انطلقت مساء امس، أمام حشد مهيب من الإعلاميين العرب والأجانب في فلسطين وتحديدا من أمام ضريح الرئيس الشهيد أبو عمار حملة المقعد الطائر وهي إحدى حملات «فلسطين تستحق» معلنة عن انطلاق واقعي ومدروس لمسيرة كرسي يرمز لمقعد فلسطين في الأمم المتحدة، بحيث يتجه هذا المقعد نحو ثمان عواصم عربية ودولية وصولا إلى نيويورك مدعوما خلالها بهبة جماهيرية ورسمية في كل عاصمة يحل بها، وذلك بغرض تجسيد المسعى الفلسطيني للحصول على مقعد دائم لفلسطين في الأمم المتحدة وحشد التأييد اللازم في تلك العواصم.
ويأتي مفهوم الحملة ليجسد وبرمزية خلاقة خطاب الرئيس أبو عمار الشهير امام الأمم المتحدة عام 1974 كنتاج واقعي وطبيعي لنضالات الشعب الفلسطيني الذي ثابر في الحفاظ على هويته بهدف نيل استقلاله وانعتاقه من الاحتلال وتثبيت مقعد دولته بين مقاعد الامم، بعد أن ثبتت لشعوب عدة نحترمها ونقدرها مقاعدها وعضويتها الدائمة في الأمم المتحدة بينما راوح العالم في مكانه أمام تحقيق حرية شعب عانى ويعاني من احتلال عسكري بغيض.
ولما كان الحراك السياسي الفلسطيني الرسمي قد دخل في مراحل دقيقة للغاية في هذا المضمار، فإن الحراك الشعبي لا بد أن ترتفع حرارته في الأسابيع المقبلة ليأتي كدعامة أساسية لفكرة التوجه للأمم المتحدة.
وتأتي براعة حملة المقعد الطائر ليس فقط من باب تقديمها لفكرة نوعية وإبداعية في تصميم كرسي رمزي لفلسطين يحاكي مقاعد الأمم المتحدة ويختار محطات وعواصم تحتل مواقع مهمة ومؤثرة فحسب بل أيضا لأن الحملة برمتها قد اختارت أن تستحث الجاليات الفلسطينية في الشتات وهم الذين غابوا عن مشهد القرار ولم تغب أعينهم عن وطنهم، إضافة إلى تحفيز الاحزاب الصديقة في تلك الدول وتعزيز الدعم الشعبي الاممي خدمة للموقف الفلسطيني.
وهنا يستحضرني ما سبق وأن كتب في الماضي عن أهمية العمل مع جالياتنا في الخارج وأهلنا في الداخل ممن غابوا عن المساهمة في القرار جراء التباينات السياسية على اختلافها. لكن ما لا يغيب عن ذهني ووجب التأكيد عليه ان قرار الحملة المحوري وبتوجهها للجاليات والمخيمات إنما يأتي أيضا للتشبث بالموقف الوطني المستند إلى أن التوجه للأمم المتحدة لا يعني تجاوز منظمة التحرير الفلسطينية ولا التنازل عن حق العودة كما أثير في العديد من المداخلات والمقالات الأمر الذي جرى نفيه وتفنيده مرارا وتكرارا من قبل القيادة الفلسطينية.
لذا فإن طيران المقعد الرمزي من عاصمة لأخرى يأتي لضمان هبوط آمن للدولة الفلسطينية التي لاحت ملامحها في الأفق دون أن تتبلور إلى واقع ملموس، إضافة إلى ترسيخ الثوابت الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها