الاحتلال يعتبر نفسه فوق القانون الدولي والإنساني، فمنذ أن اعترفت الأمم المتحدة، بقيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين التاريخية، حينما أصدرت الجمعية العمومية قرارها رقم 273 بتاريخ 11 مايو 1949م، بقبول عضوية الاحتلال (إسرائيل) بناءً على إعلان كيان الاحتلال بأنها "تقبل بدون تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد بتطبيقها من اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة"، وبأنها تتعهد بتطبيق قرارات الجمعية الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 (قرار تقسيم فلسطين)؛ حيثُ أن هذا الكيان الاحتلالي المسخ ماضٍ ومتواصل في ارتكاب مجازر حرب ضد الإنسانية؛ ضارباً بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية واتفاقية جنيف الرابع؛ وكذلك لم يكترث الاحتلال بقرارات الأمم المتحدة، ولم يُعير اهتمامًا حتى لمحكمة الجنائية الدولية والتي اعتمدت من قبل جميع الدول الأطراف الموقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك خلال الفترة من 3 إلى 10 أيلول/سبتمبر 2002م، والتي جرمت أي اعتداء على حقوق السكان، واعتبرت الاعتداء على كرامتهِ الانسانية يرقي لجرائم الحرب. الاحتلال انسحب صورياً من قطاع غزة عام 2005م، فيما لا يزال منذ ذلك الوقت يُحاصر غزة ويتحكم في كل شيئ وإن كان عن بعد، حيث يتحكم بغالبية معابر قطاع غزة براً، ويتحكم بالقطاع جواً من خلال طائراته الحربية وطائرات الاستطلاع الخ، وكذلك يتحكم الاحتلال بحراً من خلال السُفن الحربية؛ وازداد هذا الحصار الاحتلالي على سكان القطاع، إذلالاً لسكانهُ المُحاصرين من كل الاتجاهات، بصورة غير انسانية، وغير قانونية، هذا الحصار مستمر منذُ أكثر من عشر سنوات تقريباً ، وبلغ ذروتهُ في هذا العام 2017م، ليرتقي الحصار لدرجة جريمة حرب من الاحتلال الاسرائيلي المجرم، لأنهُ عقاب جماعي لسكان القطاع من الدرجة الأولى؛ وقد اقرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بعدم شرعية وقانونية هذا الحصار؛ وأن تخفيف الحصار أو رفعه جزئياً لا يعني شيئاً؛ لأن هذا الحصار الصهيوني المجرم الارهابي لغزة قضى على جميع مقومات الحياة، فقد هدم قطاع الكهرباء، والصناعة، والزراعة، والتنمية، والتعليم، والصحة؛ وعرضّ سكان القطاع العُزل المدنيين لكارثة انسانية بكل ما تحمله الكلمة من مضامين؛ وهذا الحصار للسكان في غزة بحد ذاته يُعد جريمة، ضد الانسانية يعاقب عليها القانون الدولي وكذلك محكمة الجنايات الدولية؛ حيث أدى الحصار لنقص 220 صنفاً تقريباً من الأدوية ، كما حرم سكان القطاع من السفر، والعلاج والدراسة، فلا يوجد حرية تنقل لا للأفراد ولا للبضائع؛ ناهيك عن الحروب والعدوان لثلاثة مرات شن الاحتلال عدواناً مدمراً على قطاع غزة أزهقت ألوف مؤلفة من الشهداء والجرحى والثكلى والأرامل، كما دمرت البينة التحتية للقطاع، ومنعت دخول الاسمنت لإعادة إعمار غزة الذي دمرته طائرات الاحتلال الفاشي النازي الصهيوني، إلا من خلال ألية معقدة ومذلة للسكان؛ وكل هذا يعتبر بمثابة جرائم حرب ضد الانسانية، من خلال الحصار الجائر الظالم على القطاع والموجه بشكل أساسي ضد السكان المدنيين العزل في غزة والذين اكتووا بنارين نار الاحتلال المستمرة عليهم ونار الانقسام الفلسطيني؛ حتى أن المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان مثل منظمة (هيومن رايتس ووتش)، ومنظمة العفو الدولية وحتى بعض المنظمات الإنسانية في كيان الاحتلال مثل (بتسليم)، كلهم اعتبروا حصار غزة جريمة حرب يرتكبها الاحتلال بحق سكان القطاع المدنيين، كما أن اتفاقية جنيف الرابعة، توضح