان اقامتهم الاصلية .
فبعد هجرة الفلسطينيين الى لبنان ،قاموا ببناء المخيمات ابتداءً بالخيم التي تم توزيعها من قبل الانروا وثم  ببناء البرّاكيّة ثم تطويرها الى بيوت من اللبن "الطين الابيض "  والتتبن الممزوج بأسقف من الزينكو ثم الى بيوت من احجار الباطون سماكة 10سم واسقف من الزينك لتستبدل بأسقف من الباطون.

في مخيم برج الشمالي  اللاجئين الفلسطينين الذين فقدوا ارضهم وممتلكاتهم وسكنهم بعد طردهم بالقوة والاستيلاء عليها  من قبل العصابات الصهيونية عام 1948. ليستقر7000 نسمة  بالجنوب اللبناني  بالقرب من مدينة صور  عام 1955 على مساحة 134000 مترا مربعا ظلت ثابتة لم تتغير منذ تأسيسه  رغم تضاعف عدد السكان إلى ثلاثة أضعاف.

وهو ما يعني أن كثافة السكان في هذا المخيم تبلغ اليوم 14.9 أشخاص في كل 100 متر مربع من المخيم، أي أن مقياس سكن العائلة الواحدة معدل 5 افراد 33.5 ممربع ، وهو ما يجعله مخيم شديدة الاكتظاظ بكل المقاييس.

ولغياب أي مؤشر على تخطي هذه المشكلة أو إيجاد حلول عملية لها، بمشاريع توسيع المخيمات لتتناسب مع الزيادة السكانية المطردة .

فهاجس التوطين يحول دائما دون القيام بمثل هكذا مشاريع مما يبقي الحالة المأساوية للسكن داخل المخيمات على ما هي عليه

 

ووفقا لدراسة أعدتها  اللجنة الشعبية  بالتعاون مع المكتب الطلابي الحركي وجمعية نادي الحولة ومؤسسه بيت اطفال الصمود  حول المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والصحية  في مخيم برج الشمالي

والذي تبين ان مساحة المنازل لا تتناسب إطلاقا مع عدد افراد العائلة، وهو ما يعني سهولة انتقال