تدرس الحكومة الاسرائيلية حجم ردها على مقتل ثلاثة اسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة وتم تشييعهم امس، وذلك على وقع اتهام تل ابيب، حركة حماس بالوقوف وراء مقتلهم. وخلال المناقشات في المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي (الكابينيت)، اقترح وزير الجيش موشي يعلون، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يتضمن الرد موجة بناء في المستوطنات، تشمل إقامة مستوطنة جديدة تحمل أسماء المستوطنين.
وقتلت الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال، الشاب يوسف ابراهيم أبوزاغة (21عاما) من مخيم جنين، واعتقلت ثلاثة شبان بعد مداهمة منازل المخيم، وسط إطلاق مكثف للأعيرة النارية وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع. فيما شن الطيران الحربي سلسلة غارات على عدة مواقع في قطاع غزة.
وخلال مراسم الجنازة في موديعين الواقعة بين القدس وتل ابيب والتي شارك فيها عشرات الآلاف، قال نتنياهو ان "قاتليكم ضربوا عرض الحائط المبدأ الاخلاقي بعدم التعرض لطفل".
ودعا المعلقون الاسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى الحفاظ على هدوئه والتركيز على شن عمليات موجهة ومحدودة.
واستأنفت الحكومة الامنية الاسرائيلية المصغرة، برئاسة نتنياهو، مساء امس مباحثاتها لدراسة الرد على الحادث، وذلك عشية اجتماع طويل انتهى دون التوصل الى قرار.
ودعا وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الى تنفيذ عملية "السور الواقي 2" ضد حماس في قطاع غزة هذه المرة. وقال ليبرمان عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك"، : "يجب الا ندفن رؤسنا في الرمال وينبغي علينا القيام بعملية السور الواقي 2 لكن هذه المرة ضد حماس في قطاع غزة".
وقال يعلون "انه وقت التفكير باستخدام العقل"، مضيفا انه منذ اليوم الاول لفقدان الاسرائيليين نجح الشين بيت (جهاز الامن الداخلي) في تحديد هوية "الخلية الارهابية" المسؤولة عن الخطف. وكان يعلون قال في بيان "نعتبر حماس مسؤولة عن خطف وقتل الشبان. ونحن نعرف كيف نصفي حسابنا معهم" بدون الادلاء بمزيد من التفاصيل مشيرا الى ان مطاردة الخاطفين مستمرة.
وصرح نتنياهو مساء امس قبل بدء اجتماع الحكومة الامنية "سنواصل ضرب حماس بقوة في غزة لانها تستمر في الدعوة الى خطف المواطنين وهي مسؤولة عن اطلاق صواريخ على اراضينا بما في ذلك خلال الساعات الاخيرة". واضاف "عند الحاجة، سنواصل حملتنا (على حماس في غزة)".
وذكرت صحيفة "هآرتس ان يعلون اقترح تحويل قاعدة عسكرية اسرائيلية سابقة في الضفة الغربية المحتلة الى مستوطنة في ذكرى القتلى الثلاثة، الأمر الذي اكده مسؤول حكومي.
وقال معلق في صحيفة "يديعوت احرونوت" انه يأمل ان يقوم الوزراء "بالتفكير اولا في العدو الخارجي"، مضيفا "يجب ان تواصل اسرائيل ضرب حماس ولكن يجب ان تفعل ذلك بشكل ذكي ومحدد الاهداف" دون معاقبة السكان الفلسطينيين او السلطة الفلسطينية.
واعتبر الخبير العسكري في صحيفة هآرتس اليسارية ان "الهدف المعلن للحكومة هو ردع الفلسطينيين ولكن هدفها العملي هو تهدئة الاسرائيليين"، محذرا من موجة هجمات فردية قد تستهدف الفلسطينيين او الاقلية العربية في اسرائيل. وحذرت صحيفة هارتس من مغبة الاعتقاد بان "اتخاذ اجراءات دراماتيكية ضد حماس سيكون امرا رائعا" بل قد يؤدي ذلك الى اطلاق الصواريخ على تل ابيب.
واكد معلق في صحيفة معاريف انه "في غضون ثلاثة ايام، سينسى الكل الشبان الثلاثة الذين اغتيلوا وستتركز انظار العالم على (معاناة) السكان الفلسطينيين القابعين تحت بطش المحتل".
وقصف الاحتلال امس عشرات المواقع في قطاع غزة. وقال مسؤولون ان الحكومة الاسرائيلية المصغرة المعنية بشؤون الامن التي عقدت جلسة طارئة الاثنين منقسمة حول المدى الذي سيذهب اليه اي تحرك آخر في القطاع الساحلي والضفة الغربية.
وقال الجيش الاسرائيلي ان طائراته قصفت 34 موقعا في غزة غالبيتها تابعة لحماس وان لم يربط في بيانه بين الغارات ومقتل المستوطنين الثلاثة. وقال مسعفون في غزة ان شخصين اصيبا اصابات خفيفة.