أن أي حصار على السكان من قبل الاحتلال الأجنبي يُعد بمثابة جريمة حرب؛؛ ودولة الاحتلال العسكري الصهيوني، هي التي أعلنت الحصار وفرضتهُ، وهي التي تمارسه، وترتكب هذه الجريمة البشعة غير الإنسانية، بحق سكان قطاع غزة، وهي المسؤولة أولاً وأخيراً عن معاناة الشعب الفلسطيني، وعن حصاره؛ حسب نص المادة (147)، من اتفاقية جينيف على أن هذه الأفعال كالحصار تعتبر جرائم حرب، عندما ترتكب في أوقات الحرب، في حين أن الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن تُعرف على أنها الاضطهاد المتعمد للمدنيين على أساس عدد من العوامل مثل العرق أو المعتقدات السياسية أو الثقافة أو الدين؛ وإن الجرائم ضد الإنسانية والتي غالباً ما ترتكب من قبل المسؤولين الحكوميين، تشمل عادةً أعمال العنف الجنسي و الإبادة والسجن واستعباد البشر وحصارهم، وهذا يعتبر وصمة عار على جبين العالم الصامت اليوم على الظلم والحصار، ويقف مع الأمم المتحدة متفرجاً!؛ لأن الحصار يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، وهذا يعتبر أكبر بكثير من تلك الجرائم المتعلقة بجرائم الحرب؛ لأن تلك الجرائم كالحصار يرقي لدرجة الجرائم ضد الإنسانية لأنه يكتوي بنارهِ السكان في غزة؛ ومن يرتكب هذا الحصار من زعماء عصابة كيان الاحتلال سواء من يصدر التعليمات بالحصار وصولاً إلى المحرضين، وإلى المقترفين المنفذين للحصار بشكل مباشر، كلهم يدخلون ضمن من يرتكب جرائم الحرب ومطلوبون للعدالة ويجب جرهم للمحاكمة بمحكمة الجنيات الدولية، لأن الحصار سبب الدمار لمستقبل جيل بأكمله فمن الشباب الغزي من أذمن المخدرات ومنهم من سافر من خلال بعض الأنفاق وحارب في صفوف الجماعات التكفيرية أو داعش بسبب الحصار على قطاع غزة وانسداد الأفق، وبالأمس فجر أحد التكفيرين في رفح نفسه بمجموعة من كتائب القسام، وكل هذا مع الحصار وانعدام الأمل، فسُكان غزة أنهكهم الحصار والمرض، ومنهم من حاول الهجرة عبر البحر فغرقوا في البحر وماتوا بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي المُجرم؛ كل هذا التضييق على سكان القطاع من قبل الاحتلال سعياً منهم لتفريغ غزة من سكانها والهجرة نحو سيناء، وكانت من قبل أمنياتهم أن يبتلع البحر غزة، والحصار يهدف للوصول لمرحلة الترانسفير للهجرة الجماعية خاصة الشباب للهروب من الحصار بشكل مبرمج ومخطط بهدف (تطهير) فلسطين من سكانها العرب؛ ولقد واكبت عملية الحصار لقطاع غزة وأهل القدس حملات مكثفة من الحصار والعنف والإرهاب والمجازر، في الوقت الذي تقف فيه الأمم المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية والإسلامية والعالم صامتةً لما يحدث في فلسطين عموماً من تغول الاستيطان الاحتلالي، ومن الحصار غير الانساني على السكان بغزة خصوصاً من حصار وألام!؛ لأن مصالح بعض تلك الدول الإمبريالية الكبرى تفرض نفسها في كثير من الحالات بشكل يعلو على الفهم العالمي لتطبيق القانون الدولي، فتعود هذه الدول إلى استعمال المعايير المزدوجة من حين إلى آخر لتفضيل مصلحتها على كل مواثيق حقوق الإنسان، وكل القوانين الدولية والإنسانية، متناسيةً ومتجاهلة القانون الذي وضعوه هم أنفسهم والذي تنص المادة السابعة على (1) (ك) فيهِ على أن " الأفعال الغير إنسانية الأخرى كالحصار تشكل جريمة ضد الإنسانية، كما تنص نفس المادة وتوضح بأنهُ يلحق مرتكب الجريمة أي معاناة شديدة أو ضررا بالغا يسُببها لخصمهِ سواء بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية لارتكابه فعلا لا إنسانيا؛ بشرط أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الواقعية التي تثبت طبيعة فعلهِ ضد سكان