دورة الدم والإرهاب الصهيوني المنظم المتصاعدة تجوب المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. دورة الجحيم المتوحشة والانفلات من عقل القانون الدولي والسلام الممكن والمنشود تصب جام نازيتها على الأبرياء من أبناء الشعب العربي الفلسطيني. وحكومة الترويكا الفاشية تسابق الزمن في إطلاق مصاصي دماء الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب لتدمر آخر بصيص أمل اقتراضي ممكن للسلام، أن كان هناك أصلاً وجود لهكذا بصيص من أصله في كل حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ وجدت حتى الآن. 


أول أمس الثلاثاء الموافق السابع من مارس الحالي وفي وضح النهار قامت قوات ما يسمى "اليمام" من المستعربين القتلة والإرهابية باقتحام مخيم جنين غراد البطولة والفداء، وقتلت ستة شهداء وإصابت 26 جريحًا من أبناء الشعب الفلسطيني على مرآى ومسمع من العالم، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين، الذين فارقوا الحياة وهم ينزفون، مما رفع عدد شهداء جنين ومخيمها إلى 27 شهيدًا حتى اللحظة المعاشة من بداية العام الحالي.


وأكدت الجريمة الوحشية الجديدة في جنين أن حكومة نتنياهو السادسة الفاشية على الآتي: أولاً خطيئة فرضية الاعتقاد بإمكانية إيجاد أي مستوى من العلاقة بينها وبين القيادة والشعب الفلسطيني؛ ثانيًا لا يتضمن برنامج حكومة الترويكا الصهيونية غير لغة البارود والقتل والاقتحامات والإرهاب المنظم؛ ثالثًا تعمل على تحويل الشعب العربي الفلسطيني إلى عبيد، وإجراء وعملاء إسوة ب"جيب لبنان الجنوبي" بقيادة سعد حداد وأنطون لحد، التي غاب عن الوجود في العام 2000؛ رابعًا تسعى بقوة وبشكل حثيث على القاء ازمتها الخانقة في الداخل الإسرائيلي إلى الخارج الفلسطيني، لحرف بوصلة التناقض القائم بينها وبين المعارضة الإسرائيلية؛ خامسًا تسعى بشكل متواتر على إلقاء اللوم في التصعيد على القيادة والشعب الفلسطيني، وتحميلهم المسؤولية عما يجري، بذريعة "محاربة الإرهاب". رغم أن كل الدلائل والبراهين الماثلة في الواقع المعطي، تؤكد أن الحكومة الفاشية، هي وليس أحد غيرها من أشعل فتيل الفوضى والإرهاب المنظم؛ سادسًا أرادت أن تقطع الطريق من الآن على عقد قمة شرم الشيخ في 17 مارس القادم. لأنها ليست مستعدة لتقديم أية تنازلات ممكنة، ولا تريد من حيث المبدأ التعاون مع القيادة الفلسطينية كند بل كتابع ومنفذ للأوامر؛ سابعًا تأكيد إصرارها على خيار مواصلة الاستيطان الاستعماري والسيطرة الكاملة على الأرض والمصالح الوطنية الفلسطينية دون استثناء، ومن البحر إلى النهر، حتى تحول دون وجود أي بارقة امل في إمكانية إستقلال الدولة الفلسطينية. 


في ضوء ما تقدم، هل يمكن لفلسطيني الرهان على إمكانية إيجاد أية علاقة مع حكومة الترويكا الصهيونية النازية؟ وهل يمكن الاعتقاد للحظة، وأي كان افتراض الخلاف بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو، أن أميركا يمكن أن تضغط عليها وإلزامها بوقف جرائم حربها ضد الشعب العربي الفلسطيني، والانفتاح على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ وهل الوضع الدولي الراهن وإلى حين خلال العام الحالي (2023) ينبأ بإمكانية حدوث تحولات استراتيجية في المشهد العالمي يغير من موازين القوى الإقليمية والمحلية؟ وما هو المطلوب فلسطينيًا للرد على الإرهاب الصهيوني؟ 


استطيع أن أجزم، بأن أي رهان على إمكانية حدوث تراجع عن برنامج حكومة الترويكا الفاشية بقيادة نتنياهو الإجرامي الاستيطاني الاستعماري، هو رهان خاسر وفاشل. وفي السياق ذاته، لا مجال للرهان أو وضع فرضية بنسبة واحد في المئة على الولايات المتحدة لممارسة الضغوط الملزمة على الحكومة الإجرامية في إسرائيل، ومن يتابع المواقف الأميركية يلحظ جيدًا، إنها تعبر عن "استياءها" و"رفضها" و"إدانتها" و"مطالبتها بالتمني على الحكومة للتخفيف من جرائمها" حتى لا تحرجها، ولكن هذه الإدارة وغيرها من الإدارات السابقة واللاحقة، طالما بقيت موازين القوى على ما هي عليه الآن، لن تلزم إسرائيل بوقف إرهابها المنظم والمتعدد الأوجه ضد الشعب الفلسطيني، والتحولات الدولية الجارية بخطى وئيدة ومتدحرجة قد تتأخر لبعض الوقت، وبالتالي على القيادة الفلسطينية العمل على الآتي: أولاً الشروع بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي دون تردد؛ ثانيًا الاندفاع نحو الوحدة الوطنية؛ ثالثًا تصعيد كل اشكال المقاومة وفي مقدمتها المقاومة الشعبية؛ رابعًا المطالبة بالحماية الدولية للشعب في كل المحافظات دون استثناء؛ خامسًا ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة في محكمة الجنايات الدولية؛ سادسًا عقد الدورة ال32 للمجلس المركزي قبل حلول شهر رمضان المبارك لاعادة نظر استراتيجية بالبرنامج السياسي وأساليب الكفاح؛ سابعًا رفض كل الحلول الترقيعية الأميركية والعربية الرسمية والانشداد للدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية ... الخ