بعد أسبوع من انتخابات جامعة النجاح التي جرت يوم الثلاثاء الموافق 16 أيار / مايو الحالي وحصدت فيها كتلة طلبة حركة حماس على 40 مقعدا وكتلة الشبيبة على 38 مقعدًا وكتلة الشهيد أبو على مصطفى على 3 مقاعد، عادت للواجهة امس الأربعاء الموافق 24 أيار / مايو الحالي انتخابات جامعة بيرزيت، التي تقدمت فيها أيضا كتلة طلبة حماس وحصدت 25 مقعدًا من اصل ال51 مقعد لمجلس الطلبة، وفتح حازت على 20 مقعدًا، وكتلة الشعبية فازت ب 6 مقاعد، وكانت نسبة التصويت بلغت 76,7% من مجموع 12163 طالبًا لهم حق الاقتراع، وشاركت في الانتخابات كتلة "الشهيد ياسر عرفات"/ الشبيبة الفتحاوية، وكتلة "الوفاء الإسلامية" / حركة حماس، و"القطب الطلابي الديمقراطي التقدمي"/ الجبهة الشعبية، وكتلة "اليسار الموحد" / تحالف باقي قوى اليسار، والتي يقال أنها انسحبت بعد ادراكها عدم الحصول على نسبة الحسم . 

وفي كلا الجامعتين المهمتين لم يتمكن أي من الكتلتين الرئيسيتين من قيادة مجلس الطلبة. لان أي منها لم يحصل على المقاعد التي تؤهله للانفراد بتشكيل مجلس الطلبة لوحده، وبالتالي كلاهما يحتاج لاصوات كتلة طلبة الشعبية، الا اذا اتفقوا على تشكيل مجلس طلابي ائتلافي، وهذا ما تضمنه بيان الشبيبة الفتحاوية في جامعة النجاح، والذي لا اعتقد ان ممثلي طلبة حركة فتح في بيرزيت يختلفوا عن إخوانهم في نابلس. رغم حدة التنافس في المناظرة التي جرت في بيرزيت عشية الانتخابات، والتي خلت من روح الشراكة، واتسمت بالتحريض والتخوين والتكفير من قبل انصار حركة حماس. ومع ذلك العمليات الانتخابية تحتمل كل المثالب، وتفرض الضرورة تغليب روح الشراكة لصالح قيام مجلس طلبة يخدم مصالح طلاب هذه الجامعة او تلك. 

وكان استوقفني شريط لشاب من أبناء قطاع غزة وزع على العديد من المواقع، تحدث فيه عما سمعه من ممثل الكتلة الإسلامية / حماس، الذي جال وصال واسقط الكثير من مفاهيم التخوين والقذف والذم والتشكيك بالقيادة الفلسطينية.. الخ، وسأل ذلك الشاب انصار كتلة حماس في بيرزيت، هل قيادتكم تسمح باجراء انتخابات في محافظات الجنوب؟ وهل تسمح لانصار حركة فتح او أي كتلة طلابية مستقلة ان تفضح وتعري ممارسات حركة حماس في قطاع غزة؟ وهل يسمح الذباب الاليكتروني التابع لأجهزة حماس لاي مواطن فلسطيني في غزة ان يشير لمجرد الإشارة لمثالب ونواقص وخطايا قيادة الانقلاب الحمساوي في غزة؟ مع ان الشاب اكد، انه لا يمت بصلة لحركة فتح، وينتقدها بين الحين والآخر، ولكن ممثل الكتلة استفزه، مما دعاه لان يطرح الأسئلة التي ذكرت جزء منها. 

وبعيدًا عن المناظرة وما حملته من خطايا، وتغييبها التحديات الإسرائيلية، واقتحامات القدس، وعمليات القتل والاعتقال والهدم والمصادرة وجرائم الحرب الإسرائيلية، وأيضًا غياب الحديث عن الوحدة الوطنية وضرورة تطبيق ما تم الاتفاق عليه من مشاريع الأوراق والاعلانات ذات الصلة بالمصالحة، واسقاط الحديث عن تخاذل حركة حماس في معركة "ثأر الاحرار"، فإن المسؤولية تتطلب طرح أو إعادة طرح العديد من الأسئلة في اعقاب جولات الانتخابات في المجالس الطلابية، وإثارة أسئلة الأسباب الكامنة وراء عدم الفوز بالأغلبية، ولماذا حصل مجددًا ما حصل؟ لماذا لم يتعلم القائمون على قيادة الشبيبة من دروس العام الماضي وما سبقه؟ بهدف دعوة الكتل الوطنية عمومًا وحركة الشبيبة الفتحاوية خصوصًا للبحث عن نقاط الخلل، وكيفية الخروج من واقع المراوحة في ذات الموقع تحديدًا في جامعة بيرزيت، وهي برأي الأهم، على أهمية كل الجامعات الفلسطينية الأخرى، والتي لها نصيب كبير من عكس المزاج العام في الشارع الفلسطيني. 

