بالطبع تخشى حركة حماس من أية مساهمة شعبية في غزة للإطاحة بالانقسام البغيض، وهي الدعوة التي وجهها حامل ملف المصالحة الوطنية عزام الأحمد، على قاعدة أن يتحمل الكل الفلسطيني الفصائلي والشعبي مسؤولياته لتقويض سلطة الانقسام التي ما زالت تختطف القطاع المكلوم بقوة السلاح، ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، فإن أهلنا في غزة أدرى بما فعلته وتفعله سلطة الانقسام بحياتهم اليومية وقد أحالتها إلى عذابات وأزمات متصلة وتضور لأبسط مقومات العيش الكريم، فلا بد أن يكون لهم الموقف والحراك الشعبي الواسع للإطاحة بالانقسام مرة والى الأبد.
انه الرعب من موقف الجماهير إذا ما تجلى في حراك متواصل ضد سلطة الانقسام، وما يدل على هذا الرعب الذي تشعر به حماس جراء هذه الدعوة، ردة فعلها على لسان عضو مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق، إذ هي ردة فعل هستيرية تمامًا، وبلغة الحمى وهذيانها، والتي تطابقت على نحو فاضح مع لغة الموقع الإعلامي الإلكتروني المسمى "أمد" موقع الخارجين عن الصف الوطني ..!! في هذا الموقع اعتبروا دعوة الأحمد تفعيل كل الطاقات الشعبية لتقويض سلطة الانقسام البغيض بأنها دعوة للحرب الأهلية (...!!) وأبو مرزوق قال ذلك بعبارة أخرى وهو يصف الدعوة بان السلطة الوطنية تريد العودة إلى غزة على ظهر دبابة إسرائيلية ...!! ومجنون يحكي وعاقل يسمع، ما من تحليل سياسي بأي منهج كان لا يرى بأن سلطة الانقسام في قطاع غزة المكلوم محكوم بقاؤها بالعامل الإسرائيلي، كعامل حماية على هذا النحو أو ذاك، باتفاق مباشر أو بغير اتفاق، وقبل ذلك فإن الرؤية الموضوعية لطلما أدركت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية "شارون" عام 2005 هو أول من مهد لانقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية، بانسحابه أحادي الجانب من قطاع غزة، بل أن شارون بهذا الانسحاب الأحادي الذي أجهض به عملية السلام التي كانت ممكنة في حينها، هو فعليا من خطط للانقلاب الحمساوي بإخلائه الساحة لمليشيا حماس، وهذا يعني في المحصلة أن سلطة الانقسام هي التي جاءت على ظهر دبابة إسرائيلية مازالت تشكل حماية لهذه السلطة، بحكم أن الانسحاب الأحادي لم يكن غير إعادة انتشار لقوات الاحتلال في محيط قطاع غزة المكلوم ..!!
يبقى أن نذكر أبو مرزوق انه في مفاوضات وقف إطلاق النار عام 2014 اثر الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والتي جرت عبر الوسيط المصري بين الوفد الفلسطيني الذي ترأسه عزام الأحمد بتكليف من الرئيس أبو مازن، والذي ضم ممثلين عن مختلف الفصائل ومنهم حماس بخمسة أعضاء من بينهم موسى أبو مرزوق، في هذه المفاوضات طرح الجنرال الإسرائيلي المفاوض "بولي" قضية رواتب الموظفين من حركة حماس، مطالبا بضرورة تسويتها بصرفها، فكان رد الأحمد أن هذا أمر يتعلق بالشؤون الداخلية الفلسطينية وليس لإسرائيل أن تتدخل فيه، وقد ابلغ الأحمد هذا الموقف لأعضاء الوفد الفلسطيني الذين أيدوه جميعًا، عدا أبو مرزوق الذي كان مع مطلب الجنرال "بولي" ...!!!
إنها دبابة الاحتلال التي تريد أن تحكم كل شيء، وفي كل شأن من شؤون الساحة الفلسطينية، ولم يرى أبو مرزوق ضيرًا في ذلك، فعن أي دبابة يتكلم لتأتي الشرعية على ظهرها(..!!) ولا دبابة هناك سوى دبابة الاحتلال التي ما زالت سلطة حركته الانقسامية تحتمي بظلها ...!! لكنه الظل الخائب الذي لن يدوم، فلطالما ألقم شعبنا هذه الدبابة الحجر تلو الحجر، وبسبب هذه المعرفة وهذا اليقين وهذه الثقة، جاءت دعوة الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية، على لسان الأحمد لأبناء شعبنا في غزة من اجل حجر آخر في هذا الإطار ليتهاوى الانقسام البغيض وتنتهي سلطته الأبغض حتى الأبد.