ببطء شديد يشهد شرق أفريقيا واحدة من أندر الظواهر الطبيعية وهي انقسام القارة إلى جزأين وظهور محيط جديد بسبب مجموعة من الصدوع تمتد على آلاف الكيلومترات، مما قد يؤدي إلى ظهور محيط جديد في المستقبل، بحسب العلماء.

ولكن كيف تشكّلت هذه الصدوع؟ وكيف سيؤدي إلى انقسام القارة ومتى؟ إليك أهم ما يجب معرفته حول هذه الظاهرة الفريدة.

كيف تحدث الصدوع؟ 

على عكس ما يبدو للعيان، فإن سطح اليابسة ليس ثابتا؛ فقبل ملايين السنين لم تكن خريطة العالم كما تبدو اليوم، ولن تكون في المستقبل البعيد كما هي اليوم بسبب حركة الصفائح التكتونية البطيئة والمستمرة.

هذه الصفائح تشكل الغلاف الصخري للأرض المكون من القشرة والجزء العلوي من الوشاح، وهي تتحرك بالنسبة لبعضها بعضا بسرعات متفاوتة، منزلقة فوق طبقة لزجة من الصهارة الذائبة. لكن الآليات الكامنة وراء هذه الحركة، التي قد تتضمن تيارات الحمل الداخلي والقوى المتولدة عند الحدود بين الصفائح، لا تزال محل نقاش بين العلماء، وفق موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation).

بالإضافة إلى تحرك الصفائح، فقد تتسبب هذه القوى أيضا في إحداث صدوع تؤدي إلى تمزيقها وتشكيل صفائح جديدة. وبحسب العلماء فإن نظام صدع شرق أفريقيا يعد أبرز مثال على إمكان حدوث هذه الظاهرة الجيولوجية في المستقبل.

ويعتقد العلماء أن أعمدة الوشاح التي تحمل الصهارة الساخنة من أعماق الأرض في اتجاه السطح، تلعب دورا حاسما في تشكل الوادي المتصدع العظيم، من خلال إضعاف القشرة وجعلها رقيقة وأقل سمكا، مما يدفع الصفائح التكتونية إلى الانفصال.

تحت هذا الوادي، عثر العلماء على أدلة جيولوجية عن وجود عمود وشاح عملاق أطلق عليه "البئر الأفريقي الفائق"، يؤدي إلى إضعاف الغلاف الصخري على السطح نتيجة لزيادة درجة الحرارة وإلى تمدده وانكساره.

وبحسب موقع "جيولوجي دوت كوم" (Geology.com)، فإن التدفق الحراري الصاعد من الوشاح تسبب في حدوث "انتفاخات" حرارية في وسط كينيا ومنطقة عفار في شمال وسط إثيوبيا. هذه الانتفاخات شكّلت التضاريس العالية للهضاب الأفريقية الجنوبية والشرقية الواقعة على جانبي الصدع وأدت إلى كسر القشرة الخارجية الهشة وإحداث سلسلة من التشققات تشكل اليوم الوادي المتصدع في شرق أفريقيا.

وكشف الباحثون أن قاع الوادي في منطقة عفار، أصبح مغطى بالصخور البركانية، مما يشير إلى أن الغلاف الصخري في هذه المنطقة قد ترقق لدرجة الانهيار التام تقريبًا.