)القدس قادرة على جمع الأتراك مع العرب(

كنت قد قرأت بإعجاب تصريحات وزير الخارجية التركي السيد جاويش اوغلو التي أدلى بها في باريس يوم السبت 2018/1/6 على هامش زيارة الرئيس أردوغان لفرنسا حيث قال:" إن العلاقات مع إسرائيل ستستمر بسبب المصالح المشتركة، على الرغم من أجواء التوتر حول الملف الفلسطيني".

كما أكد وزير الخارجية التركي بأن تركيا ليست معادية للسامية ويمكن التحقق من هذا بسهولة من خلال زيارة أي يهودي لتركيا أو يمكن التأكد من صدق ذلك من خلال اليهود القاطنين في اسطنبول وهذا كلام أتفق فيه تماماً، فلم ولن تكن مشكلتنا مع اليهود على خلفية دين أو عرق ولن ندخل في هذا المربع الذي يرغب البعض بإقحامنا فيه .

في الحقيقة تٌعجبني هذه التصريحات السياسية الواقعية أكثر من التصريحات الانفعالية التي يتم التراجع عنهـــا لاحقاً وبسهولة .

ما أقوله بوضوح ليس من المطلوب من تركيا بأن تقوم بمقاطعة إسرائيل في ظل الوضع السياسي الحالي، فتركيا كذلك لهــا مصالح مع إسرائيل، وحتماً ليس من المطلوب من تركيا بأن تُعد جيش للهجوم على إسرائيل لتحرير القدس وتسليمها لاحقاً لجامعة الدول العربية أو لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن يظن بأن تركيا ستفعل ذلك فهو واهم، ومن يطالب تركيا بأن تقوم بذلك فهو واهم ونائم ولا علاقة له بالسياسة .

بالنسبة لي أرجو من كل الدول الداعمة لقضية فلسطين بأن تبتعد عن الشعارات الرنانة والمسميات التي تٌسبب الأذى لقضيتنا فلا يوجد أي داعي لتسمية جيش بإسم جيش القدس مثلاً، وهذا الجيش لا علاقة له بالقدس ولا بفلسطين .

بوضوح ..تركيا دولة إسلامية هامة وبل هي دولة إسلامية عظمى وهذا كما أرى مصدر فخر لنـــا كعرب وفلسطينيين، ويمكن البناء علي قوة تركيا لتعزيز ودعم الموقف الفلسطيني والعربي وكذلك يمكن البناء على قوة تركيا في دعم موقفنــــا من القدس التي يجب أن تكون عاصمة دولة فلسطين .

يربطنا مع تركيا تاريخ فيه الكثير مما يٌقال، ولكن بالنتيجة تركيا دولة جارة ومسلمة، وتمثل نموذج ناجح جمع بين الديمقراطية والإسلام، ونرجو لهذا النموذج أن يتعزز بالمزيد من الديمقراطية والانفتاح .

وبعيداً عن التأييد المطلق أو المعارضة المطلقة لتركيا ودورهـــا في المنطقة، أقول ببساطة شديدة تركيا دولة جارة ويجمعنا بها ثوابت مشتركة منهـــا الموقف من القدس وهذا يكفي للبناء عليه في تعزيز العلاقات الفلسطينية التركية والعربية التركية .

بالنسبة لي قلت سابقاً بأنه من الممكن أن يكون لتركيا دور في المفاوضات المٌقبلة من أجل تحقيق السلام في أرض السلام، والسؤال بالنسبة لي هل سيكون هذا الدور هو دور وسيط أم طرف مباشر؟ .

هناك فرق فالوسيط يجب أن يكون على علاقة حسنة ومميزة مع كل الأطراف، أمَّا الطرف فهو صاحب موقف .

ما زلت أرى بأنَّ الدور التركي في المفاوضات هو دور الوسيط الواعي لخطورة الصراع في المنطقة، وقد يكون لتركيا حضور كطرف إذا نجحنـــا في إعادة الاعتبار لفكرة المؤتمر الدولي للسلام .

بكل الأحوال لو عملت تركيا بجد ليكون لها دور في المفاوضات القادمة، فهذا يتطلب بالإضافة إلى العلاقات مع إسرائيل علاقات مع العرب وبشكل خاص مع المجموعة الوزارية السداسية المنبثقة عن الجامعة العربية .

لهذا نرى ضرورة تعزيز العلاقات العربية التركية فوراً، وحل كل الإشكاليات العالقة وبشكل خاص مع مصر وندعو تركيا للتقارب مع العرب من قاعدة التعاون والبناء المشترك بعيداً عن أي تدخل سلبي في شؤون الدول العربية .

(القدس قادرة على أن تجمع تركيا مع العرب ).