الموسيقى لغة تفسر نفسها بنفسها، تحكي حكاية يستطيع سامعها، حتى وإن لم يكن موسيقيا، أن يفهم ما ترمي إليه من معان، وتُمكّن سامعها في نفس الوقت من فهم مكنونات اللحظة التي عاشها كاتب المقطوعة الموسيقية، مع قليل من الشرح الموجز عن المقطوعة، وربما تكفي معرفة اسم المقطوعة لتشكيل صورة كاملة عنها.بهذه الكلمات أوجز الموسيقي أحمد الخطيب، إجابته على سؤال عن واحدة من مقطوعاته التي قدمها لجمهوره؛ في عرضه الموسيقي "سبيل"، في قاعة متحف محمود درويش في مدينة رام الله، قدم الخطيب ومعه يوسف حبيش، المعروفان بثنائي 'سبيل'، ومعهما العازف الفرنسي هوبرت دوبونت، الذي قدم من فرنسا خصيصا ليشاركهما عرضهما متطوعا، سيلا من الموسيقى الشرقية، المستوحاة من واقعهم، وقصص حقيقية مروا بها، ومن مشاعرهم وأرواحهم.

اصطحب الثلاثي جمهوره في رحلة بحرية عبر مقطوعة مراكب، قطع بحارا من الألحان والأنغام، المستوحاة من التراث الصوفي، تماوج الجمهور طربا منها، قبل أن يبدأ عتابا بمقطوعة كلمة عتب، التي تجسد نكبته الخاصة، رغم أنه ابن النكبة الفلسطينية الكبرى، نكبته بخروجه مضطرا من رام الله عام 2002، بسبب إجراءات الاحتلال، بعد أربع سنوات على قراره العودة إلى الوطن والاستقرار فيه، نطقت كلمة عتب نغما أقل ما يقال فيه إنه موجع.

وارتد صدى اجتياح قوات الاحتلال الضفة الغربية عام 2002، لحنا بمقطوعة صدى التي يخلد فيها الخطيب ذكرى ذلك الاجتياح، وحبسه ورفيقه حبيش عنوة في منزله، المطل على مدينة رام الله، والدبابات تجوب الشوارع، وهي المقطوعة ذاتها التي حمل الألبوم الأول للخطيب اسمها.

ثم جاء الدور على فلوتيلا، وقصتها تخليد لذلك المركب السويدي الذي انطلق تضامنا مع ألفلسطينيين كون الخطيب يعيش في السويد منذ خروجه عنوة من رام الله، تلتها مقطوعة فانتازيا شهناز ومن بعدها مقطوعة عرس بإيقاع فلسطيني خالص، دمج خلاله الخطيب مقامي الرست والبيات وأسماهما رست بايت.

وفي مقطوعته غربة، التي وضعها بعد خروجه من رام الله، نقل لجمهوره صورة ذلك الخروج، قبل أن يختم بمقطوعة من القدس إلى بغداد، قصتها لا شيء، هذه عواطف، وأنا متأثر بالموسيقى العراقية، ولد الخطيب في الأردن عام 1974 لعائلة فلسطينية لاجئة من بيسان، تخرج في جامعة اليرموك بعد دراسة الموسيقى، وانتقل للعيش في مدينة رام الله عام 1997، قبل أن يتركها مجبرا، ويستقر في السويد، وشكل الخطيب مع حبيش، ابن الجليل، وعازف الإيقاع، ثنائي سبيل.