ثار جدل خلال اليومين الماضيين حول نتائج الاجتماع الأول لكابينت حكومة نتنياهو السادسة، والذي فرض مجموعة عقوبات على بعض الشخصيات الوزارية والديبلوماسية الفلسطينية التي تتابع ملاحقة إسرائيل الاستعمارية في المنابر الأممية، هذا واكد كل من سموتيريش، وزير المالية، وبن غفير، وزير ما يسمى الأمن القومي، وغيرهم من وزراء الليكود، أن ما تم تبنيه من عقوبات ليست سوى الدفعة الأولى من العقوبات الشخصية والجماعية.


ومن حيث المبدأ مطلوب علينا الفصل بين مستويين في التعاطي مع هذا الانتهاك الإسرائيلي، الأول ضرورة شن حملة سياسية وديبلوماسية فلسطينية وعربية وأممية على نهج الحكومة الفاشية بزعامة نتنياهو، وإبقاءها تحت المجهر لفضحها وتعريتها ساعة بساعة ويومًا تلو الآخر، لكشف وجهها الحقيقي أمام الرأي العام الإسرائيلي والفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي، ولإحراج الإدارة الأميركية ومن لف لفها من الداعمين للحكومة الإجرامية، ووضعها في موقع الاتهام، لأنها تتحمل الجزء الأساس من المسؤولية السياسية والديبلوماسية والقانونية عن موبقات تلك الحكومة المارقة، كونها تغطي حتى اللحظة عوراتها وانتهاكاتها ليس لمصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني فقط، إنما كونها تستبيح وتصفي أمام الملأ عملية السلام، وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، الذي تدعي الولايات المتحدة أنها تتبناه وتؤيده.
مع أن الحقيقة الماثلة للعيان، تؤكد أن هناك بوناً شاسعًا بين القول والحقيقة على الأرض.

 

لا سيما وأنها يوم الخميس الماضي (5 كانون 2 / يناير الحالي) حالت دون مجرد إصدار بيان من مجلس الأمن الدولي يدين اقتحام الفاشي بن غفير المسجد الأقصى.
أضف لذلك، أن ملاحقة الحكومة الإسرائيلية وجرائمها اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني تسلح القيادة بأوراق قوة إضافية لملاحقة أركانها وزعرانها سياسيين ومدنيين.

 

لأن وزارة الإرهاب لن تتورع عن ارتكاب أي جريمة تحقق أهداف التطهير العرقي والعنصرية والكراهية والقتل الفردي والجماعي ضد الفلسطينيين بغض النظر عن هويتهم السياسية أو الدينية، وتقدم يوميًا بالوثائق والشواهد مستندات ملاحقتها كحكومة فاشية، وترفد القيادة الفلسطينية بمصداقية أعلى وأكبر أمام العالم أولاً لمصداقيتها، وثانيًا لرغبتها في التمسك بالسلام، وثالثًا لرفض الإرهاب والجريمة، ورابعًا كونها تدفع من دم ولحم أبناء الشعب يومياً فاتورة دفاعها عن الحد الأدنى من حقوق شعبها الواقع تحت نير الاستعمار الفاشي. وهذا يمنحها قوة إضافية لملاحقة وزارة الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلية وبالتالي يفترض مواصلة هذا النهج دون توقف، أو خشية من أية عقوبات، أو التلكؤ أو أمام أية ضغوط يمكن أن تفرض على القيادة الفلسطينية.

 

المستوى الثاني الواجب الانتباه له، معروف وراسخ في الوعي الفلسطيني الجمعي، ولا يمكن لكائن من كان أن يمحوه أو يزيله من الذاكرة الفردية أو الجمعية الفلسطينية، وهو أن إسرائيل بقضها وقضيضها ولدت وتأسست كدولة شيطانية، دولة فاشية، وقامت بالارتكاز على عملية تطهير عرقي واسعة، عمدتها بالعشرات من المجازر والمذابح الوحشية، ومازالت حتى يوم الدنيا هذا تواصل مسلسها وانتهاكاتها الاجرامية والوحشية ضد أبناء الشعب حيثما وجدوا.

 

وبالتالي أية عقوبات جديدة، وأي كان نوعها، وحجم فاشيتها ونازيتها لا يضيف جديدا لاي طفل فلسطيني. لأن من ولد اليوم من الفلسطينيين يعي بالوراثة همجية وحثالة ودونية دولة الإجلاء والإحلال الصهيونية، ورضع من حليب أمه المعاناة التاريخية لشعبنا.

 

إذًا على الجميع قيادات وكوادر وموظفين ومناضلين وأناس عاديين، أن يكون مستعدًا لما هو أسوأ من الجرائم والمذابح والاجتياحات والاعتقالات والاغتيالات والمصادرة والتهويد وسحب الهويات ليس من المقدسيين فقط، وإنما من أي فلسطيني يقيم على أرض الإباء والاجداد، وليس سحب بطاقة ال VIP  أو أي امتياز آخر.

 

وبالتالي المطلوب من القيادة تكليف الاخوة في وزارة الشؤون المدنية جمع البطاقات من كل حملة بطاقة الشخصيات المهمة، وإحراقها أمام مستعمرة بيت أيل ليكون درسًا لأركان حكومة نتنياهو، وأيضًا درسًا للعالم، والتأكيد لكل أصحاب القرار في العالم أن أهمية القيادات الفلسطينية لا يعود لحمل البطاقة التافهة، وإنما كونه يحمل راية المشروع الوطني، ويدافع بثبات عن حقوق وأهداف الشعب والأمة وأنصار السلام في العالم؛ وعلى صعيد آخر اعتماد المواصلات العادية، وليس سيارات ال VIP على المعبر لتكريس صورة القيادي المناضل، الذي لا يتميز عن أبناء الشعب، والأهم تعزيز روح المقاومة الشعبية، وإجراء مراجعة شاملة لبرنامج المواجهة مع دولة الاستعمار الصهيونية على أكثر من مستوى وصعيد، والابتعاد عن سياسة الانتظار.