وبدلا من ذلك قال الجيش انه نفذ هذه الغارات ردا على 18 صاروخا فلسطينيا اطلقت على اسرائيل من غزة خلال اليومين الماضيين وحمل مسؤولون اسرائيليون حماس المسؤولية.
وقال مسؤولون انه خلال اجتماع الحكومة الاسرائيلية المصغرة اقترح الجيش "تحركات محسوبة ومعتدلة" ضد ناشطين في الضفة الغربية ردا على مقتل المستوطنين.
وأضاف المسؤولون ان الحكومة لم تتفق على اي تحرك في تلك الجلسة.
وحث مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة امس، الجميع على ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" بعد العثور على جثث ثلاثة شبان اسرائيليين قرب مدينة الخليل بالضفة الغربية.
وقالت المتحدثة باسم مكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان رافينا شمداساني في افادة صحفية في جنيف "نحث كل الاطراف على الامتناع عن معاقبة أفراد على جرائم لم يرتكبوها شخصيا أو بفرض عقوبات جماعية".
وخلال المناقشات في المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي، حول ردود الفعل الإسرائيلية على مقتل المستوطنين الثلاثة، اقترح يعلون، ونتنياهو أن يتضمن الرد موجة بناء في المستوطنات، تشمل إقامة مستوطنة جديدة تحمل أسماء المستوطنين.
جاء ذلك على لسان مسؤول إسرائيلي كبير، وصف، بحسب "هآرتس"، بأنه مطلع على تفاصيل الجلسة. وأضاف المسؤول نفسه أن يعالون عرض خطة أعدت من قبل ما يسمى بـ"الإدارة المدنية" تشتمل عمليات ممكنة لـ"تعزيز الاستيطان". وتشمل الدفع بإجراءت التخطيط ونشر مناقصات بناء لآلاف الوحدات السكنية الجديدة في الكتل الاستيطانية.
كما تشمل الخطة اقتراحا بإقامة مستوطنة جديدة على ما يصنفه الاحتلال "أراضي دولة" في داخل إحدى الكتل الاستيطانية تسمى بأسماء المستوطنين الثلاثة.
ونقلت "هآرتس" عن مصدر أمني قوله إن يعلون اقترح تحويل بؤرة استيطانية، أغلقت في العام 2002، إلى مستوطنة جديدة. وهي تقع بين مستوطنة "ألون شفوت" ومستوطنة "بيتار عيليت". وبحسب مكتب وزير الأمن فإن البؤرة الاستيطانية أقيمت على ما يزعم أنها "أراضي دولة"، وأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد اتخذت قرارا في السابق بشأن تحويلها إلى مستوطنة.
وكشفت مصادر عبرية أنه تم بلورة مسودة قرارات مكونة من 9 نقاط سيصوت عليها المجلس في جلسته في وقت لاحق.
وذكر الموظف أن وزيرة القضاء تسيبي ليفني، حذرت من أن التعاطف الدولي مع إسرائيل حول قضية مقتل المختطفين من شأنه أن ينقلب ضدها إذا ما مضت في خطط استيطانية واسعة ردا على العملية. وقال مصدر شارك في الجلسة إن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، وضباط الجيش عرضوا اقتراحا لقصف عدد من منشآت حركة حماس في غزة معظمها أخليت بسبب رفع درجة التأهب في حماس تحسبا لهجوم إسرائيلي.
فيما اعتبر وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، أن الاقتراحات المقدمة غير كافية، واقترح خطوات أكثر تطرفا، حيث طالب بشن عملية عسكرية واسعة ضد حماس في قطاع غزة، ومصادرة أموال حماس في بنوك الضفة، والبدء بتطبيق أحكام الإعدام ضد منفذي العمليات ضد إسرائيل.
وأشار إلى أن غانتس تعرض لهجوم من وزير الاتصالات غلعاد إردان، حينما أشاد بالوزراء على ما اعتبره "الاقتراحات المعتدلة والمعقولة". وقال إردان لغانتس: "مهمتك هنا لا توزيع الشهادات لنا بشكل يظهر أن باقي الاقتراحات غير معقولة".
وأكد المصدر أن مسودة قرارات "الكابينيت" التي تتكون من 9 نقاط يمكن اعتبارها أقرب إلى إعلان النوايا منها إلى خطوات عملية محدة للتنفيذ الفوري. مشيرا إلى أن أحد البنود يؤكد على "أن الجهود لإبعاد ناشطي حماس ستتواصل"، فيما يشير بند آخر إلى أن "العمليات ضد البنية المدنية لحركة حماس في الضفة ستتواصل، ويرد في آخر أن "عمليات البحث عن الخاطفين ستتواصل".
