آخر إبداعات "حماس" هو تصريح أحد الناطقين بِاسمها صلاح البردويل، الذي دعا لتشكيل لجنة وطنية لمواجهة صفقة القرن، لم أستطع إلّا أن استغرب، رغم أنّه ليس في مواقف "حماس" الانشقاقية شيء يُفاجئني، "حماس" ممكن أن تذهب لأي اقتراح عدا الذهاب إلى الوحدة الوطنية. فمشروعها الإخواني هو مشروع انشقاقي أناني، إمّا أن تقود "حماس" وتسود أو لا وحدة.

تصريح البردويل هو استمرار في استخفاف "حماس" بعقول الناس في بلادنا، فإمّا أنّها غير مدركة لخطورة المرحلة، أو أنّها لا تزال تراهن على تقديم نفسها بديلاً عند نتنياهو وترامب، بديلاً يمكن أن يتعاطى مع "صفقة القرن"، وبالتالي هي تبعث الرسائل والإشارات أنّها غير جدية في مواجهة هذه الصفقة، وتواصل بذلك شق الصف الفلسطيني.

على أيّة حال، فإنَّ هذا التنظيم الإخواني، الذي أصرّ على انقلابه على الشرعية الوطنية، وصنع الانقسام واستمر به رغم كل ما تواجهه القضية الفلسطينية من خطر مصيري هو بالتأكيد مصاب بالعمى. إنّني أتساءل ويتساءل معي كل شخص عاقل، هل يمكن مواجهة صفقة القرن بتشكيل لجنة؟! هناك قيادة للشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية، لديها لجنة تنفيذية هي مَن يقود ويقرر، إنّ أقصر الطرق هو أن يدخل الجميع للمنظمة، نقوي من عودها ومن عودنا، ونواجه صفقة القرن موحدين ونفشلها.

إنّ أي اقتراح آخر هو استمرار للانشقاق والانقسام، وهو دليل على عدم جدية في مواجهة صفقة القرن التصفوية، لندع ألعاب السيرك البهلوانية جانبًا، وأن نتصرّف بمسؤولية وطنية في هذه اللحظة المصيرية، والتي هي لحظة إمّا أن نكون أو لا نكون، وأن نكون لا بد من الوحدة الوطنية لمواجهة صفقة ترامب الصهيونية، و"حماس" تصر أنَّها وحدها المقاومة، فأيُّ مقاومة هذه وهي منغمسة في الانقسام ورفض أي مبادرة للوحدة الوطنية.

عام 1948، وبعد أن وقعت الفأس بالرأس، أدرك الفلسطينيون أنّ رهن أنفسهم وقرارهم الوطني لأي طرف لن يجلب لهم لا حُرية ولا استقلالاً، وأنّ غياب وحدتهم هو الذي سهّل حدوث النكبة وضياع فلسطين، فقط عندما أطلقوا ثورتهم عام 1965، وتوحّدوا حقّقوا المكاسب، وأعادوا قضيتهم للحياة مجدّدًا.

فلماذا نُكرّر الخطأ ذاته اليوم؟