يعلم قادة حماس قبل غيرهم أنّ المصالحة الوطنية في المقام الأول تعني التحرر من عقدة الاستعلاء والاستكبار والتمييز والتخوين والتكفير، كما تعني التحرر من عقلية الانقلاب والتقلب والسيطرة على السلطة بقوة السلاح.

المصالحة أولا وقبل كل أمر تتطلب امتلاك صاحب الشأن والقرار في حماس فكرا وطنيا، منهجا تحرريا، والارتكاز على مبادئ وأهداف لا يختلف عليها مواطنان فلسطينيان.

المصالحة تتطلب مصداقية وإخلاصاً، وانسجاما واضحا ظاهرا ما بين الشعار والخطاب والفعل والعمل.

المصالحة تعني ثقافة الالتزام بالقانون والنظام، واعتبار الحريات خطا احمر لا يجوز المساس بها.

تعني المصالحة الإيمان بأن الانتماء للوطن والقسم من اجله فقط، الانتصار له والتضحية من اجله جزء لا يتجزأ من عقيدة الإنسان الروحية.

المصالحة تعني الإقرار بالمصير والمستقبل للشعب، وبقيم العدل والمساواة، والاعتراف بأن ألوان طيف الشعب ليست ظاهرة، وإنما الحق والحقيقة على أرض الوطن وفي سمائه.

المصالحة تعني اتفاقا أبديا ما بين الوطن وإنسانه، ما بين الإنسان ووطنه، يتجدد تلقائيا مع كل نبضة قلب، فلا قيد أو حدود زمانية ومكانية على الاتفاق، فالاتفاق مع الوطن، الأرض والشعب كالزمان بلا حدود.

المصالحة تعني الإيمان باستحالة تقسيم الوطن، أو حتى مجرد التفكير بنيل حصة ما أيا كانت سبل الفوز بالحصة، فمن لا يفوز بكل الوطن، ومن لا يفوز الوطن بعقله وروحه وقلبه وثقافته وعمله وفلسفته وأبعاد بصيرته ورؤيته للحياة هو الخاسر أبداً.

المصالحة تعني أن نؤمن جميعنا أن الوطن منتصر دائما، متقدم بلا حدود، لا يخسر، ولا ينهزم، ولا ينكسر، وان المنكسر، المهزوم، الخاسر هو ذلك الذي اعتبر الوطن مجرد غنيمة، يسعى للحصول عليها بأي ثمن حتى ولو كان الثمن خطيئة بحق الوطن.

المصالحة لو أدرك قادة حماس أنها تعني الوفاء للاتفاقات والتعهدات، لمكنت (حكومة التوافق) من مهامها ألفها إلى يائها في قطاع غزة بدون استثناء، وتوفير سبل الدعم لها وهي تأخذ مسارها في تطبيق القانون والنظام.

المصالحة الوطنية تعني عمل المستحيل لتعزيز الوحدة الوطنية، ورفع أعمدة البناء الوطني، والإدراك بأن انهيار ركائز وأساسات المجتمعات والدول تبدأ بالانهيار في لحظة إعلاء المصالح الشخصية، وتبني عقلية الاستغلال والانتهازية، والتكسب على عرق ودماء الآخرين، وتوظيف تضحياتهم واستثمارها في بنك (الأنا الفردية) أو (أنا الجماعة) أو (الأنا الحزبية).

المصالحة الوطنية تعني الالتزام ببرنامج سياسي مقرر لتحقيق أهداف مرحلية، وصولا لتحقيق ثوابت وطنية اجمع عليها الشعب وباتت كمنارة تهدي الوطنيين المؤمنين حقا بتحقيقها وتجسيدها حتى لو كانت حياتهم ثمنا لذلك.