قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في اجتماعها يوم الأربعاء الماضي الموافق 7 من آذار/ مارس عقد المجلس الوطني في ال30 من نيسان/ إبريل القادم، وحسمت بذلك الجدل الدائر حول عدد من المسائل اللوجستية والفنية المتعلقة بالدورة الجديدة للمجلس الوطني، منها أولا حسمت موعد وتاريخ انعقاد الدورة؛ ثانيا مكان إنعقاد المجلس، مدينة رام الله، وعلى أرض الوطن؛ ثالثا طبيعة ومقومات الدورة، بتعبير آخر، ستعقد الدورة بذات التركيبة القائمة، وليس بتركيبة جديدة؛ رابعا دورة عادية، لا دورة طارئة؛ خامسا التنفيذ الفعلي لأحد أهم قرارات المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين 27 و28؛ سادسا تم تكليف رئاسة المجلس الوطني واللجنة التحضيرية للشروع فورا بالإعداد لعقد الدورة بما يستجيب للمصالح الوطنية العليا.
لم يكن ممكنا مواصلة انتهاج سياسة الانتظار والمراوحة وإرضاء كل القوى السياسية، لاسيما وان بعضها يناور لتعطيل عقد أي دورة للمجلس الوطني، وإفراغ الهيئات المركزية خصوصا والمجلس الوطني والمنظمة عموما من مكانتها ودورها الريادي والمرجعي الوطني، ليخلو لها الجو للعبث في الساحة الوطنية. كما أن تحديد الموعد وقوام وتركيبة الدورة القادمة لا يسقط أو يلغي الجهود المثابرة مع كل القوى السياسية لحثها للانخراط في بوتقة منظمة التحرير وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وجميع القوى المعنية بتفعيل وتعزيز دور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة "فتح" معنية وحريصة على مشاركة كل القوى السياسية دون استثناء لتعزيز المكانة الفلسطينية في مواجهة التحديات الأميركية والإسرائيلية وحلفائهم في المنطقة والإقليم.
وتتمثل أهمية انعقاد المجلس الوطني راهنا في الآتي: أولا تجديد الهيئات القيادية كلها في المنظمة. وأمست حاجة ماسة بعد التآكل في قوام القيادة اليومية (اللجنة التنفيذية)، ولم يعد ممكنا مواصلة العمل بمركبات اللجنة القائمة؛ ثانيا اشتقاق برنامج سياسي جديد يستجيب لمتطلبات الكفاح الوطني التحرري في اللحظة الراهنة والمستقبل المنظور والوسيط. وهو ما يدعو للتنبيه مجددا الهيئات القيادية وأعضاء المجلس الوطني القادم لفتح القوس أمام التحولات السياسية والكفاحية الدراماتيكية على وسعها، وتجاوز سياسة حف الأقدام على مقاسات الحلول المطروحة؛ ثالثا إعادة الاعتبار لمكانة وشخصية منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وقائدة نضاله التحرري من خلال إصلاح وتجديد هيئاتها ودوائرها القيادية على المستويين الشخصي والفني؛ رابعا إعادة النظر بقوام ومركبات المجلس الوطني وفق المقترح المعد من اللجنة التحضيرية، والتعامل مع أية اقتراحات تنظيمية جديدة تعزز من دور ومكانة المجلس الوطني. ولعلها فرصة راهنا التفكير باعتماد المجلس الوطني الأداة التشريعية الوحيدة في فلسطين، لاسيما وأنه المنبر الوطني الأهم، لا سيما وان التجربة أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن وجود أداتين تشريعيتين: المجلس التشريعي والمجلس الوطني، رغم الفصل بينهما، إلا انه خلق ازدواجية في المعايير والمفاهيم والمهام، وشكل عبئا على المؤسسات الوطنية، وأضعف من دور المجلس الوطني، ودور ومكانة المنظمة كممثل شرعي ووحيد، وأعتقد إنها فرصة مؤاتية لإلغاء هذه الازدواجية القائمة، خاصة وان قوام المجلس سيتم اختزاله إلى أكثر من نصف قوامه الحالي، وبالتالي يتم البحث عن إيجاد آلية عمل ليتمكن المجلس من قيادة عملية التشريع لكل مؤسسات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ارتباطا بالواقع الفلسطيني القائم.
عقد المجلس الوطني بات أكثر من حاجة وضرورة وطنية، وتحديد موعده وطبيعة الدورة لا يسقط حق أي قوة سياسية تريد المشاركة والعمل بروح الفريق الوطني الواحد، الباب مفتوح ويتسع لكل القوى دون استثناء، وعلى كل القوى المعنية بالنهوض بمكانة القضية والشعب والمرجعيات القيادية وخاصة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير أن يعمل بجد ومن موقعه الشخصي والتنظيمي والسياسي والقطاعي والجغرافي على إنجاح عقد الدورة القادمة للمجلس الوطني.