برعاية وحضور معالي وزير الثقافة اللبناني د.غطّاس خوري، نظَّمت الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم (MUBS) حفلاً لإطلاق كرسي الشاعر محمود درويش للأدب والشعر وذلك في قصر "الأونيسكو" اليوم الجمعة 10-8-2018.

وتقدَّم الحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، ونائب رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني د.زياد أبو عمرو، وأمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" آمنة جبريل، ورئيس مجلس أمناء جامعة (MUBS) د.حاتم علامي، وأمين عام اتحاد الكُتَّاب اللبنانيين د.وجيه فانوس، والشاعر شوقي بزيغ، وممثِّلو الأجهزة الأمنية اللبنانية، وفصائل "م.ت.ف"، وإعلاميون وشعراء وأدباء لبنانيون وفلسطينيون.

وبدأ الاحتفال بالنشيدَين الوطنيَّين اللبناني والفلسطيني، تلتهما كلمة الوزير د.غطاس خوري ممَّا جاء فيها: "هذا الكبير الذي تحتفل جامعة لبنانية (الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم) بإطلاق كرسي باسمه للأدب والشعر بإدارة نخبة من المبدعين الإعلاميين، نريده كما تريده هي قدوةً للوطنية، للعروبة، للنضال ولتشجيع الشباب على العطاء، وعلى الإبداع، وعلى التفوُّق. فالجامعة ليست فقط للتعليم، بل للتربية وللتنشئة الوطنية ولتعميق المعرفة ونشرها، فليست جودة التعليم العالي هي المطلوبة فقط، بل جودة مثل هذا العمل نوعًا وقيمة، وفي هذا فلتتنافس الجامعات".

وتابع: "نعم، نحن ننتظر مَن يسير على خطى محمود درويش في الصمود، وفي الثورة على الكسل والفساد والانهزام، وفي محبَّة الغد الأفضل للإنسان العربي وللوطن العربي الكبير، هذا الوطن الذي كان في شِعره كلّه القضية، عاش ومات دونها، ألم يقل (الوطن ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي إنَّه حياتك وقضيتك معًا)؟ وقد طبق قوله تمامًا في كلِّ حياته".

وختم الوزير خوري كلامه قائلاً: "وزارة الثقافة تعتزُّ بمثل هذا الاحتفال الاكاديمي الواسع، الذي جمع المهتمين من العرب واللبنانيين دبلوماسيين ومبدعين، حول رائد عربي للشعر قلَّ نظيره، ونُقدِّر جدًّا إدارة الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم والقيِّمين على هذا الاحتفال والمجتمعين فيه".

ثُمَّ كانت كلمة رئيس مجلس أمناء الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم د.حاتم علامي قال فيها: "من بيروت شوق وحنين وثورة لمحمود درويش وهي تدافع عن خصوصيتها ضد محاولات تناتشها بين المذاهب وتقاسمها بين المطامع، ومعها ها هنا من القصر رمزية متمرّد على النسيان، تستميت دفاعًا عن الثقافة ومحاولات استباحتها في زمن العبثية. ها هي مبادرة الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم شاهد على اللقاء بمن لا يحتاج إلى شهادة، رحلة ١٨ عامًا نضجت فيها التجربة يقينًا بالرؤية والتوجهات فتتعالى في (MUBS) صدح كلماتك تتدفَّق في شرايين العلم إثباتًا لتلازم العِلم والثقافة حيثُ لا معنى للعِلم بلا ثقافة، وحيث العلاقة هي علاقة الجسد بالروح".

