كلما أدخل باحة ياسر عرفات، حيث ضريحه والمتحف أشعر بخضرة يافعة تحيط بي من كل جانب، خضرة تحمل طبع المكان ومعناه حقلا لن ينال منه اليباس والجفاف أبدا، وبرغم أن أثر الفراشة لا يرى لكنه هنا في هذه الخضرة اليافعة، أراه  كلمات تحيل المجاز إلى صور وأصوات سارحات في ملكوت القصيدة، أحسها تنوح تارة، وتارة تغني أغنية العشاق الذين يبنون دولتهم على حجر .

وثمة أثر أوضح هنا، وأقوى من أثر الفراشة، جاء به متحف ياسر عرفات في معرض أقامه احتفاء بالذكرى الثالثة والتسعين لميلاد الشهيد الخالد ياسر عرفات وسماه "أثر" وهذا هو الاسم الذي على المسمى،  وفي هذا المعرض تتبعت الأثر وهو يتجسد برائحة الحنين تفوح لا من المقتنيات التي هندمها المتحف في معرضه والتي تلقاها ياسر عرفات، هدايا محبة وتقدير، من قوى صديقة، دولا، وقادة،  وأحزابا، وإنما كانت الرائحة تفوح من وردة المعنى، معنى المعرض وغايته، أن لفلسطين أثرا لا يمحى، وليس هذا فحسب، بل هو الأثر الذي يبنى عليه، لأجل واقع يتجسد فيه المعنى، بناية للدولة، وأيقونة لعاصمتها، وبستانا لحياة أهلها، ودروبا لتطورها وتقدمها .

وطيب هو الأثر في معرض"أثر" كلمات قلوب زينت جدارا فيه، ومنحوتات وخزفيات ولوحات، وكريستالات، هي بعض الهدايا التي تلقاها ياسرعرفات وقد أحاطت به هنا شاخصا في بدلته العسكرية متوسطا المعرض الذي بدا كمثل لوحة فنية بألوان تنوعت درجات خضرتها وتكاملت في طبيعتها وحقيقتها الإبداعية التي تهزم الموت مصداقا لما قاله محمود درويش هزمتك يا موت الفنون جميعها .

المصدر: الحياة الجديدة