عجز الأخضر ولساعات طويلة أن يحفظ لوحة لبنان الجميلة حين جنّت الطبيعة واشتدت معزوفة الموت فيها فاستغاث الحجر والبشر قبل أن تحل نعمة المطر وتطفئ السماء نيران الأرض. 

 

حرائق تجاوز عددها المئة شبّت على الأراضي اللبنانية قرعت لها أجراس الكنائس في بعض المناطق من أجل إيقاظ الناس وفتحت المساجد والأديرة لاستقبالهم حتى وصف كاهن منطقة المشرف المحترقة صورة منطقته بجهنم.

 

وفي ظل تخوف من اشتداد الرياح مرة أخرى عملت كل فرق الدفاع المدني وكل هيئات الإنقاذ بما فيها التابعة للمخيمات الفلسطينية والأهالي وبمساندة طائرات قبرصية بالإضافة إلى تلك التابعة للجيش اللبناني على إطفاء معظم الحرائق وتبريد أرضها وبقي العمل مستمرًا للقضاء على الحرائق الثلاث الاساسية في منطقة الشوف ولساعات متأخرة قبل أن يهطل مطر غزير من السماء ويتبدل نداء الاستغاثة بدعاء الحمد لله.

 

خسائر طبيعية وبشرية ومادية لا تعوض وتشكيك كبير من مسؤولين وأهالي بحدوث تلك الحرائق دفعة واحدة في أغلب المناطق اللبنانية. 

 

في كل حال، إنَّ عوامل الطبيعة المتمثلة بدرجات الحرارة المرتفعة وسرعة الرياح الزائدة وانخفاض درجة الرطوبة باغتت لبنان واشعلت أراضيه وهذا قابل أن يحصل في أي بلد بالعالم ولكن ماذا عن الجهوزية المطلوبة لمواجهة حالة كهذه والتي كشفت الكارثة ضعفها.

 

مرة أخرى تفتح الكوارث الباب على ملفات وسجالات أخرى تتقل المواطن من الحديث في حرائق الوطن إلى طائرات السيكورسي لإنقاذ وإطفاء الحرائق التي استقدمت إلى لبنان منذ سنوات، ولكنّها عاجزة اليوم عن تأدية عملها بسبب عدم صيانتها علمًا أنَّ كلفة الصيانة أقل بكثير من الخسائر التي حققتها الحرائق حسب ما صرح به وزير داخلية لبنان السابق زياد بارود بالأمس في حين بيّنت مصادر عسكرية أنَّ هذه الطائرات لديها مشاكل حيث أنَّ واحدة تعرّضت لحادث hard landing والاثنتان الأخريان تحتاجان لقطع غيار وكلفة صيانتها مرتفعة جدًّا بالإضافة إلى أنها تعمل على الماء المالحة وفِي إخماد الحرائق يفضل بالإجمال المياه الحلوة وقدرتها على المناورة قليلة جدًّا إذ إنها في المناطق الجبلية والتي فيها تلال لا يمكنها العمل.

 

وبالتوازي مع السجالات التي بات المواطن اللبناني غير مكترث لجدواها بفعل انشغاله بأزماته المعيشية المتراكمة وقناعته بأن سقف الحلول لن يتجاوز الدعوة إلى خطة جديدة وشاملة لتفادي ما حصل مرة أخرى دخلت مسألة اتّساع رقعة الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الأشجار الحرجية في الشوف وجبل لبنان ومناطق لبنانية على خط لقاءات المسؤولين اللبنانيين.

 

اشتعل لبنان بنيران لم تفرّق مناطقيًّا أو سياسيًّا أو طائفيًّا فالتقى مواطنوه على إطفائها ومن دون حساب.. فهل يلتئم سياسيوه على إطفاء حرائق أزماته اليومية؟

بقلم: الصحافية اللبنانية هلا سلامة