في مشوار صراعنا المتصاعد مع إسرائيل ، من اجل تجسيد حقنا في التحرر النهائي من الاحتلال ،وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية ،حاولنا بكل الوسائل استيعاب التيارات الإسلامية الفلسطينية التي كانت تتبع أساسا تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ،ودمجها في صميم الثورة الفلسطينية المعاصرة التي استلمت فلسطين في حضنها علم الثورة العالمية من فيتنام ،وكانت ابرز محاولات الاستيعاب قيام حركة "فتح" وقواتها العاصفة ببناء قاعدة ((الشيوخ))التي كان يقودها الشيخ عبد الله عزام ،ولكن بمجرد انفتاح جديد للإخوان المسلمين للذهاب إلى أفغانستان فان التجربة فشلت ،وحتى عزام التحق بالعمل في أفغانستان ولقى حتفه هناك.
لكن المتغير الأكبر والصادم هو الذي ظهر في أعقاب تشكيل السلطة الوطنية عام 1999،وانسحاب إسرائيل على يد الجنرال شارون عام 2005، فلقد ثبت أن ذلك الانسحاب الأحادي لإسرائيل كان الخطوة الممهدة للانقسام الذي قامت به حماس في 4-6-2007، والذي لا يزال الوضع الفلسطيني يعاني بسببه حتى الآن ،والذي أوصل قطاع غزة((أول الوطن))) ، وأول الثورة ،وأول الحجارة ، إلى حافة الانهيار كما تجمع كل التقارير الدولية، هذا الانقسام الذي يقف نقطة ضعف في طريق برنامجنا الوطني .
الانقسام جاء بعد توقيع اتفاق مكة الذي شكلنا بموجبه أول حكومة وحدة وطنية التي كانت بقيادة حماس ، ورأسها في ذلك الوقت الأخ إسماعيل هنية ((أبو العبد)) الذي هو رئيس المكتب السياسي لحماس الآن ، واستمرت الجهود برعاية الشقيقة الكبرى مصر للوصول إلى المصالحة ، وإنهاء هذه الحالة الشاذة ، ووقعنا اتفاق عظيما للمصالحة في سنة 2011، ولكننا مازلنا ندور في الحلقات المفرغة ، حماس ترفض أن تنفذ ، حتى بعد إعلانها عن مراجعات في العام الماضي ، وانتخاب قيادة جديدة ، فان قرار المصالحة ظل خارجا من يدها ، انه في يد التنظيم الدولي ،وهذا بالنسبة له فان قطاع غزة المحاذي لسيناء المطل بحريا على ليبيا هو موقع نادر لا يمكن التفريط به ، أو ليس هناك قيادة حمساوية يمكن أن تتحرر وتمنع استخدامه بما يناسب التنظيم الدولي كما فعل الغنوشي في تونس الذي خاطب التنظيم الدولي خلال اجتماعه في استنطبول قائلا له "أن أي حزب إسلامي يفقد غطاءه الوطني سينتهي إلى الفشل المحتم ،ولكن قيادة حماس لم تمتلك لا هذه الرؤية ولا هذه الشجاعة ".
وبينما يتصاعد اشتباك مشروعنا الوطني مع إسرائيل ،وحتى مع أميركا بعد إعلان ترمب ، ويلقى تاييدا واسعا من المجتمع الدولي، و أصبحنا في موقع من يقدم خطط السلام العميقة كالفعل أبو مازن زعيمنا ورئيسنا في العشرين من ها الشهر أمام مجلس الأمن، فان الانقسام هو نقطة الضعف التي يستغلها نتنياهو الذي يتعامل مع حماس بصفتها صديقته الخلفية ، يرمي إلى هذه الحديقة بكل قاذوراته من عمليات عنف وحروب ومآسي ضد شعبنا في قطاع غزة الذين يعانون من أوضاع كارثية على صعيد المياه والكهرباء والصرف الصحي ، وعلى صعيد الحصار والأوضاع الطارئة دائما .
ماذا تريد حماس ؟؟؟؟
وليس هناك اتفاق إلا وتتجاهلة ، وليس هناك خطوة ايجابية إلا وتفسرها بسوء، ولا أمل إلا وتواجهه بأسود الأفعال، والانحياز دائما إلى رهانات الآخرين الساقطة.