وبالعودة للاسئلة: هل المشكلة في الإطار القيادي الذي يشرف على الشبيبة، أم في تداخل المسؤوليات بين الشبيبة وغيرها من مواقع القرار الفتحاوية أو من السلطة التنفيذية؟ وهل للفجوة الموجودة بين الرأي العام والحكومة والسلطة عمومًا لها دور على النتائج؟ ولماذا لم يتمكن ممثلوا حركة فتح من الدفاع العلمي والوطني عن حركتهم، ودورها الريادي؟ ولماذا آلة أعلامهم ضعيفة ومتعلثمة ومترددة في فضح السياسات التي ترتكبها حركة حماس؟ ولماذا لم يتمكن المناظر الفتحاوي من جر المناظر الحمساوي الديماغوجي إلى مربعه بطرحه أسئلة الوطن والمشروع الوطني؟ ومن المسؤول عن التآكل في مكانة الشبيبة، وفي مكانة القطب الديمقراطي، وكتلة اليسار؟ أين هم اليساريون من نبض الشارع؟ وهل الموضوع له علاقة بالمال أم بالبرنامج الوطني؟ 

مما لا شك فيه، أن عدم البحث الجدي في أسئلة عدم الفوز بالأغلبية، او بتجاوز حالة المراوحة القائمة، واحدة من أهم النتائج في مراوحتكم في ذات المكان، وعدم الاستفادة من الدروس واستخلاص العبر، وعدم كفاءة ممثلو كتلة الشبيبة والقطب الطلابي الديمقراطي وكتلة اليسار، هي الأساس في تفوق وتقدم كتلة حركة حماس عليهم جميعًا. لأن خطابهم الوطني مبتور وضعيف ومهلهل، وغير مقنع للطلاب. لذا مطلوب مراجعة سياساتكم وبرامجكم، والتدقيق أكثر في شخوص ممثليكم، أخرجوا من شرنقة الاستقواء بالسلطة، وتجذروا بين أوساط الطلبة من مختلف المستويات، واعكسوا سلوكيات نموذجية بعيدة عن الغرور والإساءة للآخر، تمثلوا روح الوطنية الحقة.   

مع ذلك تملي الضرورة التأكيد، أن مجرد أن تتم العملية الانتخابية في أي موقع نقابي او سياسي يعتبر عرسًا ديمقراطيًا مهمًا، وهذا يسجل لصالح السلطة الوطنية ولحركة "فتح"، والمطلوب تعميم العملية الديمقراطية وصولاً للانتخابات البرلمانية والرئاسية والمجلس الوطني، لأننا بحاجة ماسة لتجديد التمثيل للشارع، وإعادة الاعتبار للسلطة التشريعية، وللحد من سطوة السلطة التنفيذية. وهو بالمقابل نقيصة وعار على حركة الانقلاب الحمساوية، التي حالت وتحول دون إجراء الانتخابات في أي موقع، رغم أنها ملأت الدنيا صراخًا وجعجعة بفوز ممثلي كتلها الطلابية في جامعتي النجاح وبيرزيت في الضفة الفلسطينية، إلا أنها تصمت صمت أهل الكهف عندما يطالب المجتمع باجراء انتخابات في غزة، ويرفضون من حيث المبدأ فتح أبواب الصناديق الانتخابية في قطاع غزة، لأنهم لا يملكون الثقة بالذات وبالشعب. ولأنهم يعلمون رأي الشعب فيهم وفي خيارهم الانقلابي، لذا يخشون ألف مرة التفكير مجرد التفكير باجراء الانتخابات، لأنه لا قاعدة شعبية لهم. 

ومبروك لكل الكتل التي شاركت في الانتخابات الطلابية، والتي حصدت الفوز وأقصد ممثلو طلبة حركة حماس، رغم كل الاختلاف العميق مع رؤيتهم وبرنامجهم وتحريضهم المرفوض والمدان.