يستطيع لصوص الأرض ومزيفو التاريخ، الخارجون على الشرعية الدولية والتاريخ، قرصنة أموال الضرائب الفلسطينية، لكن نظامهم العنصري ألاحتلالي الاستعماري لم ولن يفلح أبدا بقرصنة إرادتنا وأهدافنا وثوابتنا الوطنية.

يبدو أن الغزاة والمستعمرين تجمعهم فكرة إخضاع الشعوب بالمال، إما عبر إغداقه على عملائهم أو سرقته من خزائن الشعوب والممتلكات العامة، أو بتدمير مقومات وأركان الحياة الاقتصادية، ولا غرابة عندما نرى التطابق في سياسة نتنياهو سليل غزاة فلسطين قبل حوالي مئة عام، وترامب سليل غزاة القارة الأميركية قبل حوالي ثلاثمائة عام، ولكن من قال أن أهل أميركا الأصليين لن تنبعث فيهم الحياة من جديد، ويستعيدوا أمجادهم في بلادهم عندما يلمس أحفادهم قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة الحملات الاستعمارية الاحتلالية الاستيطانية الإسرائيلية الأميركية المزدوجة، والصمود وتحقيق الانتصار وانجاز الاستقلال الوطني، وعندما يشاهدون إبداع أحفاد جيل النكبة الفلسطينيين وهم يبدعون أساليب وأدوات المقاومة المشروعة.

لا يملك الفلسطينييون طائرات حربية تكتيكية ولا إستراتيجية، ولا يملكون جيوشا وصنوف أسلحة برية وبحرية وجوية، ولا صواريخ كروز وتوماهوك وs) 400) أو دبابات الميركافا، كما لا يمكنهم على الإطلاق إنشاء نظام دفاعي كنظام القبة الحديدية أو الباتريوت، لكنهم يملكون (إرادة ماسية) تقاوم الحديد والفولاذ، وفوق كل ذلك تشع بقيم الحق والأخلاق والحرية.

يملك الفلسطينييون طاقات وقدرات شبابية، تنبعث عند كل منعطف تاريخي لتؤكد ان الشعوب التي تستحق مكانها تحت الشمس هي الشعوب المتجذرة لكنها متجددة، الشعوب المتأصلة لكنها المتطورة، الشعوب الغنية بالإرث الحضاري، والأغنى بالتواصل مع الإنسانية.

لا يمتلك الفلسطينييون الطائرات الشبح (f35) ولا يمتلكون الرادارات، لكن (طائراتهم الورقية) تدفع منظومة دولة تدعي إنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط للانخراط في عصابات الإجرام الدولي، حتى بات الأحرار في العالم يعرفون (دولة الاحتلال) إسرائيل بأنها (دولة القراصنة) لا يستولون ويسرقون أموال الشعب الفلسطيني وحسب، بل أرضه، ويسفكون دماء شبابه ونسائه وأطفاله، ويغتالون الإنسانية.

لا مجال للمقارنة بين دمار صواريخ طائراتهم وخاصة تلك المسيرة عن بعد، وبين الخسائر التي تسببها طائرات الشباب الفلسطينيين الورقية ذات الذيل الناري، لكن عندما يرى المحتلون المستعمرون الطائرة الورقية الفلسطينية وكأنها تنين أسطوري، فهذا شأنهم، لأنهم وحدهم يعرفون ويعلمون إلى حد اليقين أنهم يقفون في جبهة الباطل، وأن ما زرعوه في عروق أرضنا فاسد، وما أنشأوه عليها جريمة.

يرى جنرالات وساسة (دولة الطائرات والصواريخ الحربية والرؤوس النووية) في الطائرات الورقية سلاحا مرعبا! ليس باعتبار الحرائق التي تسببها في مزروعات وحقول المستوطنين في مستعمرات ما يسمى غلاف غزة وحسب، بل لأن الجيل الرابع والخامس للنكبة ما زال يبدع الوسائل لإشهار رسائله للعالم وتأكيد حقه في الحرية والاستقلال والعودة، فالطائرات الورقية المسيرة بخيط رفيع أوله في قبضة ساعد شاب فلسطيني اسمر وآخره في قلب طبق من ورق مدعوم بالقصب، ليست إلا علامة على قدرة هذا الشعب على التحليق نحو السماء، وتطيير الآمال فوق الأسلاك الشائكة والجدران وحقول الألغام المانعة بين أرجاء الوطن، حتى يعم السلام كل الوطن.