يطل على شعبنا وقضيتنا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1977، يومًا عالميًا للتَّضامن مع  الشعب الفلسطيني من كل عام، ودعت الدول الأعضاء إلى تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية لإحياء هذا اليوم، في دلالة عالمية ودولية واضحة على اعتراف المجتمع الدولي بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة غير القابلة للتصرف.

ويتوافق اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني مع نفس اليوم الذي صدر فيه قرار تقسيم فلسطين، رقم 181 الصادر في 29 تشرين الثاني عام 1947، الذي شكل أكبر طعنة لشعبنا الفلسطيني وسلب قسمًا كبيرًا من أرضنا ووطننا وانتزعها من أصحابها الأصليين ومنحها لمهاجرين يهود وصهاينة غرباء جاءوا من كل بقاع العالم.

ذلك القرار الذي جاء نتيجة لوعد "بلفور المشؤوم"، وعد من لا يملك لمن لا يستحق الصادر بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 الذي وعد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، الذي تلقفته الحركة الصهيونية مدعومة من قوى الظلم والاستعمار وفي مقدمتها المملكة المتحدة الدولة المنتدبة على فلسطين، التي ساعدت الحركة الصهيونية وسمحت بهجرة اليهود المنظمة إلى أرض فلسطين، وسلّحت العصابات الصهيونية التي أنقضت على الشعب الفلسطيني، واقتلعت شعبنا من أرضه ودياره وقراه ومدنه بالقوة وارتكبت المجازر وأنشأت الكيان الصهيوني الغاشم على أرض فلسطين عام 1948، ونال ذلك الكيان المزعوم اعترافًا أمميًا ودوليًا وأصبح عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، فيما الدولة الفلسطينية التي نص عليها ذات القرار لَمْ تَرَ النور حتى يومنا هذا، ونتج عن ذلك تدمير كيانية الشعب الفلسطيني وتشريده وحرمانه من أرضه ووطنه.

ولكن شعبنا الفلسطيني من خلال صموده ونضاله وكفاحه ومقاومته أستطاع النهوض وانتزعت منظمة التحرير الفلسطينية اعترافًا دوليًا بتمثيلها للشعب الفلسطيني، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة اهتمام المجتمع الدولي، في الأمم المتحدة ومجلس الأمن على كل المستويات وفي كل المحافل العربية والإسلامية والدولية.

في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، نقول للعالم كفى ظلمًا وقهرًا لشعبنا، وآن الأوان لترجمة هذا التضامن بعمل حقيقي وفعلي دولي صارم حاسم، يضع حدًا نهائيًا للاحتلال، ولم يعد يكفي إصدار بيانات الإدانة والاستنكار للاحتلال والاستيطان، ولا بيانات التضامن والتعاطف مع شعبنا وقضيتنا، بل بات من المحتّم والواجب على المجتمع الدولي إزاحة الاحتلال الجاثم على أرضنا وعلى صدور شعبنا الذي يتعرض لأبشع أنواع القهر والظلم والإبادة والقتل والتدمير والترهيب والاعتقال التعسفي والحصار والتهجير والتطهير العرقي الممنهج الذي تمارسه سلطة الاحتلال يوميًا ضد شعبنا، ناهيك عن الانتهاكات التي يقوم بها جيش وشرطة الاحتلال والمستوطنين للمقدسات المسيحية والإسلامية بشكل فاضح يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

في اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا نؤكد على ضرورة ترجمة اعتراف المجتمع الدولي بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة من خلال الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وسيادتها على أرضها، وندعو المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات اللازمة للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي للانصياع للإرادة الدولية وتنفيذ كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة التي أكدت جميعها على حق شعبنا في تقرير مصيره وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948  والعمل على انهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين شعبنا الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كافة الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف .

نجدد دعوتنا لجامعة الدول العربية والدول العربية الشقيقة للالتزام بمبادرة السلام العربية التي نصّت على عدم التطبيع مع دولة الإحتلال، إلا بعد إنهاء احتلالها للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وندعو الأشقاء العرب إلى التراجع عن خطوات التطبيع المجانية التي أقدمت عليها بعض الدول العربية مع دولة الإحتلال، والتي ذهبت إلى أبعد من التطبيع الدبلوماسي والسياسي، ووصلت إلى حد توقيع اتفاقات تعاون تجاري وأمني وعسكري مع حكومة الإحتلال، وهو ما أقدمت عليه الحكومة المغربية مؤخًرا التي نعلن علنًا وصراحةً بأننا ندين ونستنكر تلك الاتفاقات التي لا تخدم القضية الفلسطينية بل تشجع سلطة الاحتلال على المزيد من التعنّت والتنصل من الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتشجّع حكومة الاحتلال على مواصلة العدوان ضد شعبنا غير آبهة بمواقف تلك الدول ولا بمواقف شعوبها المتضامنة مع شعبنا وقضيتنا رغم كل الأوضاع والظروف الصعبة التي تمر بها تلك الشعوب.

كما وندعو كل أحرار العالم وكل المناصرين للقضية الفلسطينية للتعبير عن تضامنهم مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة وإسناد نضاله وإعلاء صوتهم للمطالبة بالإنهاء الفوري للاحتلال الإسرائيلي الذي هو آخر احتلال يشهده العالم في عصرنا الحديث، وندعو إلى فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضد شعبنا أمام الرأي العام الدولي وإلى ضرورة التوجه إلى محاكم الجنايات الدولية لمعاقبة مجرمي الحرب من وزراء وجنرالات وجنود الاحتلال على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني.

في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته من خلال تأمين الدعم المالي الدائم والمستدام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" حتى يمكن للوكالة من الخروج من أزماتها المالية المتعاقبة لتتمكن من الإطّلاع بمسؤولياتها وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلى حين حل قضيتهم طبقاً للقرار 194.

تتوجه قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بالشكر للشعب اللبناني الشقيق ولكافة الشعوب والحكومات والأحزاب العربية التي ما زالت ثابتة على مواقفها من قضتنا العادلة من خلال ما تقدّمه من دعم وإسناد ومؤازرة بكافة أشكالها السياسية والإعلامية والمادية، مؤكدين تمسكنا بأرضنا وحقوقنا وكرامتنا، واستمرارنا بممارسة حقنا في المقاومة الشعبية بكافة أشكالها حتى تتحقق أهدافنا الوطنية المشروعة.

وفي هذا اليوم نؤكد لشعبنا الفلسطيني أننا متمسكون بضرورة إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لأن وحدتنا هي الرافعة الحقيقية القوية والصلبة، من أجل تحقيق أماني وتطلعات شعبنا الفلسطيني، بتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين.

 

وإننا لعائدون

قيادة فصائل "م.ت.ف" في لبنان

29 تشرين الثاني 2021