في الوقت الذي يغلي فيه موقد الأحقاد والضغائن، وتتناثر شظايا التهديد الوجودي للقضية الفلسطينية، وفي الوقت الذي تقف فيه منظمة التحرير الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح وحيدة في ميدان مصارعة الثيران، ويصطف الرواد وهواةُ قتل الانسان، وذبح البشر بقرون الثور الهائج أو بأنياب الذئاب، يصطفون لمشاهدة النهاية الأليمة لمن حمل الراية، ولمن صنع الثورة، ولمن قاد المسيرة، ينتظرون على أحرِّ من الجمر رؤيةَ من فجَّر الانطلاقة، وصاحبَ الطلقة الأولى ممزقاً بين قرون الثور الهائج، وتحت أقدام ترامب الأهوج، ليعلنوا النصرَ على صاحب القرار المستقل، وقلْب الصفحة، وإعلان عصر جديد يستطيعون فيه توزيع الحلوى، ودفن ثلاثة وخمسين عاماً من الكفاح الوطني... في هذا الوقت بالذات، وفي الحادي والعشرين من آذار تُطل الكرامة الفلسطينية من أعماق التاريخ، وتصرخ بوجه ترامب، ونتنياهو، وكل المذعورين. تصرخُ الكرامة بقوة الأصوات المزلزلة، أصوات الفسفوري، وربحي، وأبو أمية، وأبو شريف، وهم من فجروا أجسادهم المزنَّرة بالديناميت في جوف الدبابات والمجنزرات. ومن شظايا أجسادهم، ومن نزيف دمائهم صنعوا لنا مجداً وكرامة.

في ذكرى الكرامة الخمسين إسمحوا لنا يا أبطال الكرامة أن نغرفَ من معين تضحياتكم، ومن طهارة إيمانكم، ومن نقاء سريرتكم، ومن بحر وفائكم ما نتزوَّدُ به في مسيرتنا، كي لا ننسى أصالتنا، وكي لا يجفَّ الانتماءُ فينا، وكي تبقى رجولةُ الكرامة متقدة في أعماقنا، تبعثُ فينا القيمَ، والمبادئ، والتضحية، والامانة من أجل أن تبقى فلسطين النقية بكل ما فيها من أُخوَّة، ومن محبة، ومن مصداقية، ومن نصرة الأخ لأخيه، ومن حرمة الدم، وصون العرض، ونبذ الفرقة.

يا أبطال الكرامة، يا أبناء ياسر عرفات، ورفاق أبي جهاد، أعذرونا فنحن مضطرون أن نعود إليكم كلما دارت علينا الدائرة، وكلما بلغ السيل الزُّبى، لنستقوي بكم شهداءَ وأحياءَ حتى نحفظ العهد والوعد.

ما صنعتموه بوجه موشي دايان وزير العدوان صبيحة يوم الحادي والعشرين من آذار، يدل على عمق الانتماء الوطني والقومي لفلسطين. لقد أخذتم قراركم بالمواجهة رغم كل التحذيرات، لأنكم تؤمنون أنَّ النصر من عند الله، وان الله قادر على ان ينصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة. لقد صممتم أن لا تضيفوا هزيمةً جديدة للامة العربية، واستطعتم وأنتم قلة ومعاً وسوياً مع فرقٍ وكتائب من الجيش الاردني بقيادة الفريق مشهور حديثة الجازي قائد الفرقة الأولى في الجيش الاردني، استطعتم معاً أن تفرضوا على القيادة الاسرائيلية، وفي ذات اليوم الساعة الحادية عشرة والنصف بأن تطلب من الجنرال أودبول كبير المراقبين الدوليين وقف إطلاق النار، وهذا ما حصل لأول مرة، ووافق الطرفان الفلسطيني والاردني على وقف إطلاق النار، وانسحبت القوات الإسرائيلية تجرُّ خلفها ذيول الهزيمة، تاركة الدبابات المدمّرة والجثث الاسرائيلية، ومن أجل أن يتعرف على أصالة المشروع الوطني، وعلى أصالة حركة فتح الوطنية والقومية، وأن حركة فتح تقاوم، ولا تساوم وهي صاحبة القرار، وهي صانعة المستحيل. وحركة فتح متجذرة في الارض الفلسطينية، وفي كل يوم ستكون لنا كرامة.

المجد والخلود لكل الشهداء الابطال وخاصة من صنعوا لنا الكرامة هناك على أرض الكرامة.

الحرية لأسرانا البواسل في المعتقلات والزنازين.

والشفاء لجرحى الثورة والانتفاضة والصمود اليومي.

وخلفك يا سيادة الرئيس سنخوض معركة الحفاظ على م.ت.ف، وعلى القرار الوطني المستقل، ومعك سنخوص معركة حماية شعبنا ومقدساتنا.

وانها لثورة حتى النصر

عضو المجلس الثوري

الحاج رفعت شناعة

21/3/2018