في خطوة أردنية شجاعة تعبر عن مشاعر ومواقف الشعب الأردني الشقيق، صوت مجلس النواب الأردني يوم الأربعاء الماضي الموافق 22 آذار/ مارس الماضي بالاجماع على طرد السفير الإسرائيلي ردًا على تصريحات وزير المالية الصهيوني الفاشي، سموتريتش يوم الاحد الموافق 19 اذار / مارس الماضي في باريس أثناء تأبين جاك كوبفر، رئيس منظمة "بيتار" الصهيونية، ورئيس الليكود السابق. وهو ناشط صهيوني فاشي دعا إلى طرد الفلسطينيين والأردنيين من أوطانهم، وبناء دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، أحد أهداف الحركة الصهيونية العالمية، التي عملت وتعمل حكومات إسرائيل اللقيطة واللا شرعية على تحقيقه خطوة خطوة، حيث تعمل الآن تحت قيادة حكومة الترويكا الفاشية: نتنياهو، سموتريتش وبن غفير لتحقيق خطوة استراتيجية بإقامة "دولة إسرائيل الكاملة على أرض فلسطين"، التي تشمل المملكة الأردنية الهاشمية. 


وهذا ما عكسته الخارطة الإسرائيلية، التي وضعها سموتريتش أمامه أثناء إلقاء كلمته بشبيهه الميت، تشمل فلسطين التاريخية والمملكة الأردنية وبعض سوريا، وهو يلقي كلمته لإحياء ذكرى الصهيوني كوبفر، الذي ساهم بشكل مباشر بتأسيس "منظمة الماك الإرهابية" بقيادة فرحات مهني. التي تستهدف الجزائر الشقيقة، الذي زار إسرائيل سرًا بالتنسيق مع كوبفر، وجماعات الضغط الصهيونية في فرنسا. 


وكان أجتر زعيم الصهيونية الدينية في كلمته العاكسة لخياره الفاشي كلاً من غولدا مائير، وكوبفر وجابوتنسكي وغيرهم من الآباء المؤسسين للحركة الصهيونية عمومًا، وتيارها المتطرف خصوصًا، واعتبر بأن "العرب اخترعوا الشعب الفلسطيني"، واعتقد أن إسقاطاته الرغبوية، وإسقاطات من سبقوه، ومن يجايلونه من القادة الإسرائيليين، ومنهم رئيس الحكومة الحالي، نتنياهو، الذي بات يكرر" أنه لن يمنع إقامة المستعمرين الجدد في أرض الآباء". وهو يقصد أرض الوطن والشعب الفلسطيني، لن ترى النور، وسيتمكن الشعب  الفلسطيني وشعوب الأمة العربية بدعم انصار السلام لإفشال خيارهم الاستعماري بدعم ورعاية الغرب الرأسمالي. 


ويعتبر تصويت البرلمان الأردني على طرد السفير الإسرائيلي خطوة مهمة، وفي الاتجاه الصحيح. رغم ان التصويت ليس ملزما للحكومة الأردنية، ولا لصانع القرار الملك عبد الله الثاني. بيد أن هذا التصويت له دلالاته السياسية والاقتصادية والعسكرية الأمنية والثقافية، ويؤكد وحدة الحال بين الشعبين والقيادتين الشقيقتين في فلسطين والأردن، لا سيما وأن أركان الحكومة الفاشية بقيادة نتنياهو لم يخفوا أبدًا توجهاتهم، ومن يعود لبرنامج الليكود، وبرامج الأحزاب الصهيونية الدينية والعلمانية يجد في مقدمتها الاطماع الصهيونية في إقامة الدولة الإسرائيلية على أنقاض فلسطين التاريخية والمملكة الأردنية كخطوة متقدمة، وتمهيدًا لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. 


ولا يغرن الأردن الشقيق تصريحات تساحي هنغبي، ولا حتى تصريحات الفاسد نتنياهو ولا غيرهم من أركان الائتلاف الحاكم وحتى العديد من قوى المعارضة، الذين حاولوا التخفيف من حدة ردود الفعل على مواقف زميلهم وشريكهم في الخلفية والأهداف الصهيونية سموتريتش. لأنهم تاريخيًا أعلنوا الكثير من المواقف المقبولة سياسيًا، ولكنهم لم يقصدوا دلالاتها، وترجماتها، لأن الناظم الأساس لبرنامجهم هو السيطرة الكاملة على الوطن العربي ليس من النيل إلى الفرات، وإنما من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، واتفاقات الاستسلام المسماة "الابراهيمية" تعكس هذا التوجه. لا سيما وان سياستهم تقوم على مبدأ الخطوة خطوة، والهيمنة على الأرض الفلسطينية والعربية بالتدريج، والقضم المتوالي وفق موازين القوى القائمة في كل لحظة، وانتهاج سياسة خطوة للأمام خطوتان للوراء، ولكنها تسير بخط بياني صاعد لفرض الهيمنة الإسرائيلية الاستعمارية على كل الأرض العربية، ومن يعتقد عكس ذلك، يكون واهماً وساذجًا، ولا يفقه في فهم السياسة الصهيونية، ومن خلفها حلفاؤهم في الغرب الرأسمالي عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا. 


وإذا كانت الإدارة الأميركية فعلاً ترفض ما صرح به سموتريتش ونتنياهو وبن غفير وغيرهم من زعران الفاشية الجديدة، فلتطالب إسرائيل بالوقف الفوري لكل سياساتها الاجرامية، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتعترف بالدولة الفلسطينية، وتفتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن، وتفتح قنصليتها في القدس العاصمة الفلسطينية، وتكف عن العبث بملف اللاجئين الفلسطينيين، وتدعو لعقد مؤتمر دولي مع الشركاء الامميين وتحت رعاية الأمم المتحدة وضمن روزنامة محددة لفرض الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أرض الدولة الفلسطينية بما فيها القدس العاصمة الأبدية، وتفرض العقوبات السياسية والاقتصادية المالية والعسكرية الأمنية، وتكف عن التغطية على جرائم إسرائيل في المنابر الدولية. دون ذلك كل المواقف الأميركية لا تتجاوز الاستهلاك الإعلامي والتضليل المكشوف. 


شكرًا لمجلس النواب الأردني على موقفه الشجاع والنبيل، الذي يعكس الدفاع عن الأردن وفلسطين والأمة العربية. 

المصدر: الحياة الجديدة