للناطق الحمساوي سامي أبو زهري شغف مريب بالقول المريض، كأنّه لا يرى ذاته إلّا من خلال هذا القول المفتون بصاحبه وبمرضه الذي يقود إلى جنون العظمة ...!! لعلّها متلازمة "النرجسية الخبيثة"، وهي متلازمة نفسية تتألف من مزيج شديد من النرجسية واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، واستعدادها الدائم لرفع مستويات العداء بسبب جنون العظمة الذي تخلفه"، وهذا بالطبع ما يحتاج إلى علاج في مصحات نفسية، للشفاء من هذه المتلازمة الخطيرة.
قد لا يكون أبو زهري مصابا بهذه المتلازمة، والأمر يحتاج الى تشخيص سريري في المحصلة لنعرف ما إذا كان مصابا بها أم لا! لكن لماذا يصر أبو زهري على التمسك بالقول المريض الذي يفبرك ويكذب ويتهم ويشكك دائما في معاداة بالغة لحركة فتح، وأبنائها المناضلين الذين يشكلون الأغلبية الفلسطينية العامرة، وهو يتهمهم بأنهم "يتفاخرون بالعيش تحت بساطير الاحتلال ويتعاونون معه أمنيا"! ليس غير تلك المتلازمة من يفسر أسباب هذه المعاداة، وهذا القول الذي يفتقر إلى أبسط ملامح العافية النفسية والأخلاقية والوطنية ..! فحماة القدس الذين هزموا بوابات الاحتلال الإلكترونية، وأسقطوا إجراءاته التعسفية التي حاولت منع صلاتهم في باحات الأقصى المبارك، والصامدون في الخان الأحمر و شبان المقاومة الشعبية السلمية، الذين يواجهون رصاص الاحتلال بصدورهم العارية، لا بساطير جنوده فحسب، هؤلاء هم من يزعم أبو زهري إنهم يتفاخرون بالعيش تحت بساطير الاحتلال. كلّما غابت التقوى، وتعامت البصيرة، وكلما هيمنت المتلازمة الخبيثة على صاحبها، أصبح القول المريض أشد مرضًا، بهذيان لا يدرك الواقع والحقيقة، ولا يفرق بينهما وبين الوهم والكذب والافتراء!
ولأنَّ التنسيق الأمني بات محترمًا عند حماس، بعد أن أدخل العاروري إلى غزة بضمانات الحماية الإسرائيلية، فلا يأتي على ذكره أبو زهري في قوله المريض كمثلبة ضد حركة فتح، ويستبدله بفبركة جديدة يتهم فيها الفتحاويين بالتعاون الأمني مع الاحتلال!.

لا يستحق هذا الاتهام المفبرك أي رد وأي تعليق، ولكن كيف ستكون "الهدنة طويلة الأمد" التي تلهث حماس وراء تحقيقها مع إسرائيل باتفاق موقع دون تعاون أمني مع الاحتلال ..؟؟ ولماذا تسعى حماس أساسا لتحقيق هذه الهدنة /الصفقة إذا ما كانت لا تعيش "تحت بساطير الاحتلال"؟؟ ولن نقول إنَّها تتفاخر بهذا العيش، لأنَّه ما من فلسطيني سيكون كذلك أبداً ،لكننا سنقول كما قالت وتقول الوقائع إنَّ تفاهمات التهدئة التي توصلت لها حماس غير مرة مع الاحتلال، لم تكن سوى تعاون أمني جعل من مليشيا حماس حراسا على التهدئة، والتي لم تكن تخرق إلا من أجل تحسين شروطها وشروط التعاون الأمني ... !! ولأننا نؤمن أنَّ الدين النصيحة كما جاء في الحديث الشريف، فإنّنا ننصح أبو زهري: من كان بيته من زجاج، فمن الحكمة والتعقل ألا يرمي الناس بالحجارة". يبقى أن نضيف العديد من الناطقين باسم حماس، الى قائمة متلازمة النرجسية الخبيثة لأغراض الفحص السريري، وهم على كثرتهم قلة، بسبب استخدامهم الأكاذيب والاتهامات ذاتها !.

وعلى سبيل المثال لا الحصر تصريح فوري برهوم يوم أمس، الذي يتّهم فيه فتح بالسلوك السلبي (..!!) "الذي يستهدف قطع الطريق أمام إنجاح أي جهود وطنية ومصرية وإقليمية وأممية لتحقيق الوحدة وإنهاء معاناة أهلنا في القطاع وإبقاء غزة تحت القصف والأزمات والحصار"، تصريح برهوم هذا نسخة أخرى من تصريح مشير المصري قبل يومين، وإن كان بعبارات أخرى ولكنه بالأكاذيب والاتهامات ذاتها!.
ولابد من سؤال برهوم هنا: ما هي الجهود الإقليمية والأممية هذه التي تبذل لصالح تحقيق الوحدة، وأي وحدة هذه وبرهوم لا يلحقها بصفة الوطنية؟. ومتى كانت هناك جهود على هذا المستوى الأممي لتحقيق الوحدة الفلسطينية؟.غير أنَّ كلمة السر تكمن هنا في جملة "إنهاء معاناة أهلنا في القطاع" التي انطوى عليها تصريح برهوم والتي تريد بانتهازية بالغة، تبرير مفاوضات حماس على الهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وبرهوم وهو يتذرع بالوحدة، يريد من "فتح" أن توقع مع حركته على صك الهزيمة، باتفاق الهدنة / الصفقة التي لن تمر حتَّى لو قدمت حماس طاعتها كاملة لأصحابها، وعلى برهوم أن يقرأ جيداً ما أعلنه الرئيس أبو مازن وما يعلنه دائمًا: سنهزم صفقة العصر، وسنهزم الانقسام، وستعود غزة والضفة والقدس بلدًا واحدًا. هذا ما يحقق الوحدة الوطنية، وهذا ما ينهي معاناة أهلنا في القطاع المكلوم، ويخرج غزة من تحت القصف والأزمات والحصار، الوضع الذي ما جاء به إلى غزة غير العدوان الإسرائيلي، والانقسام البغيض وسلطته المقيتة معًا وسويًا!.