رصدت الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية المظاهرات الحاشدة التى شهدتها مختلف أنحاء المدن المصرية اليوم تطالب برحيل الرئيس محمد مرسى، فقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تحت عنوان "التوتر يتفاقم مع ازدياد الاحتجاجات" أن الاحتجاجات المعارضة للنظام اندلعت واحتشد المحتجون بميدان التحرير اليوم فى الوقت الذى هتف أنصار الرئيس محمد مرسى باسمه بالقرب من القصر الرئاسى فى مواجهة متوترة بين مؤيدى الرئيس ومعارضيه، يخشى الطرفان من أنها قد تؤدى إلى عنف على نطاق واسع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الإعلام والخيام واللافتات المصرية ملأت التحرير، أيقونة العاصمة، حيث أطلق المصريون ثورتهم التى أطاحت بمبارك قبل عامين ونصف، وحيث يأمل كثيرون أن تنطلق الثورة التى تطيح بمرسى.

ورغم دعوة رجال الدين المسلمين والمسيحيين فى مصر المحتجين من كلا الطرفين إلى السلمية فى أعقاب الاشتباكات قرب مقرات الإخوان المسلمين فى الدلتا، إلا أن التوتر فى شوارع القاهرة مع تدفق المحتجين من المظاهرات المضادة نحو مسيرات مقررة فى المساء.

وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المحلات التجارية أغلقت أبوابها فى الوقت الذى استعدت فيه البلاد للاضطرابات، بينما انتظر المصريون الصدام بين مؤيدى ومعارضى الرئيس. وظلت الشوارع فى القاهرة خاوية بشكل مخيف، على الرغم من أن الأحد هو أول أيام العمل فى الأسبوع بمصر.

بينما قالت صحيفة "يو إس إيه توداى" الأمريكية أن المصريين هتفوا مطالبين باستعادة بلادهم، وأشارت إلى أن المحتجين ملأوا ميدان التحرير فى حين تحرك آخرون نحو القصر الرئاسى، ومن المتوقع أن تتدفق الحشود عبر المساء لتظهر شدة الاستياء الواسع وتعزيز احتمالات مزيد من عدم الاستقرار بعد عام من أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد.

وأوضحت الصحيفة أن المظاهرات فى التحرير ظلت سلمية على الرغم من غياب الشرطة وقوات الأمن. وامتلأ الميدان بصوت قرع الطبول وهتافات "أرحل" و"ثورة ثانية"، ورفرفت الأعلام ورسم الأطفال على وجوههم ألوان علم مصر، وكان المكان أشبه بالاحتفال.

بينما كانت أغلب المدينة هادئة وصامتة فى أسلوب غير معتاد ولا يصدق لبداية أسبوع العمل فى البلاد. ويتوقع البعض مزيد من العنف والاضطراب فى الساعات أو الأيام القادمة وهو ما يمكن أن يؤدى على اضطرابات سياسية متزايدة، حيث حذر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى من أن الجيش قد يتدخل لمنع دخول البلاد فى نفق مظلم.

ورأى طارق رضوان، الخبير بمركز رفيق الحريرى التابع للمجلس الأطلنطى، إنه ربما يكون هناك جيوب محدودة من العنف فى أنحاء مصر تستطيع الشرطة احتوائها، إلا أن الأكثر احتمالا هو أن يتطلب تصعيد هذا العنف ليتجاوز الاشتباكات المحدودة ونزول الجيش والسيطرة على الشوارع.

فيما قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" أن مصر تستعد لمواجهة حاسمة فى الشوارع، مشيرة إلى أن كلا من أنصار مرسى ومعارضيه اتفقوا على أنه يواجه لحظات حاسمة مع امتلاء الشوارع بالمتظاهرين الذين يطالبون باستقالته.

وأوضحت الصحيفة أن مئات الآلاف من المصريين نزلوا على شوارع العاصمة وحول البلاد ليطالبوا أول رئيس منتخب لهم بالاستقالة فى خطوة يشعر الطرفان المتصارعان سياسيا أنها حاسمة لمستقبل مصر.

ورصدت الصحيفة شعارات "ارحل" عن قصر الاتحادية، وأمل المتظاهرين فى إجبار مرسى على ترك السلطة التى أطاحوا بمبارك منها أيضا عام 2011، فى الوقت الذى تظاهر مؤيديون للرئيس للدفاع عن الشرعية.

