خاص – مجلة القدس/ لأنها بيروت، تصيبها عين الظلام بطعنة الحسد دائماً. نخافُعليها إن أقلعتْ عن مغازلةِ البحرَ والنوارسَ العاشقة نخافُ على بيروتَ، إن نأتْ عنالحرابِ خاصرتُها، إن عفَّ عن النزف جرحُها.

فكلُّ القدِّيسينَشتمتهُم آلهةُ النار، لكن اليمامَ من أكفِّهم لم يهاجر. وإن تمادى على تعاويذهم قراصنةُالضوء، وأراقوا العتمة على ملامح الثلج.. لكن بياض القداسة لا يخضَّب.

بيروت... ملح الغريب،على أرصفتها وصايا العاشقين، وآثار خطاهم المنسية ورغيفٌ يطاردُ جائعاً لدواوين الغزل.

لا يتعبُ الموجُمن غسل أقدام الصخور، ولا الزبدُ يطفئُ ربيعَ الياسمين على مساءاتك.

كلُّ جفون الأحرارتلتقي عند عتبات أوقاتك. كلها قناديلُ بشرى لغد الفطام عن السياط والعسس والقلق الشاعري.

لأنك محطُّ رحالالذين خانتهم ملامحهم وظلالُ قاماتهم اعتاد اليباس أن يتطاول على ربيع ضفائرك.. كلالذين أضاعوا أمكنتهم أنت، أسماؤنا وتضاريسُ ذاكرتنا وعناوينُ مفاخرنا وشباكُ الصيادينوباعة الجرائد وأصواتُ الغائبين وراء أحلامنا.

جمالك، لأن الدخانالذي يعبرُك تنكرهُ سماؤك.

وأن الخراب الذيتخلفه نوبات التوحش يغسله الحب الماطرُ في أوقاتك.

جمالك بيروت، أنكِدائمة التسامي في علياء الأثير، لا يسقطنَّكِ ألمٌ ولا يثنيك هولٌ أو مصاب.

كلُّ النوائب عبَرتْ،والعتاةُ والغزاةُ... حتى الزلازل مرتْ، وبقيت بيروت أبهى العواصم أبداً.. شعلة حريةلم يشهد العالم أنقى من عشقها وأجمل.