قال ممثل اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، إنه ليس من الممكن أن تنجح المفاوضات في حال بدأت في هذا الوقت، دون تغيير ظروف الفلسطينيين إلى الأحسن، وخاصة في قطاع غزة.

وتطرق بلير في حديثه، إلى زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة، حيث تفقد عددا من المواقع، واجتمع بعدد من وزراء حكومة الوفاق وممثلي القطاع العام والخاص، وقد أعرب عن "صدمته" مما شاهده. وقال: "إنه أمر غير مقبول، علينا العمل على تغيير ذلك في غزة، وإلا فأننا نخلق ظروفا لاندلاع حرب جديدة، من غير المقبول أن يعيش الناس بهذه الطريقة، وأنا متحمس لرؤية الأوضاع تتغير في القطاع".

وقال بلير لصحيفة القدس: "لقد ترك الصراع الأخير غزة مدمرةً، وشعبها أكثر فقراً وفي وضع أصعب. نحتاج بعد عشرين عاماً من أوسلو تقارباً جديداً لغزة وتقارباً جديداً للسلام".

وتابع قوله حول معيقات الإعمار في القطاع: "هناك آلية لإعادة إعمار القطاع، لكنها لا تعمل كما يفترض، لكن علينا أن نقوم بتحسين وتسريع الأمور، وهذا يحتاج أيضا إلى تحرك من قبل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وعلي أن أناقش هذا مع الطرفين بالإضافة إلى الأمم المتحدة، وآمل أن نتمكن من تسريع الأمور نحو الأفضل، نحن بحاجة للقيام بذلك على وجه السرعة".

وعن دور الرباعية في إعادة إعمار غزة وتخفيف المعاناة الإنسانية فيها، قال بلير، أن اللجنة الرباعية هي عبارة عن هيئة لتمكين المجتمع الدولي من مناقشة الأمور الدولية، وليس لها دورا مباشرا في غزة، ولكننا نعمل على خطط تحسين الكهرباء والإسكان والماء والقطاع الخاص.

وأردف قائلا: "في السنوات الماضية حاولنا التغيير في القطاع بقدر المستطاع، مثل إدخال البضائع والخدمات الأخرى إليه، بالإضافة إلى مشاريع عديدة في محاولة لمساعدة غزة بالانفتاح على العالم، نحن نقوم بخطوات بسيطة من أجل التغيير ومن أجل الناس، لأنهم بحاجة لتغييرات جذرية في حياتهم".

وفي حديثه عن خطة اللجنة الرباعية لإعمار غزة، شدد بلير على ضرورة فتح غزة بالكامل، وإعادة تواصلها مع العالم وانفتاحها عليه. ومن وجهة نظره فأن ذلك يحتاج إلى الأمور التالية:

١- أن يقدم الجانب الإسرائيلي المزيد من التنازلات. ٢- فتح المعابر. ٣- وحدة المجتمع الفلسطيني من أجل الاستمرار.

وأكد أنه من الضروري فهم وجهة حركة حماس المستقبلية، هل هي حركة وطنية فلسطينية، أم هي جزء من حركة إقليمية، وهل هي معنية بدولة فلسطينية على حدود ٦٧، وبالتالي حل الصراع.

وأضاف قائلا: "لا يمكن إحلال السلام في غزة، دون وحدة سياسية فلسطينية على أساس تشجيع عملية السلام وفائدة الناس هناك، وعلينا التعامل مع الجانب المصري بسبب دوره البارز في العملية السياسية كلها، كما يجب أن يتفهم (الجانب المصري) بأن غزة لا يمكن أن تكون وسيلة تشكل خطرا على أمن منطقة سيناء، أنا مصمم على المساهمة في تغيير الوضع في غزة بطريقة جديدة".

ويعتقد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، "أن هناك جهودا دولية لتحسين العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من قبل الأميركيين والأوروبيين واللجنة الرباعية ومن أطراف أخرى، لكنني صدقا لا أعتقد أنه في هذا الوقت تحديدا ستكون المفاوضات ناجحة ومجدية، إلا إذا غيرنا ظروف الفلسطينيين، وتحديدا في قطاع غزة".

وأكمل حديثه: "إن المشكلة لا تكمن –كما يعتقد غالباً- في وضع المفاوضين في غرفة وإغلاقها حتى يتوصلوا إلى اتفاق. في الوضع الراهن، يمكن وضعهم في غرفة كهذه وإغلاقها إلى الأبد دون أن يأتي السلام. الحقيقة تكمن في أنه لو أن الظروف الميدانية على الأرض كانت محفزة للسلام، ليتمكن المفاوضون من إيجاد طريقة لحل قضايا الحدود وتبادل الأراضي، وحتى القدس، اللاجئين والضمانات الأمنية".

ويضيف بلير "أعتقد أن وحدة المجتمع السياسي الفلسطيني يلعب دورا كبيرا في تغيير حياة الناس". مشيرا إلى "أنه يرغب في استئناف المفاوضات، لكن ذلك ليس كافيا لإحداث التغيير".

ولدى سؤال بلير، عن استمرار إسرائيل بسياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي وتصعيد الاعتداءات، صرح قائلا: "يجب أن تكون هناك جهود مضاعفة لإحداث تغيير كامل على كافة الصعد، يجب التأكد من منع اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين كما يجب محاكمة المعتدين، وحتى الآن لم يلعب المجتمع الدولي دورا فعالا بشكل كاف حيال هذا الأمر، وهذه حقيقة، والسبب برأيي أن الجو السياسي لا يساعد في وضع الأمور في مسارها الطبيعي".

وحول إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نيته القيام بزيارة "استفزازية" للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، قال بلير: "أعتقد أنه من المهم أن لا يقوم الناس بأمور استفزازية".

وفي حديثه عن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم "داعش"، يرى رئيس اللجنة الرباعية "أن داعش يشكل تهديدا خطيرا على الجميع، ولكن لا يجب أن تقف عائقا أمام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنا على يقين أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين سترفض هؤلاء المتطرفين. بالنسبة لي كل هذه التهديدات الإقليمية أسباب لإحداث السلام وليس العكس".

وتطرق بلير  للتهديدات الإسرائيلية بوقف مستحقات السلطة. وقال: "موقفنا واضح حول هذا الأمر، يجب دفع المستحقات للجانب الفلسطيني، هذه أموالهم ومن حقهم الحصول عليها، ونحن سنستمر بالضغط على إسرائيل لحصول ذلك".