في الذكرى الأليمة الأولى بعد المئة لوعد بلفور المشؤوم، وتحت شعارات "وعد بلفور مشروع مشؤوم وصفقة ملعونة"، و"مشروع صفقة القرن استكمالاً لوعد بلفور"، و"وعد بلفور جريمة بحق الشعب الفلسطيني"، نظَّمت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اعتصامًا أمام السفارة البريطانية في بيروت، اليوم الجمعة 2-11-2018، تخلّله رفع أعلام فلسطين وإلقاء عدد من الكلمات.

وشارك في الاعتصام أمين سر فصائل "م.ت.ف" فتحي أبو العردات وقادة فصائل "م.ت.ف" في لبنان، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" آمنة جبريل، وأمين سر حركة "فتح" – إقليم لبنان وأعضاء قيادة الإقليم، وممثِّلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وأمين سر حركة "فتح" في بيروت وأعضاء قيادة المنطقة، وممثِّلو المؤسسات والجمعيات والهيئات والتيّارات اللبنانية والفلسطينية، وممثِّلو اللجان الشعبية وقوات "الأمن الوطني الفلسطيني" في بيروت، والمكاتب الحركية الفتحاوية، وحشدٌ من أهالي مخيّمات بيروت، وعددٌ كبيرٌ من وسائل الإعلام المحلية والفضائيات.

وفي نهاية الاعتصام سُلِّمَت مذكرة إلى سعادة سفير بريطانيا في لبنان السيد كريس راميلينغ، تلا نصَّها أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وجاء فيها:

"سعادة السفير كريس راميلينغ المحترم،

سفير المملكة البريطانية في لبنان

في الذكرى المئوية لـ"وعد وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور" المشؤوم، الذي أسّس لقيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية، ذلك الوعد الذي أعطى أرض فلسطين " ممَّن لا يملك لمن لا يستحق"، الذي نتج عنه تهجير واقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره وجلب اليهود من كل بقاع الأرض ليقيموا كيانًا إحلاليًّا استعماريًّا عنصريًّا يُمارس أبشع أنواع الإرهاب المتمثِّلة بتدمير القرى والبلدات والمدن الفلسطينية وتهجير الملايين من الفلسطينيين إلى دول الشتات حيث يعيشون في مخيمات البؤس والحرمان، مع استمرار سلطات الاحتلال في ممارسة التنكيل والطرد والاعتقال والقتل اليومي لأبناء شعبنا، وتهويد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وإنشاء المستوطنات غير الشرعية عليها، ومع تصاعد الحملة الصهيونية على مدينة القدس وتغيير معالمها الأثرية التاريخية والدينية.

إنَّ هذا اليوم المشؤوم الذي مرَّ عليه أكثر من مائة عام، يؤرّخ لبداية المأساة والنكبة الفلسطينية باعتباره الجريمة التاريخية التي ارتكبتها الحكومة البريطانية في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917، والذي كان البداية الرسمية لمعاناة الشعب الفلسطيني، التي ما زال شعبنا يعاني فصولها حتى يومنا هذا، ويتعرَّض للإجحاف منذ مائة عام تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، بل وبتشجيع وعون منه، من دون أن يتحرك لإحقاق الحق لأصحابه، لتصحيح الخطأ التاريخي ورفع الظلم والكارثة الكبيرة التي لحقت بالمنطقة بأسرها، نتيجة السياسات الاستعمارية الظالمة التي مارستها وتمارسها الدول الكبرى.

لذا فإنَّنا ندعو الحكومة البريطانية ونطالبها بما يلي:

أولًا: إنَّ العدالة القانونية والأخلاقية ومبادئ حقوق الإنسان، ومبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، تُلزم بريطانيا في ذكرى "بلفور المشؤوم" بعدم الاكتفاء بالاعتذار، بل أيضًا بإعادة النظر بموقفها من القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية.

ثانيًا: ندعو الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بمسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية عن دعم المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري، الذي أدَّى إلى تشريد شعبنا، وتفتيت نسيجه الاجتماعي، وتمزيق وطنه، والحاق النكبة بشعبنا والكوارث التي نتجت عنها.

ثالثًا: إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، ومقاطعة منتجات هذه المستوطنات، باعتبارها تدخل في باب الجرائم الدولية، والجرائم ضد الإنسانية، ونزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وعزل الكيان الإسرائيلي على الصعيد الدولي لحين التزامه بقرارات الشرعية الدولية.

رابعًا: التأكيد على حق شعبنا الفلسطيني المشروع في مقاومة "وعد بلفور"، والانتداب البريطاني على فلسطين قبل النكبة، وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الصهيوني، إلى أن تتحقق أهدافه الوطنية كاملة، كما أقرّتها مؤسساته الوطنية واعترفت بها الشرعية الدولية.

خامسًا: نطالب الحكومة البريطانية بالالتزام بالعمل على تنفيذ قرارات الشرعية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة، وممارسة كلِّ أشكال الضغط السياسي والدبلوماسي والاقتصادي على حكومة الاحتلال للالتزام بهذه القرارات.

سادسًا: ندعو الحكومة البريطانية إلى اغتنام هذه المناسبة الأليمة لتصحيح الخطأ التاريخي، والاعتراف بحق شعبنا في تقرير مصيره في وطنه فلسطين، بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين من أبنائه في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجِّروا منها منذ العام 1948، وفق قرارات الشرعية الدولية والقرار 194، ونناشد الشعب البريطاني المحب للسلام والعدالة الإنسانية إلى ممارسة الضغط على حكومته لتحقيق ذلك، من خلال تصويت مجلس العموم لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكِّدين أنَّ هذا الاعتراف هو الكفيل بتصحيح ذلك الخطأ، وتمهيد الطريق للسلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط.

