بتسلئيل سموتريتش وزير مالية حكومة اليمين المتطرف، ونصف وزير في وزارة الأمن أو الجيش أو الحربية أو وزارة الاستعمار الإسرائيلي يسعى جاهدًا كي يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويسجل اسمه في السجل الذهبي للحركة الصهيونية بعدما أنجز نجاحًا باهرًا في الانتخابات الأخيرة للكنيست أعطاه القدرة كي يقبض على "خناق" بنيامين نتنياهو.

وبتسلئيل رجل صريح، لا يكذب ولا يراوغ، يقول للإعلام ما يؤمن به دون لف ودوران، والذي في قلبه على رأس لسانه، وهو الوجه الصريح للمستوطنين ولهذه الحكومة.

عندما ارتكب المستوطنون "بوغروم" حوارة الإجرامي في أصيل يوم الأحد السادس والعشرين من شهر شباط من العام 2023 وشاهد ذلك بأم عينيه في أثناء عودته من بيته في مستوطنة كيدوميم عبر عن تأييده لهم قائلاً إنه يتمنى محو بلدة حوارة من على وجه الأرض، ولم يتوقع أن عددًا لا بأس به من ساسة إسرائيل سوف يشجبون "البوغروم" ويقارنونه بليل الكريستال، ولم يخطر بباله أن يتحول هذا الشجب وهذا الاستنكار إلى تسونامي عالمي، وأن تتضايق حكومته منه وهي التي من عادتها منذ دافيد بن غوريون حتى بيبي نتنياهو أنها لا تحسب حسابًا لما يقوله الغوييم.

 ويبدو أن بتسلئيل سمع نصيحة رئيس حكومته له فقرر تلطيف تصريحه فأعلن بعذر اقبح من الذنب أنه لا يدعو المستوطنين إلى محو بلدة حوارة بل على حكومة إسرائيل أن تقوم بذلك، فذكرني بقصة المهرج الذي داعبت أنامله مؤخرة الملك فانتهره صاحب الجلالة فخاف من سطوته وقال معتذرًا: ظننت أنها مؤخرة الملكة.

هذا التصريح التلطيفي لا يدل على عدم تجربته السياسية بل هو دليل ساطع على صراحته وعلى فكره كما أنه برهان على فكر المستوطنين الذين أقاموا مستوطناتهم في الضفة الغربية ومدينة القدس منذ نشأت حركة غوش أمونيم في عهد حزب العمل.

ولا شك أن تصريح معالي الوزير ضاعف أسهمه عند المستوطنين وغلاة اليمين وجعله نجمًا إعلاميًا يبز صنوه بن غفير فلا نشرة أخبار تلفزيونية أو إذاعية أو ورقية أو إلكترونية دون سموتريتش مما جعله يشعر بزهو وأن تطول قامته شبرًا، وعندئذ فكر الرجل طويلاً وضرب أخماسه بأسداسه وحك جبينه وغامر ليكون في جماعة المكتشفين الذين دخلوا التاريخ مثل كولومبوس وغيره من الذين اكتشفوا البنسلين واللقاح ضد الجدري وضد السل، وبعد جهد أعلن من بلاد الغرب، بلاد المكتشفين العالميين أنه اكتشف ألا وجود لشعب اسمه الشعب الفلسطيني، فلا يذكر التاريخ عملة فلسطينية أو ملكاً فلسطينيًا أو حضارة فلسطينية أو طعاماً فلسطينيًا أو زيًا فلسطينيًا، كما اكتشف أن جدته التي قدمت من أوروبا وسكنت في بلدة المطلة فلسطينية، ونسي بتسلئيل أن الزعيم العمالي يغئال الون قال مثل هذا الكلام قبل سبعة عقود وأن الست غولدامئير تفوهت به قبل خمسين عامًا وأن مناحيم بيغن قال "أنا بلشتيني"، ولم يدرك بتسلئيل أن الون وغولدا وبيغن ذهبوا إلى غير رجعة وبقي الشعب الفلسطيني.

فرح بتسلئيل لأن زعماء الأحزاب الصهيونية غبطوه على اكتشافه فلم يعارضه نتنياهو ولبيد وغانتس وليبرمان ودرعي وهذا دليل على أن سموتريتش قال ما في ضمائرهم.

وجاءت ردود الفعل الواسعة في العالم لهذا الاكتشاف النادر الذي منح القضية الفلسطينية قوة وذكر الغرب والشرق وجماعة ابراهام أن هناك احتلالاً بشعًا قاسيًا يجب أن يزول وأن هناك شعبًا آن الأوان كي يتحرر.

 شكرًا أدون بتسلئيل، وأسأل الله أن تكثر من تصريحاتك واكتشافاتك الذكية يا شاطر عسى أن تطول قامتك السياسية فترًا أو شبرًا.

المصدر : الحياة الجديدة