يبعث الفلسطينييون مع كل عام تدخله الثورة الفلسطينية المعاصرة التي أطلقتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، رسالة وفاء إلى الشهداء الذين إرتقت ارواحهم على درب الحرية، إلى الأسرى، الأبطال الصامدين في وجه الجلاد المحتل، وإلى شعوب الأمة العربية والشعوب الحرة في العالم، الذين بمساندتهم وتأييدهم إستعادت فلسطين مكانتها على خريطة العالم، وفرض الشَّعب الفلسطيني قضيته كقضية تحرر وطني على أجندة العالم.

رسالة الفلسطينيين تحمُّل عناوين كبيرة، أولها أن فلسطين الحرة التقدمية، الديمقراطية المدنية، دولة ذات جذور انسانية ضاربة في عمق التاريخ، فيها شجرة شعب حضاري مصمم على أخذ مكانه تحت الشمس والمساهمة في بناء الصروح الحضارية للإنسانية.

لا تأويل ولا تفسير لمفردات رسالة الشعب الفلسطيني سوى أن أي تخليق لبدائل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ستولد ميتة حتمًا، وأن القوى الوطنية الحية للشعب الفلسطيني قادرة على إجهاضها أو إبقائها في أرحامها الخائنة حتَّى تسقط متعفنة.

رسالة عنوانها بالخط العريض أن الشعب الفلسطيني مع برنامج حركة التحرر الوطنية، وإن ثقته بقيادته السياسية ذات الشرعية الكفاحية لا حدود لها، لإدراكه أن القضية في عقل وقلب مناضلين ثائرين كانوا ومازالوا، لا يفكرون بمصالحهم الشخصية، ولا بمكاسب زائلة، وإنما بمصالح الشعب العليا، ولا يشغلهم عن حماية المشروع الوطني بهرجة سلطة أيًّا كانت.

شعب الثورة، والمقاومة الشعبية السلمية، شعب الدولة المستقلة ذات السيادة الذي لا يرى ذاته حرًا دون القدس عاصمة وطنه الأبدية يبعث للعالم مع بداية كل عام برسالة تؤكد قدرته على تغيير قوانين وأدوات الصراع مع الغزاة المحتلين والمستعمرين العنصريين.

رسالة سنوية تتوج باضاءة شعلة في الليلة الفاصلة بين فجر عام جديد، وآخر يوم من عام تراكمت فيه إنجازات الثورة الفلسطينية، رسالة من شعب ثورة المستحيل تبين للعالم حقيقة حركة فتح كفكرة وطنية، ومدرسة عملية تطبق منهج الإنتماء والالتزام بمبادئ وأهداف وأخلاقيات الشعب الفلسطيني، رسالة ثورة تحذر كل من يفكر بالمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، ومن يظن بقدرته على التعامل مع مصير القدس كسلعة تجارية تخضع لقوانين البيع والشراء، رسالة لخصها رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الرئيس أبو مازن بكلمتين بعد بسم الله الرحمن الرحيم "القدس ليست للبيع".

رسالة جماهير فتح السنوية رسالة يومية مخطوطة بدماء الشهداء تبعثها للأمة العربية يوميًا مفادها أن ملايين الفلسطينيين في أرض وطنهم يعتبرون أنفسهم في خط الدفاع الأول عن طموحات وآمال الأمة العربية في التحرر والتقدم والإزدهار وأن المعركة مع المشروع الاحتلالي الإستيطاني الإسرائيلي العنصري ليست معركة خاصة وإنما مصيرية بامتياز، فانتصار الشعب الفلسطيني إنتصار لكل الشعوب العربية، وإنكسار المشروع الوطني الفلسطيني -لا سمح الله- يعني الانهيار السريع لركائز الدولة المدنية في أي قُطرعربي والجماهير التي تهتف لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، إنما تهتف للثورة، للحرية، للتحرر من دكتاتورية وعنصرية وظلم الاحتلال وتهتف للدولة الديمقراطية المدنية، ولمستقبل، الأمة العربية المشترك، فحركة فتح ما كانت لتحيا الا بقلب عربي وجذور إنسانية، وما كانت رمزًا لحركات التحرر في العالم لولا إقتناع الأحرار في العالم بصواب منهج مدرستها الكفاحية، ورؤية وحكمة قيادتها، وبفكرة ثورة المستحيل كما أحبوا تسميتها، وإكتشافهم لسر ديمومتها، فالثورة والوطن عند فتح أعظم من قدرة كائن على حصرهما بنظرية سياسية محددة، وسبقت كل حركات التحرر في العالم في صياغة مشروع الدولة الديمقراطية لكل مواطنيها وهي مازالت في سياق حركة تحرر.

سؤال كبير يضعه الباحثون عن السر الذي مكن حركة فتح من الديمومة لأكثر من نصف قرن توالت فيه المؤامرات الدولية والحملات الحربية الإسرائيلية المنظمة عليها بمشاركة قوى إقليمية رسمية وغير رسمية، ونعتقد أن الجواب على سؤالهم أسهل ممَّا يتصورون، ففتح قد إستمدت روحها وفكرها ومبادئها من الشعب، وصممت أهدافها من أجل تحقيق أهدافه في التحرير والحرية والاستقلال، والمؤمن بالشعب قوي أبدًا لأن الشعب لا يموت.