اليوم تمر علينا  ذكرى استشهاد الشاعر الكبير عبد الرحيم محمود شهيد الشجرة والذي استشهد بتاريخ 13-7-1948 وهو والد الطيب عبد الرحيم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح  .

نبذة عن المعركة

تقع قرية الشجرة إلى الغرب من بحيرة طبرية بين قريتي كفر كنا ولوبيا، وللقرية موقع ممتاز على الطريق الواصل بين العفولة جنوباً والمغار شمالاً، وترتفع القرية عن سطح البحر حوالي 275 متراً، وتضم قرية الشجرة أساسات أبنية وقطعاً أثرية ومدافن منحوتة في الصخر وتقع جوارها بعض الخرائب التي تضم آثاراً قديمة.

على أرض قرية الشجرة حدثت معارك طاحنة عام 1948م استشهد فيها عدد من أبطال فلسطين كان من بينهم الشهيد الشاعر عبد الرحيم محمود.

كان جيش الإنقاذ الفلسطيني مرابطاً في قطاع الجبهة الشمالية (اللبنانية) وتحرك لواء (غولاني) الصهيوني لتنفيذ العملية التي أطلق عليها اسم (هجوم الأيام العشرة)، وكانت تستهدف تجميد اكبر عدد من القوات العربية وكانت معركة الشجرة من أصعب المعارك، لأن قرية الشجرة عقدة مواصلات حيوية للعرب والصهاينة، وقد بدأ العدوان الصهيوني بالإغارة على قريتي لوبيا ومجد الكروم وفي ليل 9/6/1948م، تطور الهجوم فشمل مجدل صادق والناصرة ولوبيا ومسكنة لكن قوات الإنقاذ تمكنت من إحباط الهجوم وكررت القوات الصهيونية الهجوم مرة ثانية فانسحبت أمامها القوات العربية وسيطر الصهاينة على المواقع الحساسة على طرق الناصرة وقطعت قوة أخرى الطريق المؤدية إلى الشرق عند قرية الشجرة فأصبحت الناصرة معزولة.

لإنقاذ الموقف، أرسلت قيادة جيش الإنقاذ فصيليين إلى لوبيا، وفصيليين إلى مجد الكروم، وتمكنت تلك القوات من هزيمة الصهاينة، واغتنام كمية من أسلحتهم ومصفحاتهم، ثم أعد قائد جيش الإنقاذ فوج حطين واندفع به صباح 9 حزيران (يونيو) 1948م، في اتجاه لوبيا – الناصرة بهدف القضاء على القوات الصهيونية في منطقة الشجرة، وهاجمت قوات جيش الإنقاذ قرية الشجرة المحتلة فجر العاشر من حزيران، لكنها تكبدت خسائر فادحة، لأنها كانت مكشوفة أمام القوات الصهيونية وبسبب كثافة النيران، وصل المجاهدون من منطقة الناصرة نحو تلال قرية الشجرة من جهة الغرب، وكان هجومهم عنيفاً، أجبر القوات الصهيونية على الانسحاب على طول خط النار باتجاه قرية الشجرة وطاردها الثوار وبدأ دك مستوطنة الشجرة ذاتها واشتعلت النار في جزء منها، ثم توقف إطلاق النار تنفيذاً لاتفاقية الهدنة الأولى

لم تلتزم القوات الصهيونية بالهدنة فاعتدت على العرب في قرية الشجرة، وهاجمت شفا عمرو والبروة وفي فجر 8/7/1948م، احتدمت المعركة في قرية الشجرة وظهرت لأول مرة منذ قيام الحرب في فلسطين طائرات حربية (إسرائيلية) قصفت ترشيحا بعنف ودكت المدفعية الثقيلة الشجرة، واستمرت المعركة طويلاً، وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، ونفذت ذخائر قوات الإنقاذ، فاضطرت للانسحاب فسقطت الناصرة، ومع ذلك تم تنظيم هجوم على الشجرة للإفادة مما فيها من المؤن والذخائر، بدأ الهجوم في ليل 13 تموز (يوليو) وأظهرت القوات العربية شجاعة نادرة، رغم استنزاف قوتها، وتمكنت من السيطرة على الشجرة، فحشد الصهاينة قوة كبيرة قرب مستعمرة الشجرة، فدكت مواقع جيش الإنقاذ فسقط عدد كبير من الشهداء والجرحى ومع ذلك استرجع جيش الإنقاذ تل التين يوم 15 تموز (يوليو) وأصبحت طريق لوبيا- الناصرة آمنة وتكبدت قوات العدو خسائر فادحة.

شن الصهاينة هجوماً عنيفاً يوم 16 تموز (يوليو) واستولوا على شفا عمرو، وطوقوا صفورية، ثم استولوا عليها، وانتقلت المعركة إلى أبواب الناصرة، ثم تحركوا تجاه الشجرة فانسحب جيش الإنقاذ تدريجياً من قرية الشجرة وتمركز على بعد أربعة كيلومترات وشن الصهاينة هجوماً كاسحاً على القرية، فحدثت معارك عنيفة استمرت يومي 18-19 تموز/يوليو وأحبطت قوات الإنقاذ هجمات الصهاينة كلها إلى أن تم وقف إطلاق النار يوم 19 تموز/يوليو 1948م التي تحولت إلى هدنة دائمة.

في معارك الشجرة الطاحنة وتحديدا في 13 تموز/يوليو استشهد المجاهد عبد الرحيم محمود وهو شاعر ومجاهد فلسطيني من قرية عنبتا في قضاء طولكرم ولد عام 1913 وتعلم في قريته وفي طولكرم ودرس الثانوية العامة في نابلس ثم التحق بمدرسة الشرطة في بيت لحم وعمل شرطياً في الناصرة 1931 ثم استقال وعمل مدرساً في مدرسة النجاح بنابلس.

في عام 1937 التحق بالثوار فطارده الانجليز فلجأ إلى غالى العراق والتحق مع عبد القادر الحسيني بالكلية العسكرية العراقية وتخرج عام 1940م برتبة ملازم وانضم لثورة رشيد عالي الكيلاني بالعراق سنة 1941 وبعد فشل الثورة عاد إلى فلسطين وعمل مدرساً في مدرسة النجاح.

في أوائل عام 1948م التحق بقوات جيش الإنقاذ وتسلم سرية في فوج حطين وأثناء الحرب أصبح مساعد قائد فوج حطين ونال رتبة ملازم أول، وفي 13 تموز يوليو 1948 أصيب بقذيفة في معارك الشجرة فاستشهد.

كان عبد الرحيم محمود شاعراً مشهوراً ومن أشعاره التي يرددها الناس كثيراً:

 

سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى