في شوارعنا الحالمة بالحياة تلمس الحقيقة في كل شيء، وبأبسط أدوات التشخيص يمكنك أن تسجل أمراضاً شتى قد اخترقت الجسد الذي يأن من الفيروس المدمر، هكذا يمكننا أن نسترجع ذكريات لم نعشها وحقائق لطالما استنكرنا حدوثها وبل أننا زعمنا أن جيلنا هو الأقوى ولو عاد الزمن للوراء لما حدث ما حدث، ولما استطاعت العصابات الصهيونية والاستعمار البريطاني والفرنسي أن يسرق منا مترا واحدا أو أن يزيل قرية أو أن يشرد جماعة، فهل هذه هي الحقيقة أم أن هناك حقائق أخرى.

بداية علينا أن ندخل في تركيبة المجتمع آنذاك ونتساءل، هل كان موحدا، هل كان فيروس الانقسام يتغلغل فيه ويفتك بداخله، والجواب نعم، كانت هناك أحزاب متباينة في الفكر والأدوات وبعضها كان بناءه طبقيا أو اقتصاديا أو عشائريا أو مناطقيًا وكان هناك صراعات نفوذ وقوى، في الوقت الذي كان الجميع يرزح تحت الاحتلال البريطاني، وهجمات الإجرام الصهيوني، فكانت نكبة 1948 نتيجة للتناحر المجتمعي والضعف العربي الشامل، ومارست عصابات الصهاينة بمساندة قوى الانتداب البريطاني واستكمالا للمؤامرات الكبرى ضد الوطن العربي عامة وفلسطين خاصة، عملياتها الإجرامية ومجازرها الرهيب، حيث تم حرق مئات القرى وتشريد ساكنيها واحتلال جزء كبير من الساحل الفلسطيني وفتح أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها من كل مكان نحو فلسطين، فبدأ التاريخ يسجل فظاعة النتيجة وبل يترك لنا درسا في أن الانقسام والتناحر الداخلي هو المدخل الرئيس لتنفيذ المؤامرة وتفريغ الأرض من ساكنيها الأصليين.

اليوم وبعد 70 عامًا، نجد وبوضوح أنَّ الانقسام وتداعياته قد صنع عوامل ضعف داخليّة، تتشابه تماما مع تلك العوامل التي سبقت النكبة، فهل يمكن أن تمر الخطة الأمريكية ومؤامرات ترامب واللوبي الصهيوني، من بوابة انقسامنا وضعفنا الداخلي والانقسام العربي واستنزاف الطاقات والموارد العربية، أم نستفيد من الماضي المؤلم ونعالج ما يمكن علاجه قبل فوات الأوان.؟!