بدوية السامري

تعيش محافظة نابلس منذ أكثر من عام، حالة ركود اقتصادي أثر بشكل مباشر في جميع مناحي الحياة.. ركود ناجم عن حصار عسكري، وإجراءات وتدابير تفرضها قوات الاحتلال التي تواصل، بين الفينة والأخرى، اقتحاماتها للمدينة، وتنشر الحواجز في محيطها، وتعرقل دخول المتسوقين إليها.

"نابلس عاصمة الاقتصاد شمال الضفة، كما يطلق عليها، أصبحت أسواقها تشكو ضعفا في الحركة الشرائية، وتراجعا في حركة المتسوقين خاصة من خارجها، فلم تعد المدينة المكتظة بالمشترين والزائرين، وإن ما يمكن مشاهدته هو حركة تجوال كاذبة ناجمة عن تنقل الموظفين والعمال من نابلس وإليها" هذا ما يؤكده مجدي حلاوة، صاحب محل لبيع ملابس الأطفال.

وقال: "لم يمر على محلات المدينة وضع أسوأ مما هي عليه هذه الأيام، حتى في أيام اجتياح الاحتلال للمدينة في عام 2002، وفي زمن كورونا 2020، إذ كنا في تلك السنوات نغلق محالنا لفترات يعقبها حركة نشطة للأسواق، غير أن هذا العام مغاير، وتسوُّق المواطنين ضعيف جدا."

وأضاف التاجر معتز حلاوة، أن ما يحصل في نابلس هو أمر تراكمي ومركب، ناجم عما تمر به المحافظة من اقتحامات متكررة، وإغلاق للحواجز، والحصار المالي على السلطة الوطنية الذي دفعها إلى تقليص رواتب الموظفين، إلى جانب ارتفاع أسعار الكثير من السلع، مشيرا إلى أن قطاع الملابس مثلا، بات ثانويا، وأن أولويات المواطنين باتت تتعلق بشراء الأمور الضرورية من مونة ومأكولات.

وتشير الدراسات إلى أنه في عام 2020، سجل الاقتصاد الفلسطيني انكماشا تاريخيا بنسبة 11.5%، وهو الأعمق منذ اجتياح الاحتلال للضفة الغربية في عام 2002، ليتعافى بعدها في العام الذي يليه 2021، ويسجل نموا بحوالي 7% جراء العودة إلى الأسواق والاستهلاك بعد ركود وباء كورونا.

وبحسب تقديرات محلية ودولية، يتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد الفلسطيني هذا العام إلى ما بين 2 و3%، لكن، يبدو أن هذا المعدل، على ضآلته، لن يكون متاحا، مع استمرار التدهور في الأراضي الفلسطينية جراء الاقتحامات والإعدامات والاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال ومستوطنوه، وما يرافقها من حصار وإغلاق للمدن وقطع الطرق فيما بينها.

غرفة تجارة وصناعة نابلس، أكدت على لسان الناطق الإعلامي باسمها، ياسين دويكات، أن حالة الخوف والقلق هي العدو الأول للنشاط الاقتصادي، وهي المسيطرة في هذه الفترة، والسبب الرئيس هو حصار الاحتلال الإسرائيلي والحواجز العسكرية التي تحيط بنابلس، إلى جانب الاجتياحات اليومية المتكررة للمدينة وقراها ومخيماتها، وعربدات المستوطنين على الطرق الرئيسة التي تؤدي إلى المحافظة، والتهديدات المستمرة في الإعلام الإسرائيلي باجتياح واسع، خصوصا لنابلس وجنين، وعوامل أخرى كثيرة جميعها أثرت إلى حد كبير في الحركة التجارية، وقلصت أو قضت على حركة المتسوقين من أراضي الـ48، ومن سكان القرى والبلدات في المحافظة نفسها.

وقال: "نحن نتحدث عن ركود في الوضع الاقتصادي في المحافظة لم يسبق له مثيل، وهذا ما تؤكده الدراسات الاقتصادية، وجولات ميدانية استطلاعية قامت بها الغرفة التجارية على أسواق المدينة منذ شهر رمضان إلى الآن".

وأكد أن حالة ركود وشلل أصابت جميع القطاعات في المحافظة، فالحركة لا تزيد على 20% مما كانت عليه قبل جائحة كورونا في عام 2020، وهو ما تؤكده دراسة للغرفة التجارية، والتي كشفت أن حجم الشيكات المعادة (الراجعة) في محافظة نابلس، وهي الأعلى ما بين محافظات الوطن، بلغت 80 مليون دولار منذ بداية العام الحالي 2023.

وتُظهر المعطيات الاقتصادية المتوفرة، انخفاض حجم المبيعات بمقدار 80%، وتراجعا حادا في عدد الزائرين المتسوقين، إذ انخفض من حوالي 85 ألفا يوميا إلى 15 ألف زائر ومتسوق، ما أثر في النشاط التجاري، في القطاعات المختلفة.

"ما تركته كورونا من آثار في الوضع الاقتصادي، إضافة إلى حصار الاحتلال وممارساته، لا يمكن أن تزول في عام واحد، فهو سيمتد لسنوات، لأننا وكاقتصاد تابع، نتأثر بسرعة ونتعافى ببطء، على عكس الدول المستقلة والمستقرة اقتصاديا"، قال دويكات.

وأشار ياسين إلى أن الغرفة التجارية تعمل جاهدة لفك الحصار عن محافظة نابلس، من خلال التواصل مع الحكومة، للتواصل مع المجتمع الدولي والضغط لرفع الحصار عن المحافظة.

وأوضح أن الغرفة التجارية تسعى،  بالتعاون مع جميع المؤسسات الموجودة في المحافظة، إلى تخفيف الأثر الناتج عن الحصار، من خلال الجولات الميدانية للتجار وأصحاب المصانع والشركات، وتسويق نابلس للزائرين وتشجيعهم على زيارتها، من خلال حافلات مدفوعة الأجر من الغرفة التجارية، وتنظيم المدينة، بالتعاون مع البلدية والجهات المختصة، وتأمين المناطق العامة، بالإضافة إلى العمل على تسويق نابلس من خلال فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للوصول إلى أكبر شريحة من المواطنين، خصوصا فلسطينيي 48.

المصدر: وكالة أنباء وفا