وأضاف: "تعجز الكلمات عن التعبير والتقدير لكلِّ مَن شاركنا هذا المهرجان الذي يمتدُّ على كنه الفضاء العربي مؤمنين بأنَّ الجامعة التي نشأت من تحدٍّ لشعارات طواها الزمن ومواجهة مع مقولات تنطوي على ذاتها في منأى عن طموح وأحلام شرائح الشباب الباحثين عن مسار لمواكبة العِلم بالعِلم هذه الجامعة تنتصر اليوم لهذه الإرادات بأن تضع على بوابة مرحلتها القادمة كرسيًّا للإبداع الإنساني تفسيرًا لمعنى وجودها وترسيخًا لانحيازها إلى أبجدية التغيير ليس فقط لأنَّنا نُكرِّم محمود درويش، بل لأنَّنا نحمل وصيّته عملاً لمشروع ثقافي نأمل أن تصبّ المبادرة في مجاريه الدافقة. ونحن نجلس على جسر العبور من بيروت إلى رام الله ننتشي بعبق الشهادة ننحني تحيّةً لكلِّ شهيد سقط لتبقى قضية فلسطين الحق والحُريّة والسلام حيّةً لا تموت مع حتمية عودة الحق لأصحابه وانتصار. نمتشق اليوم تحيّتك لغزة حين تقول إن سألوك عن غزّة قل لهم بها شهيد يسعفه شهيد يصوِّره شهيد ويودِّعه شهيد ويُصلِّي عليه شهيد".

واستطرد علامي قائلاً: "محمود درويش هو في رؤيتنا تجربة نيّرة نهتدي بها على دروب الفكر والمعرفة حيث تبدأ حكاية جديدة لتطعيم المناهج بالتجربة خيارًا ومصباحًا للإضاءة على حقبة زمنية استثنائية في تاريخنا الحديث، وستكون المقرَّرات الجامعية في فروع الجامعة الستة ضمن برامج الجامعة ومفتوحة لمشاركة الراغبين بالانتساب إليها. إنَّ التجربة منبر ثقافي لإحياء الإبداع من خلال تكريم سنوي للمساهمات في إحياء فكر محمود درويش شعرًا ونثرًا ورسمًا ومسرحًا، وستضع اللجنة برنامجًا خاصًّا معوِّلين على دعم من وزارتنا ومجتمعنا وفاعلياتنا".

وبعدها كانت كلمة سعادة السفير أشرف دبور فقال: "بدايةً نتقدَّم بالتقدير من راعي الاحتفال وزير الثقافة الدكتور غطّاس خوري ومن الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم ممثَّلةً برئيس مجلس الأمناء الدكتور حاتم علامي ورئيس الجامعة الدكتور علي شعيب. كما نتقدَّم بالشكر من اللَّجنة المشرفة على إطلاق كرسي الشاعر محمود درويش وجميعُهم نخبة من الأفاضل والأوفياء لفلسطين، لسماحة أصحاب المعالي معالي نائب رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني د.زياد أبو عمرو، سعادة النواب، ممثِّلي الأجهزة اللبنانية، الحضور الكريم كل بلقبه واسمه.

في حضرة محمود درويش، الصوت الهادر بالثورة على الظلم والاحتلال للوطن الغالي فلسطين.

غادرنا تاركًا فينا إعلان الاستقلال، وسجِّل أنا عربي، ولا تعتذر عمَّا فعلت، وألق الشعر وشموخ وعزّة شعب فلسطين.

غادرنا ونبرةُ صوتِه لا زالت تصدحُ وتزيدُنَا إصرارًا وثباتًا وصمودًا في وجه مشاريع تصفية القضية، وتمدُّنا بروح التحدِّي والحرِّية.

محمود، كم تليقُ بكَ فلسطين أُمُّ البدايات وأُمُّ النهايات.

كانت تُسمَّى فلسطين وصارت تسمَّى فلسطين.

وكم تليقُ بكَ بيروت خيمتُنا ونجمتُنا، وهي تكرِّمُكَ في العقد الأوَّل على رحيلك.

وتكريمُك اليوم ليس احتفاليًّا وتكريسًا للغياب، بقدر ما هو تخليدٌ للحضورِ وللإرثِ الثقافي والشعري الزاخرِ في مكتبتِنَا العربية.

ولعلَّ تكريمَك الدائم يتجلَّى بحمايةِ الجبهةِ الثقافية التي رفعتَ رايتَهَا في سبيلِ حمايةِ القضيةِ والإنسان.

