في أحد منابر الجمعة، ثمة خطيب تقي قال "إن قول الحق، والتخلص من الكذب والنفاق، هو طريق المجتمع نحو التقدم". ولعلنا نضيف هنا أن قول الحق بالنسبة لنا كي تبقى مسيرة شعبنا النضالية في مساراتها الصحيحة والفاعلة، هو أيضا طريقنا نحو الأمن والسلامة، ونحو تعزيز عافية الروح حتى لا تصاب بأي من أمراض اليأس والإحباط، ولا أي من أمراض الوهم والأكاذيب القاتلة، ونعرف أن قول الحق مكلف دائما، لكنه في المحصلة هو ما ينفع الناس، وأما الزبد فيذهب جفاء.
والآن قول الحق يفرض هذا السؤال: إلى متى تظل خديعة الشعار الثورجي ممكنة، خاصة هذا الشعار الذي باتت حركة حماس تطنطن به ليل نهار، والذي يزعم معادلة لا صواب فيها ولا واقعية لها "معادلة القصف بالقصف" وكأن ترسانتين حربيتين متساويتين تتصارعان، ولهما ذات القوة والفاعلية...!!! هذا ما يريده الاحتلال الإسرائيلي دون شك، من حيث انه يعطي ذريعته عن "الدفاع عن النفس" مساحة أوسع في أعلامه وخطابه السياسي، فتصبح ذريعته معقولة ومقبولة أكثر مما هي الآن مقبولة في الإعلام الأميركي تحديدا ..!!
وتعالوا نقرأ معادلة حماس على ارض الواقع: القصف الإسرائيلي العدواني يتوحش دائما مع كل تصعيد ليوقع المزيد من الضحايا بين صفوف المدنيين من أبناء شعبنا في قطاع غزة المكلوم، ومن مختلف الأجناس والأعمار، أطفالا وفتيانا وشبابا ونساء وشيوخا، (أمير النمرة ولؤي كحيل احدث طفلين شهيدين، شاهدان على توحش القصف الإسرائيلي) فيما القصف الحمساوي يمكن وصفه ببساطة وبلا تردد بالقصف الرحيم، الذي لا يوقع أية خسائر تذكر في الجانب الإسرائيلي، لا في الأرواح ولا في الممتلكات ...!! وعلى هذا لا يمكن فهم أو قبول أو تصديق هذه المعادلة "القصف بالقصف" لكن حماس على ما يبدو، تريد من هذه الجملة أن تكون كافية بحد ذاتها ...!! غير انه وراء الأكمة دائما ما وراءها، إذ لا تقود هذه المعادلة الوهمية في كل مرة وسريعا إلى غير مفاوضات "التهدئة " كمثل تمرين عملي على توسيع وتكريس المفاوضات الأشمل، بشأن "الهدنة طويلة الأمد"، لقاء تحسين التعامل الإسرائيلي بالرعاية الأميركية مع قطاع غزة، تحت ذرائع حل "الأزمة الإنسانية" التي يعاني منها القطاع، المفاوضات التي كشف عن تواصلها قبل قليل السفير القطري محمد العمادي الذي قال بلا مواربة: "حماس لا تريد الحرب مع إسرائيل وإنها تبحث الآن عن السلام ...!!".
حماس تبحث عن "السلام" إذن، لكنه بالطبع ليس السلام الذي تريده فلسطين المشروع الوطني التحرري، مشروع الاستقلال والسيادة، مشروع الحق والعدل والكرامة ...!! حماس تبحث في الوهم، ولا تبحث في الواقع فلا تبحث عن المصالحة الوطنية، بل وتواصل التهرب من استحقاقاتها ودروبها ...!! تمتثل لجهود الوسطاء سريعا من اجل التهدئة، ولا تمتثل لكل ما دار من حوارات في السنوات العشر الماضية من اجل تحقيق المصالحة، وإنهاء الانقسام البغيض، تعمل في الفرقة والتشرذم، ولا تعمل من اجل الوحدة الوطنية ..!!
دم غزة ينزف كل يوم جراء توحش القصف الإسرائيلي، والرد الحمساوي معادلة لا معنى لها ولا حقيقة، سوى القصف العدواني الإسرائيلي، الذي لا قصف حتى الآن يردعه، فإلى متى خديعة هذه المعادلة، إلى متى تظل هذه الخديعة ممكنة ..؟؟