وكانت تقارير إسرائيلية ذكرت في وقت سابق أن سجالا حادا نشب بين الوزراء خلال اجتماع (الكابينيت) الليلة قبل الماضية. حيث اختلف الوزراء حول رد الفعل الإسرائيلي بعد العثور على جثث المستوطنين الثلاثة وأن الاجتماع انتهى دون الاتفاق على طبيعة رد الفعل.
واقترح مندوبو الجيش خلال اجتماع الكابينيت بشن غارات وقصف مبان غير مأهولة في قطاع غزة. لكن وزير الاقتصاد ورئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، رد على اقتراح الجيش بغضب وطالب برد فعل أشد بكثير.
ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فإن يعلون، ووزير المالية، يائير لبيد، ووزيرة القضاء، تسيبي ليفني، هاجموا بينيت ورفضوا اقتراحه.
من جانبه، لخص نتنياهو، النقاش قائلا إنه ينبغي أن يكون هناك رد فعل شديد، لكن التقارير الإسرائيلية قالت إنه لم يطرح طبيعة رد فعل كهذا. وتقرر في نهاية الاجتماع شن غارات ضد مواقع في القطاع، وهو ما نفذه جيش الاحتلال خلال الليلة قبل الماضية وقصف 34 موقعا على الأقل في جميع أنحاء القطاع.
ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن مصدر سياسي في حكومة إسرائيل قوله إن صراخا تخلل السجال بين وزراء الكابينيت وأن بعضهم وصف رد الفعل بأنه "صغير". وأضاف المصدر أنه "لم يعد هناك أرانب في القبعة".
وفي ردهم على اقتراح بينيت بتنفيذ عمليات عسكرية شديدة ضد حماس في الضفة والقطاع، قالت ليفني إن إسرائيل لم ترد دائما على هجمات فلسطينية، فيما قال يعلون إنه "يحظر التدهور إلى حرب"، وعارض لبيد تنفيذ رد فعل شديد، كما طالب وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهارونوفيتش، بعد توسيع العمليات ضد قطاع غزة، وأن ثمة حاجة للاستعداد لمواجهة اعتداءات محتملة في إطار جرائم "جباية الثمن" التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم.
وعبر أردان عن موافقته على مقترحات بينيت لتنفيذ رد فعل عنيف، لكنه حذر من عمليات "جباية الثمن" ضد الفلسطينيين.
وفي هذا الاطار، اعتدى عشرات المستوطنين، مساء امس، على شبان مقدسيين في "شارع يافا" بالقدس الغربية. وقال محمد أبو صوي أحد المعتدى عليهم لـ"وفا" إنه وبالتزامن مع وجوده برفقة شاب مقدسي آخر في القطار بمنطقة "شارع يافا" بالقدس الغربية هاجم عشرات المستوطنين القطار ودخلوا إليه للاعتداء عليهما إلا أنهما تمكنا من الفرار.
من جانبه، قال الشاب محمد النتشة إنه تعرض للاعتداء من قبل عشرات المستوطنين الذين خرجوا بمسيرة في "شارع يافا" احتجاجا على مقتل المستوطنين الثلاثة، مؤكداً أن المستوطنين اقتحموا مكان عمله واعتدوا بالضرب على العاملين العرب فيه.
وفي غزة، أكد مسؤولون في حماس ان الحركة تتعامل بجدية مع التهديدات التي اطلقتها اسرائيل عقب العثور على جثث المستوطنين، مشيرين الى ان حركتهم تاخذ "احتياطات امنية" لأي تصعيد اسرائيلي محتمل على قطاع غزة.
وقال باسم نعيم القيادي في حماس لوكالة فرانس برس امس ان "حماس تأخذ تهديدات الاحتلال الاسرائيلي على محمل الجد والحركة لا تأمن الغدر من الاحتلال". واوضح انه بعد التهديدات الاسرائيلية "يتم اتخاذ الاحتياطات الامنية اللازمة لحماية ابناء شعبنا ومقدراته لا نهمل التهديدات الاسرائيلية والاحتياطات اللازمة التي تتبع تتم دون اي ارباك او خوف".
من جهته قال غازي حمد القيادي في حماس ايضا ان "كل الاحتمالات واردة وحماس تتعامل بجدية مع تهديدات اسرائيل" لكنه شدد ان حماس "غير معنية بتصعيد الامور،الوضع متوقف على الطرف الآخر" الاسرائيلي. واعتبر حمد ان "العثور على المفقودين جثثا شكل صدمة لاسرائيل واظهرها فاشلة وعاجزة استخباريا لذا هم يريدون الانتقام وتدفيع حماس الثمن كونها رأس حربة المقاومة بغض النظر عن المسؤولية". وكشف ان حركته "تجري اتصالات مع جهات عديدة (لم يذكرها) حول الوضع".
ويقول مسؤول فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه ان "اتصالات مكثفة تجريها حماس مع مصر وتركيا وقطر لاحتواء الموقف وضمان عدم التصعيد الاسرائيلي على غزة".