كما نؤكِّد موقف القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس برفض صفقة القرن، وكافة القرارات الأمريكية التي أصدرها الرئيس الأميركي ترامب بشأن مدينة القدس، والاعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، أو لجهة قضية اللاجئين، ومحاولاته المستمرة بشطب حق شعبنا في العودة إلى وطنه، من خلال وقفه تمويل وكالة "الأونروا" الشاهد الحي على مأساة شعبنا المستمرة.

ونؤكِّد رفضنا لكافة القرارات العنصرية التي أقرَّها الكنيست الإسرائيلي، لا سيما "قانون القومية اليهودية" الذي يعبر عن أبشع أنواع التمييز والعنصرية وإرهاب الدولة.

إنَّنا نؤكِّد مُجدَّدًا أنَّ حقوقنا الوطنية غير قابلة للمساومة، وأنَّ القدس ليست للبيع، وأنَّا مستمرون في نضالنا الوطني حتى تحقيق أهدافنا ومشروعنا الوطني في الحرية والعودة والاستقلال.

وألقى عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف كلمةً جاء فيها: "في مثل هذه الأيام، كانت فلسطين على موعد مع أبشع جريمة شهدها التاريخ بوضع بلد وأرض وشعب تحت مجهر العدوان الاستعماري.

101 عام مرَّت على وعد بلفور، ولا تزال قوى الاستعمار تساند (إسرائيل) في السيطرة على باقي فلسطين، وها هي الولايات المتحدة ومن خلال (صفقة القرن) تفتح شهية (إسرائيل) لسلب المزيد، وتعطيها ضوءًا أخضر وحماية كاملة.

(إذا مرَّ وعد بلفور لن تمر صفقة العصر)، هذا ما قاله الرئيس محمود عبّاس في كلمته خلال افتتاح أعمال الجلسة المسائية للدورة الـ30 للمجلس المركزي الفلسطيني".

وأضاف اليوسف: "إنَّ محاولات الإدارة الأميركية شطب القضية الفلسطينية وتصفيتها، تُعدُّ استكمالاً لوعد بلفور المشؤوم، واليوم صفقة القرن التي أعلنت عنها الولايات المتحدة هي نتاج ذلك، وحلقة ضمن حلقات ذلك الوعد، ولكنَّ الشعب الفلسطيني قدَّم خلال السنوات الماضية تضحيات كبيرة في سبيل حريته واستقلاله، والدفاع عن أرضه ووطنه وكيانه، لذلك لن تنجح هذه المرة كل محاولات شطب القضية.

لقد بات واضحا تمامًا أنَّ وعد بلفور هو الذي أسَّس وأعلن ما يسمَّى بالوطن القومي لإقامة دولة يهودية في فلسطين، وتشريد الشعب الفلسطيني وتمَّ بناءً على ذلك تسهيل الهجرة اليهودية، وتسهيل دخول السلاح للعصابات الصهيونية التي عاثت فسادًا وارتكبت أبشع المجازر بحق الفلسطينيين".

وشدَّد اليوسف على وجوب التخلُّص من "رواية الحقد المتمثّلة في أسطورة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وختم كلمته قائلاً: "لقد سجّل وسيواصل الشعب الفلسطيني تسجيل المزيد من التضحيات في صفحات تاريخه النضالي على درب مسيرة الكفاح المتواصل من أجل استعادة حقوقه الوطنية".

وكانت كلمة لعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي فيصل قال فيها: "بالتاريخ كتبت المملكة البريطانية وبريطانيا بكلِّ مكوناتها على لسان وزير خارجيتها، جريمة العصر، حينما أقرَّ بأنَّ فلسطين هي الوطن للشعب اليهودي، ليلتقي مع نازية وعنصرية نتنياهو الذي أعاد التأكيد في رسم طبيعة الكيان الصهيوني بأنَّه كيان تمييز عنصري وتطهير عرقي، عبر إقراره بقرار قانون القومية اليهودي الذي يسد الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين".

وتابع: "في هذا اليوم بالذات، ندعو بريطانيا وحكومتها لمعالجة وتصحيح جريمتها بالاعتذار لشعبنا الفلسطيني، وشعوب أُمّتنا العربية، وكل شعوب العالم، لأنَّها ارتكبت جريمة ليس بحق الفلسطينيين بل بحق الشعوب العربية وبحق الحرية وبحق العدالة في هذا العالم. ندعوها لتصحيح هذه الجريمة بالإعلان المباشر بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم".

ودعا فيصل المجتمع الدولي للتحرُّك وتطبيق قرارته التي اتَّخذها بالشأن الفلسطيني، وتمكين الشعب من تسهيل سيادته على أرضه المستقلة، وإنهاء الاحتلال وتوفير الحماية له، وأضاف: "كما ندعو الولايات المتحدة الأميركية التي لا نراهن عليها ولكن نُحمِّلها المسؤولية بجريمة القرن الجديدة، بأن تتراجع عن كلِّ قراراتها بما فيها العودة عن الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة اليهودية، والعودة عن قراراها بإقفال مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا العودة عن وقف التزاماتها تجاه "الأونروا"، وسعيها الحثيث لتعريف جديد للاجئ ينهي قضيته" .

من جهته، وجَّه أمين سر حركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش كلمة شكرٍ، بعد انتهاء الاعتصام، إلى جميع وسائل الإعلام التي تواكب الحدث الفلسطيني دائمًا وباستمرار. كما وجّه الشكر إلى الأجهزة الأمنية كافّةً، ضبّاطًا ومسؤولين وأفرادًا، الذين تولوا تنظيم وحماية الاعتصام.

خبر: حسن بكير

#إعلام_حركة_فتح_لبنان