تلك الجبهة التي حملَتْ مؤلفاتِك، لتخترقَ مناهجَ التعليم العربي وتسهرَ على المتحفِ الذي يحمل اسمَك، والجائزة والكتاب، واليوم الكرسي الجامعي.

هذه المبادرةُ الثقافية باسمِك والتي تُمنَح لأفضلِ إنتاجٍ إبداعي عربي، هي تحيّةُ وفاءٍ لروحك.

وليكن كرسي محمود درويش للأدب والشعر مدخَلاً لتجنيدِ كلِّ طاقات المبدعين بالارتكاز إلى تراثِه ومدرستِه وإبداعِه العظيم، ومحطّةً لتعزيزِ جبهةِ الثقافة في عمقِنا العربي الإسلامي والمسيحي. وليكن اسمُه ملاذَنا وجوهرَ انتمائِنا ومستقبلِنَا.

محمود الثائر من الشعب والشعب في شاعر.

محمود، كنتَ التحوُّلَ وكنتَ التطوَّر وأصبحتَ الرمز.

كنتَ جميعَنا القاسمَ المشترك.

من محمود إلى عهد مسيرة مستمرّة حتى النَّصر

التحية للشهداء والتحية للشعب الذي يُسقِط الصفقات ويقف خلف قيادته صفًّا واحدًا والحُريّة للأسرى والعودة لأصحاب الحقِّ بالأرض لأصحاب القوانين.

وأختمُ عنه: (قلنَا لبيروتَ القصيدةَ كلَّها: بيروتُ قلعتُنَا بيروتُ دمعتُنَا)".

أمَّا كلمة مؤسَّسة محمود درويش فألقاها د.زياد أبو عمرو، جاء فيها: "إنَّ هذا القرار من قِبَل مؤسسة أكاديمية لبنانية له وقع خاصٌّ ومميَّز. فللبنان ولشعبه مكانة خاصة ومتميّزة لدى محمود درويش ولدى الشعب الفلسطيني، ونذكر هنا أنَّ الكثير من المثقَّفين والفنَّانين والمبدعين في لبنان الكرامة والإصرار على الحياة كانوا جزءًا من العلاقة الاستثنائية التي ربطت الشاعر ببيروت، وشهودًا عليها. بيروت التي كتب فيها قصيدة، وشكَّلت إقامته فيها لسنوات مرحلة ذهبية في سياق منجزه الإبداعي، وهو ما أشارت إليه الجامعة في معرض إطلاقها كرسي محمود درويش، وأن يأتي الاحتفال بعد عشر سنوات بالضبط من رحيل محمود درويش لهو تذكير بالمكانة التي استحقَّها الشاعر في فضاء الثقافة العربية والإنسانية، فعلى مدار تجربته ارتاد محمود درويش بالشعر العربي الحديث آفاقًا جديدة وانطلق شاعر فلسطين ومنشد ثورتها وحادي مسيرة شعبها النضالي ليرتقي بالقضية إلى تخوم بكر لم يرتدها أحد من قبل، وارتقى بالذائقة الفنية لقُرَّاء الشعر واستطاع بمغامرته الفنية المدهشة أن يمنح السؤال الفلسطيني بُعدًا إنسانيًّا وكونيًّا فحقَّق شعره اختراقًا في الوعي الإنساني، وأصبح الأوسع انتشارًا على صعيد الترجمات إلى العديد من اللغات".

وأضاف: "إنَّ شعر محمود درويش ما زال وسيبقى يُلهم شعب فلسطين ويواكب نضاله المتواصل من أجل الحُرّيّة والاستقلال وضدَّ الاحتلال وقوانين التمييز العنصري وضدَّ (صفقة العصر)، وما يُمثِّله محمود درويش وإرثه الإبداعي في وعي الأجيال الفلسطينية التي يحفِّزها وهي تواجه بصلابةٍ الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي في القدس وفي كلِّ مكان من أرض فلسطين وهو الذي علَّمنا ويُعلِّمنا أن نحفظ وأن نكتب الحكاية كي تستحق ونرث أرض الحكاية".

