سنوات طويلة عجاف مضت وانقضت على هزيمة العرب، وانتكاستهمُ، وخيبتهم، يوم احِّتُلتْ القدس الشريف ضاعت معها الكرامة العربية والإسلامية، حينما اغتصبت فلسطين، وضاعت عام 1948م، فكانت الخيبة والنكبة، ثم تلاها بعد سنوات وبالتحديد في الرابع والخامس من حزيران يونيو كانت الهزيمة النكراء السوداء حينما ضاع ما تبقى من فلسطين وأصبح يعرف بيوم (النكسة).

تأتي علينا ذكرى النكسة الأليمة لهزيمة الجيوش العربية عام 1967، والتي تسببت بنتائج مُرعبة ومدمرة، منذ ذلك اليوم، ولا زال الشّعب الفلسطينيّ خاصّة، والأمّة العربيّة والإسلامية عامّة يعانون من إرهاصاتها وآلامها وويلاتها؛

وحتى بعد مرور نصف قرن من احتلال المسجد الأقصى المبارك، لا تزال الأراضي التي احتلتها العصابات الصهيونية التي سمت نفسها (إسرائيل)، تحتل القدس الشريف مسرى النبي صل الله عليه وسلم، أولى القبلتين وثاني المسجدين؛ كما تحتل الضّفّة الغربيّة واحتلت وقتها قطاع غزّة، ومرتفعات الجولان السّوريّة، ومزارع شبعا اللبنانيّة، والتي بّقْيتَ مغتصبة ومحتلة من الصهاينة حتى يومنا هذا في الألفية الثانية لعام 2017م، وزاد الطين بللاً الانقسام الفلسطيني، الفلسطيني!؛

والشعب الفلسطيني معاناتهُ متواصلة ومستمرة من قِّبل الاحتلال الفاشي العنصري الاجرامي الصهيوني؛ حيثُ قتلوا البشر، وأحرقوا واقتلعوا الشّجر، والحجر، وبعد 50 عاما لا تزال القدس أسيرة محتلة تنادي وعرباه، واسلاماه، ولا مجيب، ولا مغيث، ولا نصير؛ بل انشغل العرب والمسلمون، بشرقٍ أوسط جديد، وبالفوضى الخلاقة، وما عرف بالربيع العربي الدموي الذي قسم المقسم وجزء المجزوء، وجعل العرب والمسلمين يقتلون بعضهم بعضًا، وشرّدت الشعوب العربية، والكثير منهم أغرقتهم مياهُ البحر أثناء الهجرة إلى بلاد الغرب هرباً من الحرب؛

وفي ربيع دموي يجري فيه القتل والقتال على الأرض العربية، وبالمال العربي؛ وأما السلاح الذي يقتل فيه العرب بعضهم بعضاً ثم شراؤه من الغرب الأمريكي، أو من العدو الصهيوني المتفرج علينا، بل يُغّدي نار الفتنة المذهبية والطائفية والقبلية؛ وبعد هذه السّنين الطويلة المريرة الأليمة الخمسون عاماً، من الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى، والضفة وغزة، والجولان، واليوم ولمصلحة كيان الاحتلال المسخ (إسرائيل)، يجرى تقسيم وتدمير البلاد العربية كالعراق وسوريا، واليمن، وليبيا، وقتل وتشريد الشعوب العربية!، وبالطبع إنه سايسك بيكو جديد كلهُ يجري بعيون ورعاية صهيونية، وبخططٍ أمريكية ونحن العرب المفعول بهم، ونحن الخاسر الأكبر لكل ما يجري، في هذا الربيع الدموي لتصبح كل دولة أربع أو ثلاثة دويلات، تحكمها الفرق، والجماعات العصابات والطائفية، والمذهبية، والحزبية، والعصبية الجاهلية!! واستغل الغرب والشرق، واستخدم جماعات منها من ادعى بأنها جماعات إسلامية، استغلت واستخدمت كوسيلة لنشر "الفوضى الخلّاقة، خدمة لأجندات أجنبيّة، تسعى لتطبيق المشروع الأمريكيّ" الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة؛

والنكسات والنكبات لازالت تلاحق العرب والمسلمين، والاحتلال الصهيوني وعصاباته من قُطعان المستوطنين الغاصبين يزدادون شراسةً وتوسعاً وتمدداً يومياً بشكل غير مسبوق!!؛ وتهويد القدس مستمرّ، وتقسيمه زمانياً ومكانياً يجري على قدمٍ وساق!!، والاستيطان تغول وانتشر واستشرى في كل الضّفة الغربيّة المُحتلة، والجدار العازل التهم الضفة، وبات يمنع امكانيّة قيام الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة لأنها لم تعد مُتواصلة جغرافياً، بسبب اجراءات الاحتلال والانقسام الفلسطينيّ لا يزال مستمرّا، وإمارة غزة، أو مخطط دويلة غزة، لا تزال حلم يشق طريقهُ لتدمير المشروع الوطني برمتهِ!؛

في ظل حصار خانق على قطاع غزة المحاصر برّا، وبحرا وجوّا، وتستمر معاناة حوالي مليوني فلسطيني يعيشون ضنك الحياة، وبعض أولى الأمر والنُهى من حكام غزة من قال: "مستعدين بالتضحية بنصف مليون فلسطيني في غزة""!!!، وكما هي حال القدس الشريف ومسجدها المبارك يستباح ليل نهار من الغاصبين المستوطنين الصهاينة ولا نصير ولا ظهير، ولا مدافع عنها، وحتى عبارات الاستنكار والشجب ضد الاحتلال لم نعد نسمعها من إخوة الدين والمصير الواحد المشترك، ولقد تناسوا أو تغافلوا عن أن المسجد الأقصى المبارك أُنزل فيهِ قرآن يُتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، والمسجد الأقصى هو الاسم الإسلامي الذي سماه الله سبحانه وتعالى لهذا المكان المبارك في القرآن الكريم؛ وْهوّ ثاني مسجد وضع في الأرض بعد مكة المكرمة وبينهما أربعون عامًا، ويقال أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام، بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد، وهو أول قبلة للمسلمين، وهو مسرى النبي صل الله عليه وسلم، إنه المسجد الأقصى المبارك المعظم، إن الجنة لتحِنُ شوقًا إلى المسجد الأقصى المُبارك، والذي يتعرض الأن لأعنف وأشرس محاولات من الصهاينة لهدمة وبناء هيكلهم المزعوم مكانهُ بعدما حفروا أسفلهُ مئات الأنفاق!، والعرب والمسلمون نائمون لا يحركون ساكناً؛ فهل للمسجد الأقصى من الناصر صلاح الدين من جديد ليحررهُ من رجس ونجس الغاصبين الصهاينة الذي أكثروا في الأرض الفساد؟، إلا يكفي نصف قرن على الاحتلال الصهيوني للقدس!!؛ أما آن لهذا الاحتلال العنصري الصهيوني أن ينتهي؟! أم على قُلوب أقفالهُا يا أمُة العُروبة والإسلام!!!.