بقلم: أسيل الأخرس

"في حد هون؟ في حد سامعني؟ في حد عايش؟" تساؤلات ونداءات تطلقها طواقم الدفاع المدني ومتطوعون خلال عمليات البحث عن ناجين تحت أنقاض المنازل بعد كل غارة تنفذها طائرات الاحتلال في قطاع غزة.

"رضيع حي تحت الركام"، صرخ أحد أفراد الدفاع المدني وهو يحاول الوصول إلى الرضيع حسن مشمش، الذي كان في حضن والدته الشهيدة تحت الركام، بعد ساعات من قصف الاحتلال لمنزل عائلته.

ففي السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري أشعلت صواريخ طائرات الاحتلال سماء مدينة دير البلح، وسط القطاع، وأنهت حياة  58 مواطنًا من عائلة مشمش والعائلات المجاورة لها، وأغلبيتهم من النساء والأطفال، وأصيب العشرات بينهم الطفل حسن مشمش وشقيقه ليُنقلا منذ ذلك الحين إلى مستشفى شهداء الأقصى في المدينة ويبقيا فيه إلى الآن بعد أن فقدا والديهما وعددًا من أفراد عائلتهما.

وتقول الممرضة في مستشفى شهداء الأقصى وردة العواودة، أن طاقم التمريض في المستشفى يتولى رعاية الطفل حسن في الحاضنة، وكذلك شقيقه في قسم الأطفال، وإن هناك الكثير من الأطفال الذين وصلوا إلى المستشفى ذاته ولغيرها من المستشفيات ممن فقدوا ذويهم ولم يتبقَّ لهم أحد لرعايتهم.

ويقول محمد مشمش (54 عامًا) أحد أقرباء الطفل حسن: أن أكثر من 30 شهيدًا من أفراد عائلته وعائلة أبو ليلة استُشهدوا جراء القصف الإسرائيلي، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإن أروقة مستشفى شهداء الأقصى وغيرها من المستشفيات تعج بالمواطنين الذين يبحثون عن أبنائهم أو ذويهم بعد أي قصف.

وفي مقابلة مع إحدى الممرضات في قسم الطوارئ، قالت، هناك العديد من الأطفال الذين وصلوا إلى المستشفى دون أي من عائلاتهم أو ذويهم، ولعل أحد أقسى القصص كانت لطفلة نازحة جاءت من مستشفى أبو يوسف النجار في رفح، بعد أن نزحت مع عائلتها من شمال القطاع إلى مخيم الشاطئ في مدينة غزة، حيث استُهدفت عائلتها بالقصف في المخيم، ما دفعها إلى النزوح إلى مدينة رفح وتم استهدافهم مرة أخرى، وخلال ذلك فقدت جميع أفراد عائلتها، وكانت الطفلة تبكي ولم نعرف أين نذهب بها، أو ماذا نقول لها لنخفف عنها؟.

وأضافت الممرضة أن أغلبية الإصابات من الأطفال تكون حرجة، وغالبا ما يكونون مجهولين بسبب التشوهات في الوجه أو البتر في الأطراف التي تحتاج إلى العناية الطبية المشددة.

وتشير إحصائيات وزارة الصحة، إلى أن هناك أكثر 11470 شهيدا ارتقوا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بينهم 4707 أطفال و3155 امرأة، فيما لا يزال 3640 مدنيا في عداد المفقودين بينهم 1770 طفلا.

ولا تتوقف الكارثة الإنسانية هنا، بل إن جميع المصابين الذين بلغ عددهم نحو 32  ألفًا يخضعون للعلاج وللعمليات الجراحية دون تخدير، وهناك العديد من الأطفال ممن وُلدوا بعد انتشال جثامين أمهاتهم من تحت أنقاض المنازل، ومنهم من فقد أحد أو كلا والديه ليكون يتيما منذ لحظات حياته الأولى.

وتشير الإحصائيات إلى أن نحو 18 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة باتوا أيتاما جراء استشهاد أحد أو كلا والديهم، و15 ألف طفل أصيب في غزة إصابات حرجة بينها بتر أحد الأطراف أو الحروق الشديدة.