وختم قائلاً: "من فلسطين، وطن محمود درويش وغسان كنفاني وإدوارد سعيد ووطن عهد التميمي رسالتنا لكم أنَّنا صامدون. فنحن الفلسطينيون كما قال شاعرنا الجميل الخالد مصابون بأمل لا شفاء منه ولا طريق أمامنا ولا مفر إلَّا أن نُحاصر حصارنا حتى نصير يومًا ما نريده، حين ترتفع راية الحُرّيّة والدولة المستقلة فوق أرض فلسطين، سيدة الأرض، أم البدايات، أم النهايات، فعلى تراب أرضها ما يستحق الحياة".

بدوره ألقى الشاعر شوقي بزيغ كلمةً قال فيها: "لم يكن محمود درويش بحاجة إلى موته لكي ننتبه إليه، ذلك أنَّ الغبار الذي لازمه حيًّا كان يكفي بمفرده لتحريك دفّة الربح وفق ما تشتهي كلماته، ولرفد اللغة الخامدة بما تحتاجه من زئير المجازات، ولكنَّه أراد أن يجيد جسده الفاني عن ملعب المواجهة مع العدم، ليس فقط لكي ينجو الفوارق الضئيلة الفاصلة بين إقامة المبدعين على الأرض وبين العودة إلى باطنها، بل ليضبط ساعة الشعر العظيم على توقيت الخلود، وليفضح بنصّه العاري عجز الموت من هزيمة الشعراء، وحيث مرَّت خلال سنوات رحيله العشر مياه كثيرة من تحت الجسر وحيث دالت الدول وفسد هواء الأماكن وملح الثورات، فإنَّ ما لم يفسد بعد هو صورة العالم في مرايا القصائد وهو روح الشاعر التي لم تزل قادرة على السخرية من إصرار العدالة الزائفة على حماية السكين من الضحايا وحماية القتلة من أغاني المقتولين".

كلمة لجنة كرسي محمود درويش ألقاها أمين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين د.وجيه فانوس: "أن نتكوكب اليوم حول محمود درويش وقد فارقََنا جسدًا قبل سنوات عشر من اليوم لنعلن إنشاء كرسي أكاديمي وطني ثقافي بِاسمه في واحدة من الجامعات الراقية والناهضة بعزم وإصرار ونجاح في لبنان، فهذا يعني في ما يعنيه أنَّ محمود درويش ما انفك وجودًا حيا في مسارات العيش العربي المعاصر، وأنَّه ما برح بشعره وإنسانيته محطّ تطلُّعات أساسي في آفاق الفضاء الثقافي العربي بإبداعاته الأدبية ومهامه الثورية. إنَّ هذا التكوكب حول محمود درويش يؤكد أنَّ محمود درويش ما فتئ يشكل منبع عطاءات فاعلة في رحاب الحياة الأكاديمية، ومنطلق رؤى لا غنى عنها وعن تطويرها والبناء عليها في الساحات الوطنية التي تحمي قضيتنا، القضية الفلسطينية بكلِّ ما تزرعه في النفوس من عوالم الثورة وتميز الوعي الثقافي وجمالية الإبداع الأدبي المنبثق عن الثورة وقد تعانقت مع تميز الوعي الثقافي".

وفي نهاية الاحتفال قدَّمت فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية (الكوفية) لوحةً فنيّةً على وقع كلمات محمود درويش، كما رسم الفنّان التشكيلي برنارد رنو لوحة للشاعر محمود درويش، فيما قدَّمت الفنانة سمر كموج وصلات غنائية من كلمات محمود درويش.

وقدَّمت جامعة (MUBS) دروعًا تكريميّةً لكلٍّ من سفير دولة فلسطين، والفنّان التشكيلي برنارد رنو، والوزير غطّاس خوري، ود.زياد أبو عمرو، والإعلامية لوركا سبيتي.

#شدي_حيلك_يا_بلد

#القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية

#إعلام_حركة_فتح_لبنان