وقالت الصحيفة إن أحد الطرفين يرى أن الاحتجاجات هى فرصة مصر الأخيرة للحفاظ على التحول الذى سار فى اتجاه سىء، فى حين يرى الطرف الآخر أن الاحتجاجات تهديد للديمقراطية الجديدة فى مصر.

ويخشى البعض من أن تتسبب المظاهرات فى انقسام مرير بين أنصار الرئيس ومعارضيه بما يؤدى إلى عنف كبير، وقد زاد الانقسام من هذا الإعلان الدستورى فى نوفمبر الماضى.

وفى افتتاحيتها، قالت الصحيفة إن الاحتجاجات الحاشدة المطالبة برحيل مرسى تعكس ديمقراطية جديدة فى حاجة إلى دروس فى تطوير الثقة والمصالحة، ودعت الصحيفة إلى الاستفادة من الدروس التى قدمها نموذج نيلسون مانديلا فى جنوب أفريقيا.

وأوضحت الصحيفة أن كرم مانديلا إزاء معارضيه ساعد فى تحقيق المصالحة والحرية فى بلاده، حيث احتضن مانديلا معارضيه وافترض أن البيض مستعدين لمعاملة الزنوج على قدم المساواة. واستبدل العنصرية والكراهية باللطف غير العرقى، ومن ثم حقق الحرية لبلاده من الظلم.

وتمنت الصحيفة أن يستطيع القادة السياسيون فى مصر فهم أساس قدرة مانديلا على خلق الثقة بعرض وتقديم تلك الثقة. ورأت الصحيفة أن القضايا السياسية فى مصر أصبحت شخصية منذ 2011 بعد الإطاحة بمبارك. ويسعى منظمو 30 يونيو إلى إسقاط رئيس منتخب بينما يقدم مرسى انتقادات قاسية لمن يخشون أنه ينشىء دولة إسلامية غير ديمقراطية.

وتعتقد الصحيفة أن اعتراف مرسى بارتكاب أخطاء فى خطابه الأربعاء الماضى خطوة مهمة، واعتبرته تواضعا لم نره فى رئيس مصرى منذ عقود. لكنها استطردت قائلة إنه يجب أن يجد مرسى طرق لإشراك دعاة الديمقراطية فى اتفاق لتقاسم السلطة، فهم من قادوا ثورة يناير وليس الإخوان.

من ناحية أخرى، قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" أن الكثير من هؤلاء الذين نزلوا على الشوارع يشعرون بالخيانة من رئيس لم يكن مهتما بتوحيد المصريين رغم أنه وعد أن يشرك الجميع. ويشعرون أنه حكم وحده لمصلحة حزبه.

ومن جانبه يصر الرئيس على أنه دعا جماعات المعارضة للحوار الذى لم يتعاونوا فيه. ويقول أنصاره أنه مهما كانت المشكلات التى تواجهها مصر، فإن مرسى يجب أن ينهى فترته كاملة من أجل الاستقرار.

وأكدت بى بى سى أن الساعات القادمة وطريقة تعامل السلطات مع الموقف، ستوفر مؤشرات واضحة بشأن ما إذا كان الرئيس المصرى سيبقى فى منصبه، كما يصر أن يفعل.

أما وكالة رويترز الإخبارية، فسلطت الضوء على قطاع من المصريين الذى يشكون من الأوضاع والانقسام السياسى، لكنهم لم يتظاهروا.

ونقلت الوكالة آراء البعض الذين لم يشاركوا فى المظاهرات مثل زيكا، بائع الخضروات الذى قال إن السياسة جيدة لكنها لا تبيع الطماطم ولا تدفع الإيجار.. وقال إنه ليس له علاقة بالأمر، فهو رجل يبيع الطماطم.

وكان زيكا واحدا من ملايين المصريين الذين لم ينضموا إلى المظاهرات الحاشدة ضد مرسى، والذين لعنوا التنافس بين الفصائل السياسية المتناحرة لأنه يجعل الحياة أصعب. وقال زيكا إنه لن يخرج فى أى احتجاج، وأضاف: لو صوتنا لشخص ما، فلن يطعمنا، ولو صوتنا للآخر فلن يطعمنا أيضا.

فى حين قال آخر إنه يعارض كلا الطرفين، حيث يتقاتل كلاهما على السلطة ولا يفكرون فى مصلحة الشعب، ورأى أن الثورة قد ضاعت فى الأنانية.