منذ أن انقلبت حماس على الشرعية الفلسطينية، وقامت بجريمة الانقسام الأسود في الرابع عشر من حزيران عام 2007، بعد اتفاق مكة المكرمة بأيام قليلة، انخرطت الشرعية الفلسطينية بقيادة الرئيس أبو مازن بمحاولات عديدة وجادة لمداواة هذا الجرح القائم، وردم هذه الهوة العميقة في حياة شعبنا الفلسطيني ونضاله العظيم.
وكان السؤال الرئيس الذي يتردد على مدى هذه السنوات، هل حماس تريد المصالحة فعلا ؟ وعلى افتراض إنها تريد المصالحة، فهل هي صاحبة القرار أم إنها أداة في يد جسم اكبر وهو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين المتجسد في دول وتنظيمات تحمل أسماء عديدة؟
بالنسبة للإطار النظري للمصالحة، فانه إطار واضح وبسيط ويسهل الاتفاق عليه، وهذا ما حدث فعلا في يوم الرابع من مايو 2011 في القاهرة حين وافقت حماس على اتفاق المصالحة، ولكن الكل الوطني الفلسطيني فوجئ بان حماس بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق ظهرت وكأنها أكثر رهانا على الانقسام والوصول به الى مرحلة الانفصال الكامل، مع أن التحذيرات من هذا النهج كانت واضحة وعالية الصوت بان نهج الانقسام والانفصال هو رهان خاطئ ،وانه يضر بمصلحة الشعب الفلسطيني، وانه ليس أكثر من اختطاف قطاع غزة المكان الضيق المزدحم المحاصر، واتخاذه رهينة، وان هذه الرهينة معرضة للموت هي في يد الخاطف الذي لن يجد من يكافئه على ذلك، وفعلا مرت ثلاث حروب ضد قطاع غزة لم يكن لها شبه مبرر، وحدث دمار كبير على مستوى البنية التحتية، وعلى مستوى عناصر الحياة الرئيسية مثل الماء والكهرباء ومحطات الصرف الصحي، ومؤسسات الصحة والتعليم، بالإضافة للخسائر البشرية، وانتهاكات في النسيج الاجتماعي، لكن الضحية لا تزال بين يدي الخاطف، وهذا الخاطف وهو حماس لا يجد ما يذكر الناس بوجوده سرى مضاعفة تعذيبه للضحية وذبحها بالمجان وتزداد الأناشيد الزائفة.
الآن، وقد وصلنا إلى هذا الطور الأعلى والأخطر في نضالنا الوطني، وقد تشكل في مواجهتنا الحلف القديم الذي ازداد شراسة وجنونا تمثلا بترمب ونتنياهو الذي أضيف إلى عدائهم لنا عامل إضافي
سلوكهما الشاذ ضد القضية، وانتقال أميركا من موقع الوسيط إلى موقع العدو، ووصول نتنياهو إلى حبل المشنقة نتيجة فساده الذي أصبح أكثر انفضاحا وليس في يده ما يسكت ذئاب اليمين الإسرائيلي سوى إعطائهم حياة الشعب الفلسطيني كاملة، عبر القدس التي قدمها له ترمب هدية، وضم الضفة الغربية على قاعدة الابارتهايد وليس على قاعدة المساواة، وتجاوز كل الخطوط الحمراء بمضاعفة الحديث المتكرر عن حلف إسرائيلي عربي، فان سلوك حماس يزداد انفضاحا، بأنها تقف نهائيا خارج السرب، أي خارج مصلحة الشعب، وهذا أقصى ما تذهب إليه الخيانة، فأنني أخاف من الانفجار الشامل ضد حماس، إنها تتعدى كل ما ذهب إليه الخونة في عهود الاستعمار، بعضهم رحل مع جيش الاحتلال عندما رحل من الأرض التي كان يحتلها، وبعضهم صار جزءا من نسيج الاحتلال بعد أن فقد دوره مثلما حصل مع سعد حداد وجيش لبنان الجنوبي، أما حماس فتذهب إلى الأخطر، فباستمرارها بالانقسام، وباستمرار سيطرتها على القطاع كرهينة، فإنها لا تستهدف سوى إلحاق الأذى بشعبنا، فهل هناك مجال لان نعدم إطاراتنا الوطنية، ونحكم عليها بالموت استرضاء لحماس أم نخرجها من نسيجنا نهائيا ؟؟ هذا السؤال جوابه الأول أن نعقد مجلسنا الوطني في الشهر القادم، وان نمضى قدما دون خوف.