مدنيين؛ أو أن يعامل مرتكب الجريمة شخصا أو أكثر من شخص معاملة مهينة، أو يحط من كرامتهم، أو يعتدي على كرامتهم بأي صورة أخرى تصل حدة المعاملة المهينة أو الحط من الكرامة أو غير ذلك من الاعتداءات إلى الحد الذي تعتبر معه عموما من قبيل الاعتداء على الكرامة الشخصية؛ أو أن يلحق مرتكب الجريمة ألما شديدا أو معاناة شديدة، سواء بدنياً أو نفسيًا، بشخص أو أكثر، وبالطبع كل ما سبق موجود بشدة في غزة، من خلال حصار الاحتلال المستمر على غزة لدرجة أنه أصبح غير قابل للحياة الانسانية حسب تقرير بعض منظمات حقوق الانسان الدولية؛ حيث وصل انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة ما يقارب 20 ساعة يومياً، وأربع ساعات وصل فقط للكهرباء، مما فاقم من المعاناة لأهل القطاع لدرجة وصلت لبعض الشباب للانتحار، وغيرهم للهرب للقتال مع داعش في سوريا، والعراق، ووصلت البطالة لحد غير مسبوق تجاوز حد 75%، خاصة بين الخريجين، وفقر مدقع وأمراض مزمنة ورعاية صحية أصبحت مشلولة بسبب الحصار، وتعليم أصبح ضعيفاً منهكاً بسبب انقطاع الرواتب واستمرار قطع الكهرباء والتلوث في المياه؛ كل ما سبق نتج عنه الشعور بالقهر في نفسية الانسان المواطن الغزي، ولا نبرأ أيضاً الانقسام الذي يخشى الجميع أن يتحول لانفصال بسبب المناكفات السياسية بين فتح وحماس، والصراع المتواصل على السلطة وظهور تيارات وأفكار لجماعات إسلامية متشددة كثيراً ما تغرد خارج السرب الوطني، بسبب اعتبارات أيدولوجية، وإقليمية، ومع تواصل تغول الاستيطان والمغتصبين الصهاينة وانغلاق الأفق في المفاوضات التي وصلت لطريق مسدود، وبات الشعب بحالة مأساوية يبحث عن المساعدات الاغاثية من وكالة الغوث وغيرها لعدم وجود فُرص عمل، ومع استمرار حماس ولجنتها الإدارية بحكم قطاع غزة، وفرضها ضرائب جديدة على كل البضائع، مما زاد من معاناة المواطن الغزي، وزاد الوضع سوءاً، فأصبحنا نرى عائلات تتسول وشباب في عز شبابهم يبحثون عن مساعدات، أو العمل في البطالة إن توفر لهم ذلك!؛ ، وترى أطفال وشباب ونساء يتسولون عند أبواب المساجد وعند الإشارات الضوئية في غزة، وفي الشوارع!!؛ لقد تغير الوضع للشعب الفلسطيني خاصة في غزة، بسبب الحصار والفقر والانقسام، البعض بسبب الحصار تحول من مناضلين وفدائيين إلى باحثين عن لقمة العيش مساعدة إنسانية إغاثية، وهم معذورون في ذلك؛ وأُهدرت طاقات البشرية خاصة للشباب، وهم في موقف ووقت لا يحسدون عليه بسبب استمرار الحصار وانغلاق الأفق وعدم وضوح الرؤية وتهديد الاحتلال بشن حرب جديدة على قطاع غزة، واستمرار المناكفات؛ كل ما سبق يدق ناقوس الخطر أما الجميع بأنهُ إما رفع الحصار أو الانفجار في وجه الجميع!؛ ولا يحلم الاحتلال والأمم المتحدة وأوروبا، والعرب، وأمريكا بأن الانفجار لن يصلهم بل إن الفكر التكفيري الذي بدا يزداد وينتشر بين شباب قطاع غزة المحاصرة سينتقل كعدوى الكوليرا ليصيب الجميع، فالصمت من قبل العالم كله على الحصار الاسرائيلي لغزة هو مشاركة دولية في الجريمة ضد الانسانية، ولا ننسى أن سجن جوانتانامو الذي أقامته أمريكا وألبست المعتقلين العرب الزي البرتقالي وعذبتهم، وغزو واحتلال العراق، والتدخل في سوريا وتدميرها كل ما سبق أدى بخروج فكر تكفيري داعشي أمريكا والاحتلال هُم من أنشأهُ وتسببت به ثم تقول أنه تحاربه، وحصار غزة سيخرج جيل يريد الانتقام من الكل، فعليكم أن تتداركوا الموقف قبل أن يتم خرق السفينة العالمية لتغرق بجميع ركابها؛ انقذوا فلسطين ومقدساتها وغزة قبل فوات الأوان من خلال إنهاء الاحتلال وانهاء الحصار أيها العالم الذي تدعي حقوقاً للإنسان والحيوان وتعمل العكس مع شعب فلسطين.